|
بعد أن تطورت السينما من الفوتوغراف إلى السينماتوغراف، أي من الصورة الثابتة إلى الصورة المتحركة، اصيب الناس بالدهشة، أثناء ما كانوا يشاهدون على الشاشة صورا مباشرة من حياتهم الواقعية، صورا تسجل رحلة وصول قطار إلى محطة «الأخوان لوميير» أو صورا خرافية تسجل رحلة وصول مركبة فضائية إلى القمر «جورج ميليه».
ولا شك أن تاريخ السينما ولد من هاتين الرحلتين، وبدأت تنشأ، تدريجيا، تيارات فنية موازية ومتداخلة، نتجت من الانغماس في كشف حياة الناس اليومية المجهولة أو من إعادة تشكيل حياتهم الغريبة أو المدهشة، واعتاد الجمهور على نوع من الفرجة، تسجل الكاميرا فيها حياة الناس في كل مكان «نانوك» لفلاهيرتي، أو تسجل نوعا آخر من الفرجة الفنية على شكل سيمفونية الحياة اليومية في عاصمة «روتمان» و«فيرتوف»، أو تسجل إعادة تشكيل حياة الناس والمجتمع في قصص روائية، بشكل قريب من التاريخ والواقع «غرفث»، أو حتى بشكل تعبير سريالي مبتكر «بونويل».
وسيأتي يوم آخر يعتاد الناس فيه مشاهدة الروائي المتصوّر والواقعي المسجل، في أفلام تكشف عمق حياة الناس وأسباب الصراع وتسجل، بموضوعية، مظاهر الحياة ودور المصالح الاقتصادية في مصير المجتمع. ومن يعرف تاريخ السينما، يعرف أن أفضل من كتب تاريخ السينما السريالي في فيلمه الأول «الكلب الأندلسي» الذي برهن فيه، بداية، عن قدرات الوسيط السينمائي على التعبير الفني الجمالي المبتكر، هو «ساحر السريالية» لويس بونويل، وأن أفضل من كتب تاريخ السينما السياسي وبرهن على قدرة الوسيط السينمائي على السرد الملحمي، الذي يتعمق في السياسية والاقتصاد، ويعالج مظاهر الحياة بصدق فني يقترب من الحقيقة، هو المخرج الايطالي الكبير فرانشيسكو روزي.
وفي تظاهرة نادرة وفريدة من نوعها نظمها مهرجان برلين السينمائي الدولي 58 تم الاحتفاء فيها بالفنان الاسباني لويس بونويل وبعرض كل أعماله السينمائية، ومنها أهم أعماله الكلاسيكية: مثل«حسناء النهار»، و«المنسيون»، و«سحر البرجوازية الخفي»، و«شبح الحرية» إضافة إلى تنظيم عروض رديفة لمخرجي أفلام تأثروا به، كما نويل اولفيرا وكارلوس سارا ودافيد لينتش ودالتون ترومبو.
وعرض في الافتتاح فيلمه السريالي العبقري «الكلب الأندلسي» ثلاث مرات، صاحبت عرضه كل مرة موسيقي من تأليف ثلاثة موسيقيين إسبان، وعزفت الموسيقى من قبل أهم اوركسترا موسيقية إسبانية. كذلك أحتفى المهرجان بتكريم المخرج فرانشيسكو روزي وبعرض أعماله السياسية الكلاسيكية (13 فيلما)، منها: فيلم «سلفادور جوليانو»، و«الأيدي على المدينة»، و«لحظة الحقيقة»، و«قضية ماتييه»، و«لوكي لوتشيانو»، و«المسيح توقف في ايبولي». ولقد تم في هذه المناسبة تنظيم حفل خاص، منح فيه روزي جائزة «الدب الذهبي»، علما بأنه سبق لروزي أن نال جائزة مهرجان برلين «الدب الذهبي» في عام 1962 عن أحسن أخراج لفيلم «سلفادور جوليانو»، كما حصل على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا في عام 1963 عن فيلم «الأيدي على المدينة»، ونال جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان في عام 1972 عن فيلم «قضية ماتييه».
alzubaidi@surfeu.de
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App