قائدة أول مهمة غير مسبوقة لـ«ناسا».. العالمة «العائدة من المريخ» تروي التجربة
تبدي كيلي هاستون، وهي قائدة أوّل مهمة غير مسبوقة لوكالة «ناسا»، فخراً بأنها ساعدت في التحضير لرحلة مستقبلية إلى المريخ، من خلال تمضية 378 يوماً داخل مسكن مُشابه بظروفه للكوكب الأحمر، أُقيم في تكساس.
وكان هدف التجربة التي انتهت في أوائل يوليو، يتمثّل في التوصل إلى فهم أفضل لكيفية تأثير عزل مماثل على أداء الطاقم وصحته. وتستغرق الرحلة ذهاباً وإياباً إلى المريخ أكثر من عامين، كحدّ أدنى.
ولاتزال بيانات المهمّة قيد التقييم، لكن بعد إقامتها مع ثلاثة مشاركين آخرين في المسكن، تقول هاستون إن التفكير في الذهاب إلى المريخ، وهذه المرة بشكل فعلي، يتّسم بـ«صعوبة أكبر بعد التجربة» التي عاشتها.
وعن أكثر ما افتقدته خلال المهمّة، تقول المرأة الخمسينية لوكالة فرانس برس «الناس بلا شك»، مضيفةً «تعيّن عليّ البقاء في هذا المسكن لعام إضافي والاستمرار في ظل صعوبات كثيرة أخرى، لكنّ أحبائي... افتقدتهم كثيراً».
وكانت فترة كل الاتصالات مع العالم الخارجي تختلف من المدة التي تستغرقها عادة بين الأرض والمريخ، أي ما يصل إلى 20 دقيقة (نحو 20 رحلة ذهاباً وإياباً). ويمكن تسلم أو إرسال عدد قليل من مقاطع الفيديو الكبيرة جداً.
وتضيف عالمة الأحياء إنه بُعد تصعب إدارته «عندما يكون أصدقاؤك أو عائلتك أمام تحديات هائلة، لا تكون قادراً على دعمهم في الوقت المناسب».
واقتصر التواصل البشري الوحيد لها مع زملائها الثلاثة في الفريق: «كنّا نتناول الوجبات معاً حتى آخر اللحظات.. لقد أمضينا وقتاً كثيراً معاً يومياً، وليس في العمل فقط».
وترى أنّ النقطة الرئيسية تمثّلت في حرص الجميع على عدم التأثير بصورة كبيرة على الآخرين في حال انخفاض المعنويات.
وتبلغ مساحة المنزل الذي عاشوا فيه 160 متراً مربعاً وكان يتضمّن غرفاً مشتركة وغرف نوم وحديقة نباتية صغيرة. وسُمّي هذا المسكن الذي أقيم في هيوستن بتقنية ثلاثية الأبعاد «مارس دون ألفا».
واستُخدمت مساحة خارجية زائفة لم تكن في الهواء الطلق، بل ضمن بيئة أعيد تشكيلها لتكون مماثلة لبيئة المريخ برماله الحمراء، بهدف محاكاة عمليات السير في الفضاء.
وسُميت هذه المساحة «صندوق الرمل»، وكان المشاركون ينفّذون فيها مهاماً ضمن فرق ومرتدين بزاتهم، مع تلقي إرشادات من مشارك آخر في الداخل.
وتتابع الكندية المقيمة حالياً في كاليفورنيا «كنّا في بعض الأيام نرغب في الخروج من المسكن، لن أكذب عليكم.. لكنني تفاجأت بنفسي لعدم شعوري برغبة قصوى في ممارسة الأنشطة الخارجية حتى مرحلة متأخرة جداً من المهمة».
وتكمل هاستون التي أنجزت أعمال تطريز كثيرة خلال فترة المهمّة «كنّا نشعر بالملل أيضاً. لكنّ الأمر واقعي جداً لرحلة فضائية طويلة كتلك المتوجّهة إلى المريخ».
وكانت المدة الطويلة للتجربة عاملاً أساسياً في إعادة إنشاء الظروف بشكل واقعي قدر الإمكان. وتم تنفيذ مهام طويلة أخرى في السابق، في هاواي (Hi-SEAS) على سبيل المثال، لكنّ «ناسا» لم تكن مسؤولة بشكل مباشر في ذلك الوقت.
وتؤكد هاستون أنّ عملية المحاكاة لا يمكنها بالطبع توفير إجابات على «مختلف الأسئلة.. لكنني أعتقد أنّ هناك بعض الأمور التي يمكننا المساعدة فيها».
وسُجّل كل طعام تناوله المشاركون في المهمة، كما جُمعت عيّنات من اللعاب والدم والبول خاصة بهم، بالإضافة إلى تسجيل عادات النوم والأداء الجسدي والمعرفي لهم.
بينما تقول مديرة مهمة «ناسا»، غريس دوغلاس «إنّ الطعام مرتبط بمختلف جوانب صحة الإنسان وأدائه». وأوضحت في تدوين صوتي (بودكاست) للوكالة أنّ الذهاب إلى المريخ يستلزم احتساب كل غرام من الأمتعة، لذا يُعدّ التمييز بين ما هو ضروري وغير ضروري أمراً أساسياً.
وتؤكد أنّ كمية الطعام التي ينبغي اصطحابها تشكّل إحدى المسائل الرئيسية التي يُفترض أن يجيب عليها برنامج شابيا CHAPEA، الذي يتضمّن ثلاث مهام من بينها مهمة كيلي هاستون.
ولم تتم معاينة سوى تفاصيل قليلة بشأن المهام المعيّنة التي تم إنجازها، أو العقبات التي تصوّرتها وكالة ناسا لاختبار الطاقم، لأن معظمها سيتعيّن تكراره من أجل جمع أقوى بيانات ممكنة.
ومن المقرر إنجاز المهمة الثانية العام المقبل.