هل يتأثر فيروس كورونا بالفصول؟.. خبراء يتوقعون سيناريو الصيف والفرضيات

منذ الأيام الأولى لتفشي فيروس كورونا المستجد في أوروبا طرحت تساؤلات عديدة، فهل يختفي وباء كوفيد-19 مع حلول فصل الصيف تماماً كأنفلونزا موسمية عادية؟ وبعد ثلاثة أشهر، يعيد التراجع العام للإصابات الذي سجل في أوروبا في نهاية فصل الربيع إلى الواجهة فرضية كون فيروس كورونا المستجد «موسمياً».

وهذه الفكرة ليست بعيدة عن «فيروس يصيب الجهاز التنفسي» وكان موضع دراسات ضمن سيل التقارير العلمية التي رافقت تفشي الوباء.
وأعلن خبير الأوبئة أنطوان فلاهو «الكثير من فيروسات الجهاز التنفسي موسمية كالإنفلونزا والفيروس المسبب لالتهاب القصبات الهوائية لدى الرضع».

وقد يكون فيروس كورونا المستجد أيضاً موسمياً، ويتأثر بدرجات الحرارة والرطوبة وأشعة الشمس أو سلوك البشر. فما الحجج وراء هذه التأكيدات؟

بدايةً ظهر هذا الفيروس «خلال فصل الشتاء في الصين القارية» نهاية العام الماضي. وقال فلاهو: «ثم تفشى بشكل كبير في المناطق المعتدلة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بين يناير ومايو» في حين أن «نشاطه كان أقل في المناطق المعتدلة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية».

وأضاف الخبير الذي يشرف على معهد الصحة العامة في جامعة جنيف إنه منذ أسابيع «نلاحظ في جميع أنحاء العالم تراجعاً كبيراً في قوة الفيروس باستثناء بعض المناطق في النصف الشمالي من الكرة الأرضية كالسويد وبولندا وبعض الولايات الأميركية».

وتابع أنه على العكس «مع اقتراب فصل الشتاء تشهد الأرجنتين وتشيلي وجنوب البرازيل وجنوب إفريقيا تفشياً كبيراً للوباء يذكرنا بما مررنا به قبل أشهر. الانطباع هو أن ثمة ما يكبح تفشي الفيروس في فصل الصيف لكن بشكل جزئي ربما، ولن يمنع بالضرورة تفشياً معتدلاً طوال فصل الصيف في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية».

من جهته، أشار رئيس المجلس العلمي حول كوفيد-19 الذي يقدم المشورة للحكومة الفرنسية بشأن الوباء، جان فرنسوا دولفريسي، أيضاً إلى هذه الفرضية.

وصرح لإذاعة «فرانس انتر» أن «السيناريو الأول» المرتقب للصيف هو «السيطرة على الوباء» في البلاد بفضل «نتائج تدابير العزل» وأيضاً «بكون هذا الفيروس ربما يتأثر بالحرارة».

لكن فرضية كون «كوفيد-19» وباء موسمياً يصعب التحقق منها على حد قول أخصائي الأمراض المعدية بيار تاتفان الذي أضاف «كان العزل تاماً عندما كانت ترتفع درجات الحرارة وأشعة الشمس في فرنسا وأوروبا». بالتالي من الصعب التمييز بين تأثير المواسم وآثار العزل على التباطؤ الحالي للوباء.

وأكمل الطبيب في المركز الاستشفائي الجامعي في رين: «هناك معايير عدة يجب أن تؤخذ في الاعتبار، وبالتالي لا نعرف ما له صلة بالمناخ أو الموسم أو تيقظ الناس».

وخلصت دراسة أعدها باحثون من جامعة برينستون الأميركية في مايو الماضي ونشرت في مجلة «ساينس» إلى أنه كان للمناخ تأثير ثانوي على تفشي الفيروس عند بداية ظهوره. وقالت رايتشل بايكر، المشرفة على الدراسة، إن «الفيروس يتفشى بسرعة مهما كانت أحوال الطقس».

وثمة عامل أكثر أهمية لانتشار الفيروس بشكل طبيعي، وهو المناعة الجماعية الضعيفة حيال الوباء.

وذكر فلاهو أن كون الفيروس موسمياً كالإنفلونزا لا يقتصر على درجات الحرارة والرطوبة فقط. يدخل أيضاً في المعادلة ضوء الشمس (دور الأشعة فوق البنفسجية في تدمير غلاف الفيروس) وسلوك البشر المرتبط بالفصول (تمضية وقت أكبر في الخارج عندما يكون الطقس جميلاً).

والأنفلونزا لا تسبب وباء إطلاقاً في الصيف في أوروبا؛ لكنها تتسبب بذلك طوال السنة في المناطق المدارية.

وفيروس كورونا موسمي يعطي الأمل بأن يكون الصيف أكثر هدوءاً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، لكنه أيضاً يفتح الباب أمام فصلي خريف وشتاء أكثر تهديداً «مع مخاطر عالية من عودة تفشي الوباء» مع الطقس البارد.

وأضاف فلاهو «إنها فرضية ذات مصداقية إذا ما سلمنا بفكرة العامل الموسمي. هناك دائماً موجة ثانية لأوبئة الأنفلونزا (1918-1920 و1957-1958 و2009-2010) دائماً خلال فصل الشتاء في المناطق المعتدلة من النصف الشمالي من الكرة الأرضية».

الأكثر مشاركة