«موفمبر» ترفع شعار رجال أصحاء.. يا أصحاب الشوارب انتبهوا

مع حلول شهر نوفمبر من كل عام، يتجدد الالتزام بقضية صحية مهمة تخص شريحة واسعة من الرجال حول العالم، فيما تتحول هذه الفترة من العام كل مرة، إلى منصّة عالمية لزيادة الوعي العام بأمراض السرطان التي تصيب الرجال والقضايا المرتبطة بصحتهم، مثل سرطان البروستاتا، والصحة العقلية، وقلة النشاط البدني.

ويتخذ شهر نوفمبر شكلاً مميزاً يتمثل في حملة Movember، في الوقت الذي يقوم عدد كبير من الرجال بتربية شواربهم ليس لمجرد متابعة آخر صيحات الموضة أو تغيير الشكل والمظهر، وإنما لدعم جهود الحملة التي يستقطبها هذا الشهر ورفع مستويات الوعي بأهمية الفحص الطبي والاكتشاف المبكر لأمراض السرطان.

وبدأت حملة «موفمبر» في أستراليا ونيوزيلندا في عام 2003، عندما قررت مجموعة من الأصدقاء تربية الشوارب، بهدف الإعلان عن هذا الحدث السنوي ودعم الوعي بأهمية القضايا المتصلة بصحة الرجال، وسرعان ما تحولت هذه الفكرة إلى حركة عالمية تنمو سنوياً، حيث تم في عام 2007 إطلاق الحملة في بلدان مثل إيرلندا وكندا والتشيك والدنمارك والسلفادور وإسبانيا والمملكة المتحدة وجنوب إفريقيا وتايوان والولايات المتحدة، وصولاً إلى عام 2011، إذ أعطاها الكنديون زخماً أكبر، باعتبارهم أكبر المساهمين في الجمعيات الخيرية حول العالم، ليلتزم الرجال من ثم بتربية شواربهم خلال هذا الشهر، بهدف تشجيع فئات أوسع على الاهتمام بصحتهم، وإجراء الفحوص الطبية الدورية، وكسر الصمت المحيط بقضايا الصحة العقلية.

في الإطار نفسه، ومنذ انطلاقها، نجحت مبادرة «موفمبر» في تحقيق تغيير ملحوظ، بعد أن تم حتى الآن، جمع أكثر من 560 مليون دولار لمصلحة أبحاث السرطان، وبشكل مواز، دعم مشاريع متعددة تعالج بعض القضايا الصحية العاجلة.

كما أحدثت هذه الحركة أثراً كبيراً في الوعي العام، بعد أن جعلت الرجال أكثر استعداداً للتحدث عن مشكلاتهم الصحية وطرحها بشكل صريح وشجاع، وبالتالي طلب المساعدة. هذا، في الوقت الذي امتدت الحملة لتشمل شركات ومؤسسات بدأت بتشجيع موظفيها على المبادرة بالمساعدة وتنظيم فعاليات عدة من شأنها زيادة الوعي، ما أسهم في خلق ثقافة تحفز على الانفتاح والحوار لحل بعض هذه المشكلات الصحية.

نقاشات ثرية

وتكمن أهمية حملة Movember في التركيز على الأمراض التي تؤثر بشكل خاص في الرجال، فسرطان البروستاتا، على سبيل المثال، هو ثاني أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين الرجال حول العالم، كما يُعدّ ثاني مسبب خطير للوفيات بعد سرطان الرئة، إذ تشير الأرقام إلى أنه يصيب أكثر من 14 مليون شخص حول العالم، في الوقت الذي يُعدّ سرطان الخصية أكثر الأمراض السرطانية شيوعاً بين الشباب من الذكور. لهذا السبب، يمكن للوعي والتشخيص المبكر أن ينقذا حياة كثيرين، وهذا ما تهدف الحملة إلى تحقيقه.

ولم تتوقف جهود «موفمبر»عند هذا الحد، لأنها تطرّقت بجرأة واضحة كذلك، إلى موضوع الصحة العقلية الذي طالما غاب عن الأضواء في هذه النوعية من النقاشات. وأسهمت الحملة في تحطيم العديد من الحواجز المتعلقة بصحة الرجال النفسية والجسدية، على اعتبار الشهر فرصة حقيقية لتبادل المعرفة وتسليط الضوء على الأبحاث العلمية، والمشاركة في الفعاليات والأنشطة المختلفة، التي تهدف إلى دعم الأبحاث العلمية وجمع التبرعات، واتخاذ خطوات فاعلة لدعم أهدافها الأهم.

دروس

ومن المهم أن يستثمر الرجال هذا الشهر لتعلم المزيد عن صحتهم والتحدث بشكل مفتوح حول التجارب التي يعيشونها، ومن ثم تقليل المخاطر المترتبة على سرطان البروستاتا.

وتبرز الحملة أهمية الكشف المبكر والمتابعة الدورية مع الطبيب، خصوصاً الرجال الأكثر عُرضة للخطر بناء على مقتضيات العمر والتاريخ العائلي والعوامل الجينية، مع التأكيد على أهمية طلب المساعدة والدعم النفسي عند الحاجة، إضافة إلى التركيز على اتباع نمط حياة صحي يضمن تغذية متوازنة وممارسة منتظمة للحركة والنشاط والتمارين الرياضية.

• 2003 العام الذي رأت فيه المبادرة النور بأستراليا ونيوزيلندا لتنطلق بعدهما إلى بلدان عدة.

عمل مشترك

 

لا يمثل شهر نوفمبر فقط فترة لتربية الشوارب، بل هو دعوة مستمرة إلى التوعية والعمل المشترك، من أجل تعزيز صحة الرجال، ودعم الأبحاث لمكافحة أنواع السرطانات التي تصيب الرجال خصوصاً، والانضمام إلى مسيرة تحول في مفهوم صحتهم من خلال التوعية والدعم المتبادل، وذلك، للتصدي للأمراض الخطيرة وتفكيك الأسوار التي تحيط بالصحة العقلية، حيث يمكن جعل حملة Movember نقطة الانطلاق لمسار مستمر من العناية والاهتمام بصحة الرجال.

لهذه الأسباب مجتمعة، لا يُعدّ «نوفمبر» مجرد شهر لتربية الشوارب، بل هو فصل في كتاب الوعي والتضامن مع صحة الرجال حول العالم.

الأكثر مشاركة