هويدا عطا: حاكموا صاحب«رمال عربـيـة»


اتهمت مؤلفة كتاب «عابرو الربع الخالي» هويدا عطا، مخرج أحدث فيلم سينمائي إماراتي تستقبله دور العرض المحلية «رمال عربية» مجيد عبد الرزاق، بالتعدي على ملكيتها الفكرية من خلال الاستعانة بأفكار وحقائق وردت بشكل حصري في كتابها الذي أصدرته «دار السويدي للنشر» عام 2005، وأعلنت عن رغبتها في تحويله إلى فيلم سينمائي خلال مؤتمر صحافي عٌقِد في مقر اتحاد الكتاب في أبو ظبي. فيما أكد عبد الرزاق الذي كتب السيناريو الخاص بالفيلم بالإضافة إلى إنتاجه وتجسيد دور بطولته المحورية، أنه رفض طلب عطا بالإشارة إلى استفادته من كتابها على إشارات الفيلم، مضيفاً: «لم أكن أعلم أن هناك كتاباً بالأساس يحمل اسم «عابرو الربع الخالي» وبالتالي لم أستفد منه في الفيلم».


وتدور قصة الفيلم والرواية معاً حول رحلة الرحالة الإنجليزي ويلفيد ثيزجر، الملقب إماراتياً بمبارك بن لندن، التي يرصد فيها تفاصيل اشهر رحلاته التي امتدت ما بين عامي 1945 و1950، في جنوب شبه الجزيرة العربية وصحراء الربع الخالي، والتي أقام خلالها لفترات طويلة في الإمارات، ناسجاً علاقات اجتماعية مع القبائل البدوية، مسجلاً إياها في رواية انجليزية أسماها «رمال عربية»، قاده فيها عدد من أبناء القبائل الإماراتية لا يزالون على قيد الحياة حتى الآن، وقد تمكنت عطا من التواصل معهم وتسجيل رواياتهم حول رحلتهم مع ثيزجر في كتابها الذي تؤكد أن مجيد بنى فيلمه على محتواه الأدبي، فضلاً عن تأكيدها  أنها أول من سجل مواقع رفقاء ثيزجر الإماراتيين في رحلته.

 

واشارت عطا إلى ان ما حدث ببساطة «هو ان من يملك مقومات الإنتاج المادية قام بنسف الحلم الذي عكفت على تحويله لواقع عبر إنجاز فيلم سينمائي جيد حول حياة أولئك البدو رفقاء ثيزجر»، وأضافت أن «مجيد لم يستثمر المحتوى المعلوماتي لروايتها فقط، بل عمد أيضاً إلى الاستفادة حتى من الصور الحديثة التي قمت بنشرها لمرشدي ثيزجر الأربعة في صحراء الربع الخالي، بعد أكثر من نصف قرن على فراقهم وهم  ابن كبينة وابن غبيشة و عمير بن عمر ومحمد صالح بن كلوت. مؤكدة أن «ما قام به مجيد، ليس تعدياً فقط على حصيلة مجهود بحوث استقصائية قمت بها عبر سبعة أشهر كنت أتردد فيها على الصحراء أكثر من ترددي على منزلي وسجلتها في «عابرو الربع الخالي» بل انه  أفسد حقوقاً أصيلة لحملة هذا المخزون الروائي الذي نهل منه وسجلته في روايتي التاريخية منسوباً إليهم بعد أن أضاع من خلال عمل ضعيف سينمائياً، فرصتهم في الوجود في ذاكرة السينما الإماراتية على نحو يليق بكونهم شهود عيان أهم رحلة في تاريخ شبه الجزيرة العربية بشكل عام والإمارات بشكل خاص».

 

وحول سبب صمتها طيلة هذه الفترة رغم نشر «الإمارات اليوم» تفاصيل تصوير مجيد لفيلم «رمال عربية» قالت عطا: «اضطررت خلال تلك الفترة للعودة إلى القاهرة خلال أبريل بسب وفاة والدتي ومكثت هناك نحو ثلاثة أشهر، وحينما عدت إلى أبوظبي أخبرني عدد كبير من الأصدقاء بأن روايتي قد تم سرقتها من قبل أحد المنتجين الجدد الذين جاءوا من عالم تجارة المفروشات، حاولت الاتصال به مراراً عن طريق أحد الإعلاميين الزملاء الذي كان يعود ليؤكد لي تواصله معي خلال فترة وجيزة من أجل التوصل إلى صيغة تفاهم، ولم أكن حينها أعلم أن الأمر كان لمجرد كسب مزيد من الوقت من أجل الانتهاء من إنتاج الفيلم».

 

وطالبت عطا بمحاكمة مجيد عبد الرزاق ليس قانونياً، بل ضميرياً وأدبياً مضيفة: «من المؤكد أن هناك جهة ما يمكن أن تكون بمثابة الرادع أمام كل من تسول له نفسه الاعتداء على الحقوق الفكرية لمؤلف ما، لا أقتنع كثيراً بجدوى المحاكمات القانونية في هذا الإطار، لكن من المؤكد أن ثمة محاكمة أدبية أو ضميرية يمكن أن تضع حدوداً لهذه الظاهرة، لا سيما أن الإمارات تعيش مرحلة تأسيس صناعة سينمائية ناشئة، وأن صنيع مجيد في «رمال عربية»، مرشح للتكرار مع أعمال أدبية أخرى في حال غياب الرادع».

 

وأضافت عطا أن الطبعة الثانية من روايتها «عابرو الربع الخالي» أصبحت جاهزة للطرح في المكتبات، مشيرة إلى أنها تجهز ايضاً لترجمة الرواية إلي اللغة الإنجليزية بعد أن نصحها بذلك أحد كبار المترجمين البريطانيين، الذي أكد لها أن هناك توقا انجليزيا لمعرفة المزيد من التفاصيل عن حياة أدلة ويلفرد ثيزجر في رحلته عبر صحراء الربع الخالي، لا سيما بعد رحيله مخلفاً رواية وحيدة في هذا الصدد ينقصها الكثير من التفاصيل.

 

لست متعدياً
دافع مجيد عبد الرزاق مخرج ومنتج وكاتب سيناريو فيلم «رمال عربية»، الذي قام أيضاً ببطولته عن مشروعية قصة وسيناريو الفيلم، مؤكداً أنه استفاد فقط من نص الرواية الأصلية رمال عربية للكاتب الإنجليزي ويلفرد ثيزجر، بعد أن أبرم تعاقداً مع ورثته الأصليين.


وأضاف عبد الرازق لـ«الإمارات اليوم» «طلبت مني عطا كتابة ما يشير إلى استفادتي من كتابها وأن فيلمي هو استثمار لدعوتها إلى إنجاز فيلم عن أدلاء مبارك بن لندن، لكنني لم أعدها بشيء ولم أفعل لأنني ببساطة لم أستفد من روايتها التي لم أقرأها أو أعلم بوجودها أصلاً».


وعن سبب اختياره لهذه القصة تحديداً محوراً لفيلمه الثاني بعد استفادته في فيلمه الأول من الرواية العالمية «الكونت دي مونت كريستو» لإسكندر دوماس قال «لست مغرماً باستنساخ الروايات العالمية، ولكن دراسة  فشل «عقاب» علمني أن الإشكالية لم تكن في الاستناد إلى قصة سينمائية عالمية، بل في الإغراق في المحلية الذي اصطبغت به بعد معالجتها درامياً، لذلك عمدت إلى اللجوء لرواية يمكن أن تستمد ألقها من شهرة مؤلفها لعدم تفويت فرصة عرضها في ثقافات متباينة وليس محلياً فقط».

 

مغامرة صحافية 
قامت كاتبة رواية «عابرو الربع الخالي» بمغامرة صحافية استثمرت فيها عملها كمحررة في مجلة «المرأة اليوم» وطلبت إجراء مقابلة صحافية مع المنتج مجيد عبد الرزاق، بعد فشلها في التواصل معه بخصوص ما اعتبرته تعدياً على ملكيتها الفكرية حسب روايتها لـ «الإمارات اليوم»، مضيفة: «تم تحديد الموعد على أساس أنها مقابلة صحافية دون أن يعلم تماماً أنني صاحبة «عابرو الربع الخـالي»، فأطلعني على معظم محتوياته قبل عرضه السينمائي بافتخار»،

 

مضــيفة «وعدني مجيد بتدارك الخطأ والتويه عن استفادته من عملي في إشارات الفيلم على أقل تقدير، لكنه لم يفعل».

 

الأكثر مشاركة