شركات تستورد سيارات حديثـــــــــــــــة ملوِّثة للبيئة

أفادت دراسة أجرتها بلدية دبي لقياس نسب التلوث الناتجة، بأن عوادم غالبية السيارات الجديدة التي يتم استيرادها، تسبب ملوثات مرتفعة، مقارنة بمثيلاتها في الدول الأوروبية. ومن جانبها، أوضحت هيئة المواصفات والمقاييس أن المعيار المحدد للشركات المستوردة للسيارات، هو ذاته المطبق في أوروبا، وأرجعت ارتفاع نسب الملوثات إلى نوعية الوقود المستخدم في الدولة، والذي يقل كفاءة عن غيره في الدول الأوروبية، فيما أكدت شركة «اينوك» للوقود أن نوعية الوقود الموجودة في الدولة هي الأنقى عالمياً.

من جهتها، حذّرت مديرة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، الدكتورة سوسن الماضي، من الغازات المنبعثة من عوادم السيارات، مؤكدة أنها تشكل خطورة على صحة الإنسان، وتؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي، مثل الحساسية، والربو، والأزمات التنفسية، موضحة أن التعرّض لها لفترات طويلة يؤدي إلى الإصابة بالتهاب القصبات الهوائية المزمن، وحساسية الأنف والمجاري التنفسية، مطالبة بضرورة التوجه إلى استخدام سيارات صديقة للبيئة للتقليل من نسب التلوث؛ حفاظاً على الصحة العامة.

أكسيد النيتروجين

وأوضحت الدراسة، التي أعدتها بلدية دبي، أن «السيارات العاملة بالبنزين يصدر عنها نسبة عادم من أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات، أكبر من انبعاثات عادم السيارات العاملة بالديزل، مؤكدة أن الموديلات الحديثة تصدر نسباً أعلى من أول أكسيد النيتروجين والعادم».

ومن جهته، قال رئيس قسم حماية البيئة والسلامة في البلدية، رضا سلمان، إن البلدية تسير وفق استراتيجية اتحادية أعلن عنها مسبقاً، تهدف إلى تنقية الديزل من محتوى الكبريت، بحيث يصل إلى 50 جزءاً من المليون في نهاية عام 2010، لافتاً إلى أن نسبته حالياً تتراوح ما بين 500 و1000 جزء.

وأوضح أن هناك توصيات بخصوص تزويد أنظمة العوادم بـ«محولات حفازة» من شأنها تقليل نسب انبعاث غاز أول أكسيد النيتروجين والهيدروكربونات، لافتاً إلى أن هناك توصيات أيضاً تتعلق بالتركيز على السيارات القديمة من حيث زيادة عدد الفحوصات عليها، إضافة إلى نشر أجهزة الاستشعار عن بُعد في أنحاء مختلفة من المدينة لضبط السيارات الملوثة، واستخدام أنظمة ذكية لقياس الملوثات بالعرض المباشر لحالة المركبة أو عن طريق استخدام خدمات شبكة الإنترنت والـGI

وقود نقي

وحول احتمالية تسبب نوعية الوقود المستخدم بارتفاع معدلات التلوث، أكد مدير الإعلام والتسويق في مجموعة «إينوك» خالد هادي، أن نوعية البترول المستخدمة في الإمارات تعد الأنقى عالمياً، حيث تتراوح نسبة الأوكتين داخله ما بين 95 و98، وهي النسب الأعلى جودة على مستوى العالم؛ ما ينفي احتمالية كون نوعية الوقود وراء ارتفاع نسب الملوثات الناتجة من عوادم السيارات. ومن جانبه، قال أخصائي تقييم الأثر البيئي في الهيئة الاتحادية للبيئة حمد المطروشي، إن «غالبية السيارات التي يتم توريدها إلى الدولة، أو إلى دول العالم الثالث بشكل عام أقل جودة من مثيلاتها في الدول الأوروبية، خصوصاً في معدلات الانبعاثات الملوثة الصادرة عنها»، عازياً السبب إلى ضعف الرقابة على استيراد السيارات.

وأوضح أن هناك «أنواعاً من السيارات لا يسمح باستيرادها في الدول الأوروبية يتم قبولها وترخيصها في الدولة، ومنها السيارات الهندية والصينية التي تستخدم عادة للأغراض التجارية من مركبات نقل وباصات، بالإضافة إلى بعض الموديلات من السيارات اليابانية ذات الدفع الرباعي يمنع ترخيصها في الدول الأوروبية لما تسببه من عوادم ملوثة للبيئة بنسب أعلى من الحد المسموح به».

وأشار المطروشي إلى أن «مشكلة مواصفات السيارات تظهر بوضوح في المركبات المخصصة للأغراض التجارية، والتي تعمل بالديزل، إذ إن نسب ملوثاتها تفوق المعدلات المسموح بها بكثير» منوّهاً بأن دراسات تحسين وتطوير الوقود في الدولة تنصب في المقام الأول على البنزين، وفي المقابل تنعدم الدراسات حول ملوثات المركبات العاملة بالديزل.

وذكر المطروشي قصة أحد الخبراء الأميركيين في الدولة الذي اشترى سيارة ذات فخامة عالية من الوكلاء المحليين، وعند رغبته في إنهاء عمله والعودة إلى دولته، رفضت الجمارك الأميركية السماح بدخول السيارة نظرا لعدم مطابقتها للمواصفات والمقاييس المتبعة هناك الخاصة بمعدلات الانبعاثات الملوثة للبيئة من العادم».

وأضاف أن «الهيئة تجري دراسة لتحديد نوعية السيارات الأكثر إصداراً للانبعاثات الملوثة للبيئة، وانتهت من المرحلة الأولى العام الماضي في إمارتي أبوظبي ودبي، وتستكمل المرحلة الثانية حالياً في الإمارات الشمالية، وبناءً على النتائج التي سيتم التوصل إليها سترفع توصيات إلى مجلس الوزراء بنوعية السيارات التي يجب منع استيرادها تبعا لمعدلات انبعاثاتها».

نوعية الوقود

ومن جانبها، عزت هيئة المواصفات والمقاييس الاتحادية ارتفاع معدلات الانبعاثات الملوثة أو انخفاضها إلى نوعية الوقود المستخدم في السيارات، موضحة أن «نوعية الوقود الموجود حالياً ترتفع فيه نسب عنصر (السلفر) المتسبب برفع معدلات التلوث عن المسموح به في المعيار (يورو 4) المطبق في الدولة».

وتابعت أن «جودة الوقود لا تخضع حاليا للمواصفات الموضوعة، وإنما تتحكم فيها القدرة التشغيلية للمصافي المنتجة له في الدولة والتي لم تصل به إلى ما يطابق المعيار (يورو 4) المعتمد من هيئة المواصفات والمقاييس الإماراتية والخليجية، والمشكلة أن إلزامها بمطابقة هذا المعيار يكلفها مبالغ طائلة قد تؤدي إلى رفع سعر الوقود بشكل كبير». وأضافت الهيئة أن «المعيار الذي استطعنا تحقيقه لمعدلات الانبعاثات الملوثة للبيئة من عوادم السيارات هو (يورو 3) ومن المنتظر مع نهاية 2010 أن نتطابق مع المعيار الأحدث (يورو 4)».

وأوضحت أن «أي مورد محلي للسيارات الجديدة يجب أن يصدر شهادة مطابقة للمواصفات المعتمدة لدى الهيئة وهي معيار (يورو 4)، لذا فإن محركات السيارات التي يتم توريدها إلى الدولة لا تقل في جودتها عما يصدر إلى الدول الأوروبية، إنما تحكم كفاءة المحرك عوامل أخرى مثل سنة إنتاج السيارة، والصيانة الدورية لها، والسرعة التي تتحرك بها السيارة» مشيرة إلى أن «مشكلة الانبعاثات تكمن في السيارات القديمة، ذات المحركات التالفة».

اختبار «الموديلات»

وأوضحت مديرة العلاقات العامة في شركة «جنرال موتورز» للسيارات، سعدى حماد، أن «الشركة تقسم إنتاجها بحسب المنطقة التي تصدّر لها السيارة، وبالنسبة إلى المنطقة الخليجية تستثمر الشركة ملايين الدولارات في برامج اختبار الموديلات كافة لقياس مدى ملائمتها لأجواء المنطقة واشتراطات المواصفات والمقاييس في كل دولة»، مشيرة إلى أن «اختلاف مواصفات السيارة من دولة إلى أخرى موجود بالفعل ويتحكم فيه طبيعة كل دولة وأجواؤها».

وقال مدير المبيعات في وكالة سيارات سيات والمستوردة لأحد أنواع السيارات الصينية، أحمد مقلد، إن «مواصفات السيارات المستوردة للدولة تختلف تماما عن مثيلاتها في الدول الأوروبية، وفي المناطق الأخرى من العالم، نظراً لاختلاف المعايير المتبعة في كل منطقة»، مشيراً إلى أن «الدول الأوروبية تتبع معيار (يورو 4) وتشدد عليه بشكل كبير، خصوصا من ناحية قلة معدلات انبعاثات العوادم، في الوقت الذي تتبع فيه الإمارات معيار (يورو 2) والذي على أساسه نحدد للشركات المصنعة مواصفات السيارة التي نقوم باستيرادها، لذا يوجد فارق بين معدل الانبعاثات بين السيارات العاملة في الدولة والأخرى في الدول الأوروبية».

وأضاف أنه «لا يوجد فارق في تكلفة تصنيع السيارات وفقاً للمعيارين (يورو 2) و(يورو 4)، لكننا نلتزم بالمواصفات التي تحددها لنا هيئة المواصفات والمقاييس، والتي تقوم بدورها بالتخاطب مع الشركة المصنعة لتحدد لها المواصفات المطلوبـة».

178 ألف سيارة

خلال الدراسة التي أجرتها بلدية دبي بالتعاون مع إحدى الشركات الاستشارية تم رصد ملوثات عادم 178643 سيارة، وتم استبعاد نحو 30% من البيانات لأسباب تتعلق بنظام الجودة الصارم ضمن تقنية الاستشعار عن بُعد، أو لعدم توافر البيانات الخاصة بالمركبات من هيئة الطرق والمواصلات في دبي، وبالتالي تم الاعتماد على بيانات 110169 سيارة، 5.87% منها تحمل لوحات إمارة دبي، و2.2% للإمارات الأخرى، و3.0% لأرقام خارج الدولة.

تويتر