بيانات «غير دقيقة»!

سامي الريامي


أكد جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية في رده على وجود سلع ومنتجات مسرطنة، يتم تداولها في الأسواق الخليجية، من مواد غذائية، ومستحضرات تجميل، أن «مختبرات الجهاز قامت بدراسة الموضوع من جميع الجوانب العلمية والفنية، والتدقيق على المواصفات والتشريعات ذات العلاقة ألاعلى ما تناولته بعض وسائل الإعلام، وخلصت إلى أن ما أثير في بعض وسائل الإعلام حول وجود سلع ومنتجات مسرطنة هو أمر غير دقيق، ولا يستند إلى حقائق ومعطيات علمية واضحة».
 
المقدمة السابقة هي بداية خبر نشره جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، وبالطبع، فإن هذه الخلاصة تثير الاطمئنان في نفوس القراء والمستخدمين، فالأمور تحت السيطرة، وجميع المواد المنتشرة في الأسواق تمّ فحصها، والتدقيق عليها.. وهذا ما يؤكده محمد جلال الريايسة، مدير إدارة الاتصال والمعلومات في الجهاز، حيث قال في الخبر نفسه: «انطلاقاً من اختصاص الجهاز في الرقابة على «المنتجات الغذائية»،والتأكد من سلامتها، فإنه يتم إجراء فحوصات واختبارات على «المواد الغذائية» التي يتم توريدها إلى الدولة، ويتم التأكد من مدى مطابقتها للمواصفات الإماراتية والخليجية والعالمية المعتمدة، وبعد وصول المنتج عبر المنافذ يقوم مفتشو الجهاز بأخذ عينات عشوائية من «المنتج الغذائي» للتأكد من مطابقته للمواصفات المعتمدة، وصلاحيته للاستهلاك الآدمي، ويتم بشكل دوري أخذ عينات عشوائية من المنتجات التي يسمح بدخولها، ويتم تداولها بالأسواق».

ولعلك عزيزي القارئ لاحظت الأقواس التي وضعتها على تصريح الريايسة، والتي يتحدث فيها عن «منتجات غذائية»، بينما الحقيقة التي أثارها اتحاد المستهلكين الأميركيين، ونشرتها جميع وسائل الإعلام «بمنتهى الدقة»، تؤكد وجود مادة الـ«ديوكسان» المسببة للسرطان بنسب تفوق المسموح به عالمياً في «الكريمات» و«مواد التجميل» و«معاجين الأسنان» و«شامبوهات الأطفال»! يعني ببساطة «نقولهم ثور.. قالوا احلبوه»، العالم يتحدث عن رقابة المنتجات «شبه الطبية» الغائبة تماماً عن الرقابة في أسواقنا، بسبب غموض صلاحياتها بين وزارة الصحة، وأجهزة البلديات، وإخواننا في جهاز أبوظبي يستعرضون إنجازاتهم في الرقابة على المنتجات الغذائية التي لم يشر إليها أي تقرير!

لا نقلل من دور الجهاز إطلاقاً في تأدية الأدوار المنوطة به في مجال الرقابة، وإحكام السيطرة على المنتجات الغذائية الموجودة، كما لا نقلل أبداً من دور وزارة الصحة في الرقابة على الأدوية والمنتجات الطبية، ولكن بين هذه المنتجات وتلك، تقع «أمور متشابهات» فهي لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، والنتيجة أن المادة المسرطنة تسللت إلى الأسواق نتيجة «الحرية الكاملة» الممنوحة لهذه المنتجات «شبه الطبية» التي تعتبر بالمحلي «متعلقة» فهي «ليست متزوجة بالبلديات، ولا مطلقة من الرقابة الغذائية»! نعود لجهاز أبوظبي، ونقول: إصدار بيانات «غير دقيقة» لإلصاق تُهم بـ«وسائل الإعلام» بأنها تنشر «بيانات غير دقيقة»، ليس هو «المرهم» الشافي لحال الخلل الموجودة، ولكن الاعتراف بضياع مسؤولية الرقابة على المنتجات «شبه الطبية»، والبحث عن الطريقة المثلى للسيطرة والرقابة عليها هو المنطق بعينه.

وكما بدأت المقال ببداية خبر جهاز الرقابة، أختمه بخاتمة الخبر المنشور حيث يقول: «جدير بالذكر أن مستحضرات التجميل، وغيرها من منتجات الاستعمال الشخصي كالشامبوهات وغيرها، لا تقع ضمن نطاق مهامّ جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، وإنما جهات أخرى».. إذاً، على ماذا «نتفلسف» يا جماعة الخير .
 
reyami@emaratalyoum.com
تويتر