تطعيم الطفولة قد يحمي من الإصابة بـ «كوفيد-19»
تناقش أحدث الدراسات العلمية عن فيروس «كورونا» المستجد الجهود المبذولة للتوصل لعلاج أو لقاحات لمرض «كوفيد-19»، الذي يسببه الفيروس، ومن هذه الدراسات ما تطرّق إلى أن التطعيم خلال الطفولة قد يساعد في الوقاية من الإصابة الحادة بـ«كوفيد-19».
وتشير بيانات جديدة إلى أن الأشخاص الذين استجابت أجهزتهم المناعية بقوة للقاح الثلاثي ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (إم.إم.آر) قد يكونون أقل عرضة للإصابة بشكل حاد إذا أصيبوا بفيروس «كورونا» المستجد. ويعمل لقاح (إم.إم.آر 2)، الذي صنعته شركة «ميرك»، وتم ترخيصه عام 1979، على تحفيز جهاز المناعة لإنتاج الأجسام المضادة.
وأفاد الباحثون، أمس، في دورية «إم بي آي أو» بأنهم وجدوا أن من بين 50 مريضاً بـ«كوفيد-19» تقل أعمارهم عن 42 عاماً، الذين تم تطعيمهم بلقاح «إم.إم.آر 2» وهم أطفال، أنه كلما ارتفعت مستويات الأجسام المضادة التي تُسمى «إي جي جيه»، التي ينتجها اللقاح الموجهة ضد فيروس «النكاف» على وجه الخصوص، كانت أعراضه أقل حدة. وكان «كوفيد-19» بلا أعراض لدى الأشخاص الذين كانت لديهم أعلى نسبة من الأجسام المضادة لـ«النكاف». وهناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحوث لإثبات أن اللقاح يقي من الإصابة الحادة بـ«كوفيد-19». ومع ذلك قال جيفري غولد، الذي شارك في الدراسة في بيان: «إن النتائج الجديدة تفسر انخفاض معدل إصابة الأطفال بـ(كوفيد-19) بشكل كبير، مقارنة مع البالغين، فضلاً عن معدل وفيات أقل بكثير». وأكمل: «الأطفال يحصلون على أول لقاح ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية في عمر يراوح بين 12 و15 شهراً، بينما يحصلون على التطعيم الثاني من عمر أربع إلى ست سنوات».
دخان السجائر
في سياق متصل، وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس أن التعرّض لدخان السجائر يجعل خلايا مجرى الهواء أكثر عُرضة للإصابة بفيروس «كورونا» المستجد. وحصلوا على الخلايا المبطنة لمجرى الهواء من خمسة أفراد غير مصابين بـ«كوفيد-19»، وعرّضوا بعض الخلايا لدخان السجائر في أنابيب الاختبار. ثم قاموا بتعريض جميع الخلايا لفيروس «كورونا».
وقال الباحثون في دورية «سيل ستيم سيل» إنه عند المقارنة بالخلايا التي لم تتعرض للدخان كانت الخلايا المعرضة للدخان أكثر عرضة مرتين أو ثلاث مرات للإصابة بالفيروس. وأظهر تحليل خلايا مجرى الهواء لكل فرد على حدة أن دخان السجائر يقلل من الاستجابة المناعية للفيروس. وقالت بريجيت جومبيرت، التي شاركت في البحث: «إذا اعتبرت الممرات الهوائية مثل الجدران العالية التي تحمي قلعة، فإن تدخين السجائر يشبه إحداث فجوات في هذه الجدران، فالتدخين يقلل من الدفاعات الطبيعية، وهذا يسمح للفيروس بالدخول والاستيلاء على الخلايا».
موت الخلايا المصابة
تموت الخلايا المصابة بفيروس «كورونا» المستجد في غضون يوم أو يومين، ووجد الباحثون وسيلة لمعرفة ما يفعله الفيروس بها.
ومن خلال دمج تقنيات التصوير المتعددة رأوا أن الفيروس ينشئ مصانع لنسخ الفيروسات في الخلايا التي تشبه مجموعات بالونات. وقال الباحثون في دورية «سيل هوست آند ميكروب» هذا الأسبوع إن الفيروس يعطل الأنظمة الخلوية المسؤولة عن إفراز المواد. وقال رالف بارتنشلاغر، المشارك في إعداد الدراسة من جامعة هايدلبرغ في ألمانيا: «إنه علاوة على ذلك، فإن الفيروس يعيد تنظيم (الهيكل الخلوي)، الذي يعطي الخلايا شكلها، ويعمل مثل نظام السكك الحديدية للسماح بنقل الشحنات المختلفة داخل الخلية». وقال بارتنشلاغر: «عندما أضاف فريقه أدوية تؤثر في الهيكل الخلوي، واجه الفيروس مشكلة في نسخ نفسه، ما يشير إلى أن الفيروس يحتاج إلى إعادة تنظيم الهيكل الخلوي، من أجل التكاثر بكفاءة عالية». وأضاف: «لدينا الآن فكرة أفضل بكثير عن كيفية قيام (سارس-كوفي-2) بتغيير البنية داخل الخلايا للخلية المصابة، وهذا سيساعدنا على فهم سبب موت الخلايا بهذه السرعة».
وقال: «إن فيروس (زيكا) يسبب تغيرات مماثلة في الخلايا، لذلك قد يكون من الممكن تطوير أدوية لـ(كوفيد-19) تعمل ضد الفيروسات الأخرى. وينتقل فيروس (زيكا) من خلال لسع البعوض، ويسبب ما يعرف بـ(حُمى زيكا)، التي لها صِلة بصغر الرأس في الأطفال حديثي الولادة.
«أسترا زينك» يبدو مبشراً
أفاد باحثون في دورية «لانسيت» بأن لقاح «كوفيد-19» التجريبي لـ«أسترا زينك» وجامعة أوكسفورد أنتجا استجابات مناعية قوية لدى كبار السن، خلال تجربة في مرحلة متوسطة. ومازالت تجارب المراحل المتأخرة تجري للتأكد مما إذا كان اللقاح يحمي من «كوفيد-19» في مجموعة واسعة من الأشخاص، من بينهم المصابون بأمراض أساسية. وشملت الدراسة الحالية 560 متطوّعاً سليماً، من بينهم 240 عمرهم 70 عاماً أو أكثر. وتلقى المتطوّعون جرعة أو جرعتين من اللقاح، المصنوع من نسخة ضعيفة من فيروس الزكام الشائع الموجود في الشمبانزي، أو دواء وهمي. ولم يتم تسجيل أي آثار جانبية خطيرة. وتم استبعاد المشاركين الذين تزيد أعمارهم على 80 عاماً، والمرضى الضعفاء جسدياً، والمصابين بأمراض مزمنة أساسية، وذلك طبقا لمقال افتتاحي نُشر مع الدراسة.
وقال معدو الدراسة: «يعرف بشكل متزايد أن الوهن يؤثر في استجابة كبار السن للقاحات. من المهم وضع خطة لأخذ الضعف الجسدي في الاعتبار عند تطوير لقاح (كوفيد-19)».
جيفري غولد: «النتائج الجديدة تفسر انخفاض معدل إصابة الأطفال مقارنة بالبالغين».
بريجيت جومبيرت: «الممرات الهوائية مثل جدران عالية تحمي قلعة، والسجائر تحدث فجوات في هذه الجدران».