خصخصة السجون في سبتمبر المقبل

كشف نائب مدير إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية في القيادة العامة لشرطة أبوظبي، المقدم محمد سيف مطر الزعابي، عن خصخصة السجون وإسناد مهام إدارتها إلى إحدى الشركات البريطانية بميزانية تقدر بنحو 80 مليون درهم سنوياً، وتبدأ الشركة عملها مطلع سبتمبر المقبل، مؤكداً أن «مبدأ خصخصة السجون لا ينقص من سيادة الدولة في شأن السجناء، إنما يهدف إلى رفع مستوى السجون وتعزيز مبدأ حقوق السجين».

وأشار إلى مشروع إنشاء مبنى جديد للمنشآت الإصلاحية والعقابية في منطقة الوثبة بأحدث المواصفات العالمية بتكلفة مليار و57 مليون درهم، يسع 5500 سجين ومزود بأحدث التكنولوجيا والخدمات والعنابر، وتطرح مناقصة البناء خلال شهرين، ضمن استراتيجية القيادة العامة لشرطة أبوظبي.

وأوضح الزعابي أن «الإدارة أولت إحدى الشركات البريطانية، المتخصصة في إدارة وتأهيل السجون في بريطانيا، مهام إدارة وتأهيل قسم أحداث المفرق، وتبدأ الشركة عملها مطلع سبتمبر المقبل، كما تتولى أيضاً إدارة وتأهيل سجن الوثبة الجديد بعد إنشائه، فيما تتولى المنشآت الإصلاحية مهام إدارة قسم السجناء الخطرين والجنائيين».

وأشار إلى أن الشركة تمتلك خبرة طويلة في هذا المجال وتحمل فلسفة خاصة في إدارة السجون والتعامل مع النزلاء ونظم التأهيل النفسي والسكن والتدريب والطعام والحياة اليومية للسجين بما يسهم في إعادة تأهيلهم وعودتهم أفراداً صالحين مرة أخرى إلى مجتمعاتهم.

وأكد الزعابي أن مبدأ خصخصة السجون لا ينقص من سيادة الدولة في هذا الأمر، موضحاً «أن دخول وخروج السجين يخضع لإشراف إدارة المنشآت وفقاً للأحكام الصادرة من القضاء، إذ تتولى الإدارة مهام تسليم وتسللم السجين عبر بوابة السجن»، إضافة «إلى أنه ستكون هناك متابعة دورية من قبل الإدارة والنيابة وبعض الجهات الأخرى ذات العلاقة للاطلاع على مدى التزام الشركة ببنود العقد المتفق عليه».

وتابع الزعابي أن «الشركة قدمت اقتراحاً بالتكلفة يصل إلى 202 درهم يومياً للسجين الواحد شاملة خدمات السجين كافة ومهام الحراسة وبرامج التأهيل والتدريب وغيرها».

وأوضح أن «الشركة ستتولى إدارة أحداث المفرق بعد انتهاء مرحلة الإعداد واستيراد التجهيزات والمعدات اللازمة وتعيين الكوادر والموظفين والحراس المتخصصين واختيارهم بمواصفات عالمية»، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو رفع مستوى السجون في الدولة مقارنة بالدول المتقدمة وتعزيز مبدأ حقوق السجين.

ضغط السجون

وحول المبنى الجديد للمنشآت الإصلاحية قال الزعابي إن الهدف من بنائه استيعاب الزيادة العددية، حيث تعاني السجون الحالية من الاكتظاظ الذي يؤثر في العملية التأهيلية وتقديم البرامج والخدمات بشكل ممتاز.

وحول الأفراد المحكوم عليهم بالإبعاد وقضوا مدد عقوبتهم لكن عليهم مطالبات مالية، أشار إلى أن «إدارة المنشآت الإصلاحية مازالت تتعامل مع اللجنة الاتحادية المشكَّلة لدراسة مثل هذه الحالات وتسديد المستحقات المالية عليهم وترحيلهم، ويستمر هذا التنسيق إلى أن تبدأ اللجنة المحلية المشكلة على مستوى أبوظبي عملها لدراسة أوضاع هؤلاء السجناء»، مضيفاً أن هناك جهات خيرية وأفراداً يدفعون مديونيات بعض السجناء والتكفل بتذاكر طيرانهم ايضاً.

كان.. وأصبح يُشار إلى أن المنشآت الإصلاحية والعقابية في إمارة أبوظبي تحتل موقعين الأول في منطقة الوثبة والثاني في مدينة العين، وتم افتتاح سجن الوثبة عام 1984، حيث كان بدائياً من حيث الخدمات والبرامج المقدمة للنزلاء، وشهد على مدار 24 عاماً قفزة نوعية وخدمات متنوعة سواء على مستوى السكن الصحي والمكيف والطعام الفاخر والرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية من قبل أطباء متخصصين وبرامج التأهيل والتدريب المهني وتوفير فرص العمل وتمويل الدراسة بالجامعات وتوفير الاتصالات الهاتفية للسجناء وغيرها من الخدمات التي يتمتع بها السجناء بما يحفظ حقوقهم الإنسانية والآدمية ويساعد على تأهيلهم.

كما شهد السجن تطوراً على مستوى البرامج التأهيلية، حيث كان في السابق يقتصر على النشاط الديني والرياضي، وتم استحداث برامج وآليات جديدة، حيث أصبح النزيل أمامه خيارات عدة من البرامج وورش التدريب المهني ودورات الحاسب والاستفادة من برامج التدريب التي يقدمها القطاع الخاص، خصوصاً بمجال إصلاح السيارات وصيانة الحاسب الآلي، إضافة إلى الراتب الشهري الذي يمكن أن يحصل عليه بعد تسويق الإنتاج الذي يقوم به، ويحصل النزيل على مبلغ يصل إلى 300 درهم شهرياً يحوّلها إلى أسرته.

السجين الطالب

وقال نائب مدير إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية إن تكلفة دراسة السجين في برنامج متخصص بكليات التقنية تصل إلى 84 ألف درهم، وقد أفرج عن 25 نزيلاً يواصلون دراستهم بكليات التقنية خارج سجن الوثبة بالفصل الأخير تمهيداً لتخرجهم.

ولفت إلى أنه بناء على توجيهات الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير الداخلية، تتعاون وزارة الداخلية وكليات التقنية العليا في طرح برنامج كليات التقنية لتأهيل النزلاء المواطنين لسوق العمل، وتم تدشين مشروع التفوق للأبحاث التطبيقية والتدريب التابع لكليات التقنية في قسم الوثبة لإعداد وتقديم برامج التأهيل للنزلاء المواطنين لسوق العمل،

وهو الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، وتم افتتاح البرنامج رسمياً في مارس 2007، ويؤهل البرنامج النزلاء لسوق العمل بعد انتهاء محكوميتهم وإكسابهم مهارات علمية واللغة الانجليزية والرياضيات وتوفير بيئة تعليمية وتدريبية، ويمنح النزيل الدارس دبلوم انجاز وهي شهادة أكاديمية معتمدة من وزارة التعليم العالي.

وزاد أن الكلية توظف الخريج بموجب هذه الشهادة ويحصل على عمل مناسب في العديد من منشآت القطاعين الخاص والعام، ويستمر البرنامج لمدة عامين مقسماً إلى أربعة فصول دراسية، وبلغ عدد النزلاء الدارسين الملتحقين ببرنامج الفصل الدراسي الأول 57 نزيلاً دارساً.

استثمار في السجون

يطبق نظام خصخصة السجون في بريطانيا والولايات المتحدة، إذ تقوم شركات خاصة ببناء وإدارة السجون، بينما تدفع الحكومة رسوم إيواء المساجين في تعاقدات طويلة الأجل تصل إلى 25 عاماً.

وتعرض الحكومة البريطانية حالياً أفكاراً استثمارية جديدة للخروج من أزمة تمويل طاحنة في نظام السجون البريطاني الذي وصل إلى حدود استيعابه القصوى، حيث تدرس فكرة شراء المستثمرين من القطاع الخاص لأسهم في زنزانات سجون خاصة، بحيث يشتري المستثمر «وحدات عقارية» في السجن لإيواء السجناء، بينما تدفع الحكومة له عوائد إيجار مقابل استثماره.

ويكون مبنى السجن في هذه الحالة هو الاستثمار العقاري الذي يماثل في هيكلته الاستثمار في الشقق أو الوحدات الفندقية. ويتوقع خبراء أن يكون بإمكان المستثمر العقاري قريباً أن يختار بين شراء وحدة عقارية في فندق فاخر يؤوي سياحاً في منطقة طبيعية خلابة، أو زنزانة في سجن خاص تحوي مساجين خطرين.

وهناك العديد من التجارب الأميركية في تخصيص السجون، لعل أشهرها في ولاية تكساس التي طبقت التجربة على نطاق واسع على أساس تقديم البديل الأكثر كفاءة للنظام الحكومي.

وتصل تكاليف إيواء المساجين في السجون الخاصة في تكساس نحو دولارين في اليوم الواحد لكل سجين، وتصل العوائد على الاستثمار في السجون الخاصة الى ما بين 10 و12%.

عيوب التجربة الأميركية

أكدت دراسة أن تجربة السجون الخاصة الأميركية شابتها عيوب وانتقادات عدة، من بينها «الاقتصاد في طعام السجناء، وتركهم يتضورون جوعاً، وفي حالات المرض كان السجناء ينتظرون أياماً حتى يتم الكشف الطبي عليهم». ورصدت الدراسة أن مدير أحد السجون الخاصة كان يدير شبكة سرية لبيع المخدرات للمساجين داخل السجن،

كما تم القبض على مدير سجن آخر كانت له علاقات مشبوهة مع عدد من النساء السجينات، وضُبطت حالات متعددة لهروب مساجين من السجون الخاصة نظراً لافتقار الموظفين إلى التدريب اللازم وعدم كفاية عددهم؛ لأن الشركات التي تستخدمهم تهدف إلى الربح وتكتفي بالحد الأدنى من الأيدي العاملة.

وكشفت شرائط فيديو لتعذيب سجناء سجلها عمال سجون خاصة تعد نوعاً من التدريب للعمال الجدد في كيفية التعامل مع المساجين، وتبين أن بعض حراس السجون من القطاع الخاص هم مجرمون سابقون، ووقوع حالات هروب جماعي في هذه السجون.

جرائم النزلاء

20% جرائم واقعة على المال 23% المسكرات والمخدرات 13% مخالفة قوانين العمل 12% مخالفة قوانين الجنسية والإقامة 32% موزعة بنسبة 5 إلى 6% لكل من الجرائم الماسة بالنفس والعِرض والخطر العام.

الأكثر مشاركة