«جيرلان»: طريق العطور من تونس إلى باريس
بدءاً من قطف الأزهار المتفتّحة في الصباح، وصولاً إلى تقطيرها في الليل، يتوجّه صانع العطور الرئيس لدى «جيرلان»، تييري واسر، إلى نابل في تونس كل شهر أبريل للإشراف على المغامرة التي تمتد إلى ثلاثة أسابيع، وهي إنتاج «النيرولي».
حيث نقوم بتصنيع زيت النيرولي الخاص بنا، والإشراف على كامل عملية الإنتاج، بدءاً من البراعم وصولاً إلى القارورة.
حيث إن كل جزء من شجرة البرتقال المرّ (النارنج) يشكّل عطراً.
وللحصول على زيت النيرولي، يتمّ تقطير الأزهار في بخار مائي. أو يتمّ تصنيع مادة مشتركة عن طريق عملية استخلاص مادة مذيبة تتحوّل لاحقاً إلى خلاصة. ويتمّ استخدام فاكهة البرتقال بنفسها للحصول على خلاصة البرتقال المرّ، في حين يتمّ تقطير الأوراق لإنتاج زيت البرتقال المرّ العطري. وتؤدي عملية الاستخلاص إلى خلاصة زيت البرتقال المرّ العطري.
وتشكّل شجرة النارنج جزءاً من العائلة الحمضيّة، وهي شجرة برتقال مرّ قوية تتلاءم بشكل مثالي مع تربة نابل ومناخ منطقة رأس الطيب في تونس.
ويتمّ الحصول على الأزهار من حدائق كثيرة مختلفة، وتُقطف من الأشجار في الصباح الباكر. وتحوّل بعد ذلك إلى متلقي يتمحور عمله حول تسليم الحصاد اليومي إلى المصنع. بعد ذلك، وكي لا تبقى الأزهار المتفتحة في الأكياس وتذبل، يتمّ نشر الأزهار فوراً على أرض المصنع قبل سكبها في خزانات التقطير. وفي حين يمكن قطف ما يصل إلى خمسة أطنان من الأزهار يومياً، إلا أنه يجب تقطيرها جميعها بشكل فوري بين ليلة وضحاها، ليبقى عطرها ثابتاً وبأفضل حالاته. وبعد وضع الأزهار داخل الخزان، تتمّ إضافة المياه وتبدأ العملية التي تشبه الطهي بالضغط مع إرسال البخار المحمّل بالعطر في أنبوب. ثم مع مرور الأنبوب في الماء البارد، يتحوّل البخار إلى مزيج من الماء والخلاصة. وتطفو أي خلاصة أخف من المياه في أداة فصل الزيوت العطرية.
ويقول تييري واسر: «نختار البراعم المتفتحة في الصباح الباكر، ونقوم بتقطيرها في الليل وسط السحب الغامضة من البخار التي تتشكّل حول خزانات التقطير المعدنيّة». ويضيف: «نحتاج إلى آلاف البراعم المتفتحة للحصول على قطرة واحدة من العطر».
وخلال فترة ثلاثة أسابيع، يتمّ حصاد كميات كبيرة من الأزهار يومياً. وطوال هذه الفترة، غالباً ما تختلف جودة الخلاصة والنتيجة النهائية. فكلما تأخر تفتح البراعم، كانت غزيرة ومحمّلة بالزيوت العطرية، وكانت النتيجة أقوى. أما بالنسبة إلى الحصاد العادي، يستغرق عادةً إنتاج كيلوغرام واحد من الخلاصة طناً من الأزهار.
ويختم واسر بالقول: «في طريق عودتي إلى المنزل، وأنا في الطائرة، يمكن استنشاق خلاصة النيرولي على ملابسي من بُعد 300 متر».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news