يوسف أبو لوز: أنا كالصيف لا أحتمل
وأخيرا تخلص الشاعر يوسف ابو لوز من ذئبه الذي طارده طيلة خمس مجموعات شعرية، بل وذهب الى ابعد من ذلك حين تبرأ منه، وعلل تقمّصه له، انه اراد حماية نفسه من الكلاب التي قد تنهشه في الحياة. ففي ديوانه الشعري الجديد «خط الهزلاج»، يروي الشاعر ابو لوز سيرة مختلفة في مستويات الافكار في هذه المجموعة الشعرية الصادرة في عمان .
القصائد التي ضمّها الديوان حملت اسماء لتجارب شعرية مبتكرة في معانيها ومضامينها مثل «معتقدات، وقافية مكررة، وهجرات، وقصائد، والندم، ورموز، ونثرية قمح على ضريح محمد القيسي»، والاخيرة هي محاكاة مع صديقه الراحل الشاعر الفلسطيني محمد القيسي،بوصفه صاحب تجربة حياتية وثقافية شعرية امتدت طويلا، لتترك اثرها في وجدان ابو لوز، الذي يحاول في مجموعته الجديدة أنسنة الذئب.
يقول الشاعر ابو لوز عن ذئبه :
«لستُ ذئبًا ولا من طباعي
العواءُ على الليل ظنًا من الحيوان
بأن الليالي قطيع،
وما جعتُ يومًا
ولا نبتُ صيدًا
فمثلي من دون ناب.
لست ذئبًا، ولكن
تقنعت وجهًا لذئبٍ
لكي لا تعضّ حياتي الكلاب».
وحول تجربته الاخيرة قال أبو لوز «خط الهزلاج» هو ، أنه حاول أن يختلف فيه عن «ضجر الذئب» الذي أسرتني مناخاته لسنوات طويلة، و«خط الهزلاج» خط حياتي، لذلك تبدو بعض القصائد مثل يوميات مكتوبة لكي تعمل على رصد الحالة.. الحالات اليومية. في القصائد نوع من السرد، وأخرى تعتمد على السرد، وأخرى على المعتقدات مثل قصيدة «معتقدات»، وهي تدوير شعري لبعض المعتقدات الشعبية، وأعتقد ان هذا الجانب قليلا ما تطرق اليه الشعراء».
وأضاف ابو لوز «في بعض قصائد المجموعة أيضا، تحضر صور الاصدقاء، وأنا لا اكتب عن الصديق بوصفه صديقا فقط، بل بوصفه تجربة، حيث اهديت قصائدي إلى شعراء، وهناك مرثية للشـــــاعر الراحل محمد القيسي أيضا، حاولت فيها تلخيص حياته التي كانت تتصف بالحزن والآلام، واستخدمت في هذه المجموعة قصيدة التفعيلة ولم ألجأ الى قصيدة النثر، من الجميل ان اذكر ان هذه المجموعة ملأى بالاخطاء المطبعية، ما سبب في ارباكات في الوزن، السبب أنه طبع في عمّـان ولم أتمكن من مراجعته قبل النشر».
وعن معنى ديوانه الجديد يوضح ابو لوز «اشير هنا إلى ان الهزلاج هو الذئب الخفيف، بمعنى ان هناك انسنة الذئب بطريقة مختلفة عن «ضجر الذئب ـ الديوان الرابع».
وهنا يقول ابو لوز في قصيدة «قافية مكررة» وهي مهداة الى صديقه الشاعر احمد فرحات:
كالغزال أشملا الحجارةَ،
كالبيت أبكي،
وكالصيف.. لا أحتمل».
الشاعر ابو لوز عاش سنواته شاهدا على الفعل الثقافي الإماراتي، فقد بنى صداقات متينة مع المثقفين والشعراء والكتاب في الإمارات، ونضجت تجربته داخل هذا المشهد أيضا، الذي الفه، وصار جزءا من شخصيته بتراكم السنوات والتجربة الانسانية التي كرسته شاعرا وكاتبا صحافيا في الامارات، حول تفاعله مع الحركة الثقافية، قال «تشــــهد الامارات حراكا ونموا ثقافيا ومنافسة، وهذا جيد، أن تهتم البلاد بالثــــقافة، وترفع من شأنها وتوازيها مع النهضة التي تشـهدها في مجالات عدة، حيث نشهد طفرة ثقافية حقيقية، فهناك معارض تشكيلية يوميا، وأيام الشارقة المسـرحية الــــتي اسست لحالة ثقافية، الى جــــانب معارض الكتب وإنشاء متحف اللـــوفر في ابــوظبي، في الـــوقت الذي تواصل فيه امـارة الشارقة مشروعها الذي بدأته قبل ربع قرن، وهي السباقة في المشــــروعات الثقافية، كما نشهد ايضا حراكا في دبي وعجمان، وأعتز بوصفي كاتبا عربيا ان اعيــش في الامارات، البلد العربي الذي يهتم بالثقافة ويجعل منها جسرا للحوار مع الآخر، الذي كوّن صورة سلبية في اعلامه ودوائره السياسية».
موضحا «من الامارات تنطلق صورة ثقافية مشرقة تقول للغرب انها تشع ثقافة وإبداعا وفنونا وآدابا، وبذلك نحن نناهض القلق والبشاعة والحروب بالثقافة والفنون».
ويرى ان هذه المرحلة في المشهد الثقافي الاماراتي زاخرة بالكثير من الاسماء. وقال «سطوع القصة القصيرة بأقلام نسائية، فيما تراجــع ظهور اسماء شعرية جديدة باستثناء جيل التسعينات منهم ابراهيم الملا، وجمال علي، والهنوف محمد، وأحمد عبيد، وأحمد منصور، هذه الاسماء ظــهرت في التسعينات، وهي قليلة، لكنها تقدم تجارب نوعية على مستـــوى الاشتــغال على قصيدة النثر، وهــــذه الاسماء تعدّ اضافة نوعية لفن الشـــعر في الامارات، لكن ينقصها المتابعة النقدية، حيث لا توجد متابعات نقدية تتناول هذه التجارب»