تشهد ساحات القضاء في الأرجنتين مجموعة من الدعاوى القضائية يتوقع أن يرفعها تباعاً أكثر من 500 «طفل مسروق» ولدوا في السجون في فترة الحكم الدكتاتوري، و تأمل ماريا اوخينيا باراغان بعد طول انتظار ان يُنزل القضاء الارجنتيني اليوم عقوبة نموذجية على الذين سلبوها حياتها ابان الحكم الدكتاتوري (1976-1983) في اول دعوى يرفعها طفل «مفقود» ضد «والديه بالتبني»، وأوضحت رافعة الدعوى للصحافيين قبل اربعة ايام من انتهاء هذه المحاكمة الفريدة في تاريخ القضاء الارجنتيني، انها ادعت على من «استملكوا» حياتها حتى سن الـ.24 وروت ماريا اوخينيا للصحافيين بصوت يغص من شدة التأثر انها ولدت عام 1978 غير ان يوم ولادتها لا يزال مجهولا بالنسبة لها، وهو أمر تعتبره منظمات حقوق الانسان على درجة كبيرة من الخطورة والحساسية، خاصة مع وجود عدد كبير من الاطفال المشردين الذين يمارسون الكثير من المهن، التي يغلب عليها الانحراف. وماريا ولدت في السجن، شأنها شأن المئات من الاطفال، ولم تعرف شيئاً عن والدتها التي كانت ناشطة شيوعية طوال 23 عاما، حتى ذاك اليوم من العام 2001 حين كشف لها تحليل للحمض الريبي النووي هويتها الحقيقية وجعل من «والديها بالتبني» اللذين تربت في كنفهما «خاطفين»تقف اليوم أمامهما في المحكمة.
وفي عهد الدكتاتورية اعتقل العديد من النساء الشابات الحوامل الذين وضعن أطفالهن في الأسر قبل ان «يختفين» وعهد بالاطفال الى عائلات مقربة من عسكريين في السلطة، وبررت ماريا اوخينيا الدعوى التي رفعتها واسيء فهمها في بعض الاحيان، فشرحت الاسباب التي تمنعها اليوم من اعتبار اوسفالدو ريفاس وماريا كريستينا غوميث بينتو، والديها بالتبني، او «بالقلب» وفق العبارة المستخدمة في الارجنتين. وقالت إنها «لم تحصل يوما اي معاملات للتبني. سجلني هذان الشخصان كابنتهما بتاريخ ولادة خاطئ ومكان ولادة خاطئ وانطلاقا من وثيقة ولادة مزوّرة» وتابعت « أما عبارة «الأهل بالقلب»، فأتصور أنها تشير الى علاقة أبوّة نابعة من العطف والمحبة. لكن يمكننا ان نتساءل عندها إن كان شخص سرق طفلا، وكذب عليه باستمرار بشأن أصله وأساء معاملته وأهانه وخدعه يوميا، إن كان شخص ارتكب كل ذلك يمكنه أن يميز الحب الأبوي ويشعر به»، وتابعت «جوابي هو: لا» وسعياً منها لتبديد أي شكوك قد تكون متبقية، عرضت ماريا اوخينيا صور «خاطفيها» ثم صورة والدتها الحقيقية ميرتا مابيل باراغان ووالدها الحقيقي ليوناردو روبن سمبالو، وهما ناشطان يساريان اعتبرا في عداد «المفقودين» الذين لم يعرف شيء عن مصيرهم حتى الآن. كذلك رفعت ماريا دعوى ضد عسكري ارجنتيني سابق هو انريكي خوسيه برتييه بتهمة تسليم ماريا اوخينيا عند ولادتها الى اوسفالدو ريفاس وماريا كريستينا غوميث بينتو. ويمثل الثلاثة في قفص الاتهام اليوم ليلا وقد طالب توماس اوخيا كوينتانا محامي ماريا اوخينيا بإنزال اقصى عقوبة بهم وهي السجن 25 عاما. غير أن المحامي الذي ناضل طوال سبع سنوات من اجل الوصول بالقضية امام المحكمة اليوم قال «إنه حتى لو لم توافق المحكمة على طلبه، فإن مجرد اجراء المحاكمة بحد ذاته «انتصار يعوض تماما» موكلته. وستجلس الى جانب ماريا اوخينيا امام الصحافيين استيلا كارلوتو رئيسة جمعية «جدات ساحة مايو» التي تبحث عن اثر حوالي 500 طفل سرقوا، فأشادت بشجاعة المرأة الشابة. وبلجوئها الى منظمات «الجدات» تمكنت ماريا اوخينيا من استعادة هويتها الحقيقية، كما نجحت عبرها في التقاء جدتها اثوثينا مارتين دي باراغان (80 عاما) والدة ميرتا باراغان التي ادلت ايضا بشهادتها أثناء المحاكمة. |