أسعار أدويـة «أمراض مزمـنـة» ترتفع 42 %

 
سجلت أسعار بعض أدوية القلب والسكري وضغط الدم في صيدليات محلية ارتفاعاً لافتاً خلال الشهرين الماضيين، بلغ في متوسطه 42%، وفقاً لصيادلة.

ووصف صيادلة الأدوية التي طالتها الزيادة بـ«الإستراتيجية»، إذ انها ذات علاقة بأمراض مزمنة تتطلب استمرارية في تعاطي الدواء، مثل أمراض القلب والشرايين، والسكري، وضغط الدم والربو وأمراض الصدر، وليست لشفاء أعراض مرضية وقتية.
وأعرب مستهلكون في اتصالات مع «الإمارات اليوم» عن قلقهم جراء تعمد بعض الصيدليات رفع أسعار أدوية أمراض القلب والسكري وضغط الدم، التي لا يمكن للمرضى الاستغناء عنها، مطالبين جهات رسمية بالتدخل ومعاقبة من يزايد على صحة المرضى. وأفاد مسؤول قسم التسويق في «شركة جمجوم» لتوريد الأدوية، عصام رأفت محفوظ، بأنه «تم فرض زيادة فعلية على بعض الأنواع من الأدوية الخاصة بعلاج أمراض الضغط والقلب والسكري بنسب متفاوتة في أسواق الدولة أخيرا»، مشيراً إلى أن «شركات الأدوية الأوروبية تتقاضى ثمن منتجاتها باليورو الذي سجل ارتفاعا قوياً أمام الدولار والدرهم، ما أدى الى زيادة تلكفة الاستيراد التي سببت لنا خسائر كبيرة».

موضحاً أن «تذبذب أسعار صرف الدولار يجبر شركات على تغيير أسعار منتجاتها من الأدوية المختلفة، وهذا التغيير يفتح المجال لمنافسة من جانب شركات أخرى في الأسواق، حيث يتم التعامل مع أكثر من دولة في مختلف أنحاء العالم، لاسيما دول غير دول الاتحاد الأوروبي، في عمليات الاستيراد».
 
لكن الزيادة لم تستثن أدوية أخرى ثانوية، وفقاً لصيادلة، إذ ارتفعت أسـعار أدويــة لعــلاج أمراض مثل الأنفلونزا وارتفاع حرارة الجسم والأكزيما الجلدية وبعض الفيتامينات والمقــويات بنسب متقاربة، وبمتوسط زيادة بلــغ 32% أخيراً.
 
طلبات رسمية
وأبلغ مسؤول المبيعات والتسويق في شركة «فارماكونسولت»، المعنية بتوريد أدوية من الخارج، طلب عدم نشر اسمه،
«الإمارات اليوم» بأن «قدمنا، بصفتنا موردين وموزعين للأدوية في الدولة، مع عدد من الشركات الأخرى، العاملة في نفس المجال، طلبات إلى وزارة الصحة للموافقة على زيادة أسعار بعض الأدوية، وذلك لتعويض الفروقات السعرية الناجمة عن تغير سعر اليورو»، لافتا إلى أن «نسبة الزيادة التي طلبناها تقدر بنحو 30% بالنسبة لشركتنا، بينما تتفاوت هذه النسبة في شركات أخرى».

وأوضح أن «وزارة الصحة تعتمد سعرا محدداً لتغير اليورو يكون في الغالب أقل من سعره في الأسواق التي يتم الاستيراد منها»، لافتاً إلى أن «التغيير المستمر في سعر اليورو مقابل الدرهم، المرتبط بالدولار، يسبب خسائر كبيرة للشركات الموردة». وتقيّم وزارة الصحة سعر اليورو حالياً بـ 4.50 دراهم تقريباً، بينما يرتفع سعره الحقيقي في الأسواق إلى نحو 5.73 دراهم، إذ سجلت العملة المحلية تراجعاً أمام اليورو خلال العام الماضي وبداية العام الجاري، بلغ 5.73 دراهم حاليا لليورو، مقابل 4.89 دراهم لليورو مطلع العام الماضي، وفقاً للمصدر نفسه.

وقال: «إن شركات توريد الأدوية، تتعمد تقديم لائحة بالأدوية الأكثر طلباً في الأسواق إلى وزارة الصحة لزيادة سعرها، لأن الوزارة عادة ترفض تلك الطلبات بمجملها وتنتقي أدوية بعينها، الأمر الذي يجعل بعض الشركات تركز على الأدوية الأكثر توزيعاً لتحقيق هوامش ربح مرتفعة».

الأعلى ارتفاعاً
وسجلت أسعار أدوية أمراض الصدر والربو المستوردة أعلى الارتفاعات خلال العام الجاري مقارنة بأسعارها في العام الماضي، إذ بلغ سعر عقار «كيلاسيد 500» 211 درهماً، فيما بلغ سعر بديله محلي الصنع «كلامايسين» 120 درهماً، تلاه عقار لعلاج مرضى القلب والذبحة الصدرية وتجلط الدم «اسبيرين 100» الذي سجل ارتفاعاً لافتاً بلغت نسبته نحو 54%، فبلغ سعره 10 دراهم بعد أن كان يباع بسعر ستة دراهم ونصف الدرهم.
 
وجاء علاج السكري «فيتاماج» مسجلاً ارتفاعاً ملحوظاً منذ بداية العام الجاري، بنسبة 42%، حيث يباع في الصيدليات بسعر 14 درهماً بدلاً من 9.5 دراهم أواخر العام الماضي، كما شهد عقار «ريدوكسان» الطبي «سويسري الصنع» لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، ارتفاعاً بنسبة 33% من 12 درهماً إلى 16 درهماً، ودواء «سوبرادين» «ألماني الصنع»، ارتفاعا بنسبة 25% من 36 درهما إلى 45 درهما، ودواء «جارليك» (هندي الصنع) الذي يستخدم في علاج تصلب الشرايين وأمراض ضغط الدم، ارتفاعا بنسبة 27% من 18 درهما إلى 23 درهما، ومستحضر «بيبانتين لوشن» لعلاج الأمراض الجلدية والإكزيما، ارتفاعا بنسبة 18% من 28 درهماً إلى 33 درهماَ، ودواء «ميتافاج» لعلاج مرضى السكر، ارتفاعا بنسبة 42% من 9.5  إلى 14 درهما، على الرغم من وجود بديل محلي له أثبت فعاليته يدعى «دابليون» ويباع بسعر ستة دراهم، وفقاً لصيادلة.

وعزا صيادلة أسباب ارتفاع أسعار بعض أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكري وتصلب الشرايين والأنفلونزا والربو والصدر، إلى الثقافة الاستهلاكية لدى المرضى، الذين يؤثرون التعامل مع الأدوية المستوردة غالية الثمن، بدلاً من البدائل المصنعة محلياً الأقل سعرا.

غير أن شركات موردة للأدوية لا تستطيع توقيع زيادة في أسعارها إلا بعد الحصول على موافقات لجان التسعير في وزارة الصحة، وفقاً لموردين. وأشار مسؤول شركة «فارما كونسولت » إلى أن «الوزارة هي التي تتحكم في عمليات تحديد سعر الأدوية بعد أن تحتسب مع الشركات نسب ربح الوكيل والمورد وهوامش أرباح البيع في الصيدليات».

وألمح إلى أن «الوزارة تشكل في الغالب لجنة للنظر في طلبات زيادة أسعار الأدوية والمستندات التي تبرر تلك الزيادات من جانب الشركات الموردة مثلما حدث منذ نحو عامين، حيث تم زيادة أسعار نحو 200 نوع من الأدوية في وقت واحد مع تذبذب أسعار الدولار».

غياب بلا بدائل وقال مدير صيدلية الشفاء، الدكتور أحمد هلال، «إن الأسواق المحلية تواجه نقصاً كبيراً في المعروض من الأدوية المستوردة في الآونة الأخيرة، لأسباب ذات علاقة بهبوط سعر الدرهم المربوط بالدولار في مقابل اليورو المرتفع، ما دفع موردين وموزعين للأدوية إلى العزوف عن استيرادها تجنباً للوقوع في خسائر مالية».

وحذر هلال من «غياب بعض الأصناف التي ليس لها بدائل، بصورة قد تخلق أزمة مستقبلية، لاسيما في ظل عزوف مستهلكين عن شراء البدائل المحلية لأسباب ذات علاقة بالثقة في جودة هذه البدائل ومكوناتها، على الرغم من انخفاض أسعار الأدوية البديلة محلية الصنع بفوارق كبيرة، مثل دواء «كلامايسيبن» الذي تصنعه شركة جلفار والذي يستخدم في علاج الأمراض الصدرية والربو، ويباع بسعر 120 درهماً، بعكس الدواء المستورد الذي يحتوي على العناصر الطبية والمكونات نفسها تقريباً «كيلاسيد 500» ويباع بسعر 211 درهما، بزيادة قدرها 75%».

ولاحظ مدير «الصيدلية الحديثة»، الصيدلي رامي محيي، أن «شركات موردة للأدوية، تتعمد في بعض الأحيان عدم توريد أدوية، على اعتبار أنهم في مفاوضات حالية مع وزارة الصحة لأجل الحصول على موافقة برفع أسعار بعض الأدوية». وأضاف أن «نقصاً كبيراً في بعض الأنواع بدأ يخيم على سوق الأدوية محليا»، لكنه اعتبره «أمراً عادياً، بحكم أن هذه الأدوية مستوردة، ومن الممكن أن تتأخر في رحلات الشحن من الخارج».

لكن محيي ألمح إلى إمكانية «أن تكون مماطلة من قبل بعض موردي الأدوية، إذ نطلب منهم التوريد، فيما يستمرون بإنكار توافرها لديهم، بينما يتزامن ذلك مع مساع للحصول على موافقة من وزارة الصحة بزيادة الأسعار».  

الأكثر مشاركة