عالمان أميركيان يؤكدان: «كورونا» قد يبقى معنا لسنوات
يروق للناس المتعبين المنزويين في بيوتهم أن يسمعوا من يقول لهم إن الحياة ستعود إلى حالتها الطبيعية، بمجرد أن نحصل على اللقاح الذي سيحمينا من الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد. لكن عالمين أميركيين رجّحا أن الوباء باقٍ معنا لسنوات طوال. وقال العالمان الدكتور اميتاي إيتزيوني، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، والدكتورة روث ب. إيتزيوني، عالمة الإحصاء الحيوي بمركز فريد هاتشنسون لمكافحة السرطان، إن «الناس تحلم بأنها بمجرد أن يتم تطعيمها وتصبح محصنة، سيستطيعون مرة أخرى الانطلاق مع غيرهم من آلاف الأشخاص لتشجيع فريقهم الكروي، ودعوة أكبر عدد يريدونه من الناس لحضور حفلات الزفاف وغيرها». وذكر العالمان في تقريرهما، الذي نشرته، أمس، مجلة «ذا ناشيونال إنتريست» الأميركية، أن بيل غيتس يقول إنه حتى «إذا تمكنت أفضل علاجاتنا من خفض حالات الوفاة بأقل من 95%، سنظل في حاجة للقاح قبل أن نعود إلى حياتنا الطبيعية». وذكرت كارولين كوهين، في نافذة الأخبار الاستقصائية الأميركية أن «الأمل والرغبة في الحصول على لقاح لإنهاء التدمير العالمي يتزايدان مع مرور كل أسبوع».ويتوقع خبير المناعة والأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فوشي، أنه «بحلول عام 2021، نأمل أن تتوافر لدينا 200 مليون جرعة». وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن إدارة ترامب تسعى جاهدة إلى الحصول على لقاحات قبل الانتخابات الرئاسية، حتى إذا كان ذلك ينطوي على اختصار فترة اختبارات السلامة المختلفة للقاحات. ومع ذلك، يتعين مراعاة أنه حتى إذا ثبت أن اللقاح فعال وآمن، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل إنتاجه بكميات كبيرة واستخدامه، بسبب التحديات التي يمثلها إنتاج المليارات من اللقاحات. ويضم المخزون الوطني الاستراتيجي 2% فقط من الــ650 إلى 850 مليون من الإبر والمحاقن المطلوبة لعمليات التطعيم الجماعي.ويقول ريان كروس، وهو مدير مبيعات، إنه «ليس لدى أي شركة في الوقت الحالي القدرة على إنتاج كميات كافية من اللقاح للولايات المتحدة كلها. ويقدر البعض أنه من الممكن أن تستغرق عملية التطعيم الجماعي أربعة أعوام».وبدأت بعض الشركات، مثل «جونسون آند جونسون»، و«مود ديرنا»، في أن تزيد بالفعل من طاقتها التصنيعية استعداداً لتوزيع أكثر من مليار لقاح، وشكل البيت الأبيض أيضاً شراكة بين القطاعين العام والخاص، للتعجيل ببناء طاقة تصنيع قبل اكتمال الاختبارات السريرية. كما أن وزارة الدفاع أخذت زمام المبادرة في تأمين لوجستيات التصنيع. ولكن الجنرال جوستاف ف. بيرنا، المسؤول عن هذه الجهود قال لصحيفة «نيويورك تايمز» إن «المناقشات بشأن المعدات والمنشآت المطلوبة بدأت للتو».ويقول العالمان إن «الخبراء الطبيون يتوقعون أنه لن يكون هناك لقاح كاف لسنوات عدة على الأقل بكل تأكيد تقريباً، حتى في ظل الجهد غير المسبوق لإنتاج مليارات الجرعات. ومن المحتمل أنه ستكون هناك حاجة إلى تطعيم نحو 70% من سكان العالم، أو 5.6 مليارات شخص لبدء تكوين مناعة القطيع وإبطاء انتشار الفيروس».ولكي ينجح اللقاح، سيتعين أن يوافق معظم الناس على تطعيمهم. فعندما تم انتاج لقاح شلل الأطفال عام 1955، تم القضاء على شلل الأطفال في الولايات المتحدة. ومع ذلك استمر الأمر حتى 1979 للتأكد من عدم وجود حالات شلل أطفال جديدة. أما في أنحاء العالم فيحتاج الأمر إلى جهود غير عادية دعمتها منظمة الصحة العالمية والمنظمات غير الحكومية، لإقناع الناس في الدول النامية بسلامة اللقاح وإقناعهم بالتطعيم. ومازال شلل الأطفال يمثل تهديداً في بعض الأماكن.وكذلك هناك نظريات مؤامرة ضد اللقاح، فهناك من قال إن «التطعيم يسبب مرض التوحد»، والبعض قال إن «التطعيم يقوض المناعة الطبيعية للجسم، وإن اللقاحات تحتوي على مواد سامة». وشهدت السنوات الأخيرة زيادة في الحركات المعادية للتطعيم. ويتضح من ذلك أنه لكي ينجح اللقاح، لا يحتاج الأمر فقط لأن يكون آمناً وفاعلاً ومتاحاً على نطاق واسع، ولكن سنحتاج أيضاً إلى إقناع الناس بالموافقة على تطعيمهم، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً.
تطعيم سكان العالم
قال العالمان أميتاي وروث: «إنه حتى إذا تم تطعيم الجميع في العالم - وهي مهمة ضخمة للغاية - لن تكون لدينا بعد مناعة القطيع التي نتطلع إليها، لأن كثيراً من اللقاحات ليست فاعلة، كما تتطلب مثل هذه المناعة. وتحتاج مناعة القطيع أن يصل عدد السكان الذين لديهم مناعة لما يراوح بين 70 و90% من إجمالي السكان. فبالنسبة لفيروسات مثل الإنفلونزا، كان التطعيم فاعلاً فقط في منع 40 إلى 60% من السكان من الإصابة بالإنفلونزا». وتابعا أنه «في جميع الأحوال من الأفضل أن ندرك أن الفيروس سيبقى معنا طوال سنوات، وأن نقبل أن المعيشة العادية الجديدة في ظل مختلف إجراءات السلامة، وكذلك عمليات الاختبار وتتبع المخالطة، ستظل معنا حتى في حالة توافر تطعيم على نطاق واسع».
من المحتمل أن نحتاج إلى تطعيم نحو 70% من سكان العالم، أو 5.6 مليارات شخص لبدء تكوين مناعة القطيع، وإبطاء انتشار الفيروس.