استولت المقاهي بجميع أنواعها على العاصمة الأوكرانية كييف، حيث شهدت المدينة انفجارا في عدد المقاهي خلال السنوات الأخيرة. ففي وسط المدينة وهو موقع ترتفع فيه أسعار العقارات، لتوازي أسعارها بلندن وطوكيو، يمكن رؤية ازدحام كبير من المتاجر التي تقدم المشروبات، والتي لا يكاد أن يفصل بين أحدها والآ خر سوى 30 مترا.
ومن الأمور المألوفة في الوقت الحالي الانتظار والوقوف في أرتال طويلة، إلى أن يخلو مقعد في أحد المقاهي، حتى المتوسطة في بداية المساء. لكن ميزة هذه المقاهي أنها تجمع بين كل شرائح المجتمع الأوكراني، بدءا من الطلبة وربات البيوت اللاتي تبدو عليهن علامات الراحة وهن ينفقن من دخول أزواجهن، والمولعين بالتهام الحلويات، وحتى ذلك الشاب الذي يريد مجرد التزود بالطعام دون حاجة إلى ارتياد مطعم، وهي ظاهرة ينظر الى أنها ايجابية، خاصة ان الفروق الطبقية الكبيرة باتت واضحة في المجتمع الاوكراني، وبذلك فإن هذه المقاهي مناسبة للقاء الفقراء بالاغنياء. ويقول أندري كوفالينكو مدير مقهى «إفيوبيا» إن كلمة «مطعم» لها إيحاءات سلبية في أوكرانيا، ففي عهد الاتحاد السوفييتي السابق، كان المواطنون يرتادون المطاعم لمجرد إقامة حفلات الزفاف أو التخرج في الجامعة، وبالتالي فإن أبناء أوكرانيا في العهد الحالي يبحثون عن مقهى إذا أرادوا تناول وجبة سريعة، أو لمجرد اللقاء والخروج من المنزل. ثمة مايجعل الاوكرانيين يتعلقون بالمقاهي ويحبون الجلوس فيها لساعات طويلة، حتى ان بعض المقاهي يفتح على مدار اليوم.
ويشكو ماروسيا شيليست، وهو موظف وزبون لدى المقاهي، من ارتفاع أسعارها بشكل كبير،ويتشكك في قدرة أحد على تناول وجبة في الخارج، ومع ذلك فإنه يقول إنه يستطيع وصديقاته دفع ثمن فنجان من القهوة في مكان أنيق. وتعد شركة «كوفيه خوز» أي «بيت القهوة» الرائدة في السوق وهي تدير 24 مقهى في كييف الكبرى، وهذه الشركة مقرها موسكو وتعرض مجموعة مختارة من القهوة الإيطالية في مقاه منخفضة الإضاءة ومزدانة بالكثير من الأخشاب. غير أن رواد سلسلة مقاهي «كوفيه خوز» يختلفون مثلهم في ذلك مثل أشياء كثيرة في كييف، وفقا للحي والتوقيت، ويمكن في هذه المقاهي رؤية بعض أفضل مواطني المدينة، خاصة المقاهي التي تقع إلى جوار دار الأوبرا الوطنية أو قاعة الموسيقى بعد انتهاء الحفل أو العرض. وقد يختلط الموسيقيون والفنانون مع الجمهور على مقاعد المقهى. ويصف أصحاب مقهى «كافكا» القريب من دار الاوبرا، بأنه مقهى المفكرين والمثقفين الذين يجتمعون يوميا فيه، بحيث تتحول هذه الجلسات الى شبه منتديات ثقافية. ويقدم المقهى 40 نوعا من القهوة بما فيها القهوة التركية. لكن وكعادة المثقفين في ارجاء العالم، لاينتظر منهم الكثير من المال. أما مقهى ألفريدو في شارع دروزابا ناروديف « صداقة الشعوب» فهو يجتذب مجموعة مختلفة من الرواد مثل الموظفين والطلاب والأزواج وأصحاب المهن الذين يتوقفون عنده لتناول وجبة سريعة قبل العودة إلى المنزل، وبنظرة على السيارات في ساحة الانتظار أمام المقهى في إحدى الليالي يتضح حجم الأموال التي بحوزة العاملين في كييف هذه الأيام، حيث توجد أحدث السيارات اليابانية والألمانية. وليس بعيدا عن المكان يقبع مقهى«جول فيرن» الذي يستقطب مجموعة من الشباب المتحرر، ويجتذب زبائنه من طلاب الجامعات المجاورة. كما يقبل عليه الفتيان والفتيات بعد نزهة على ضفاف نهر دينيبرو. والأسعار في المقهى متواضعة ويغلب على ديكوراته الطابع الفرنسي وفيه مقاعد راقية مع قائمة طعام متنوعة، حافلة بما لذ وطاب بما في ذلك شطائر الفاهيتا والتونة. ويشرف مقهى «تشيخوف» على ميدان النصر بكييف ويجاور المركز التجاري، وتفضله النساء، حيث يقدم قائمة تضمّ الأسماك والسلاطة والكثير من الحلوى و14 نوعا من القهوة بالحليب مع أسعار منخفضة، وبحسب أحدث إحصائية لبلدية كييف التي تضم ثلاثة ملايين نسمة، يوجد ما يصل إلى ألف منشأة تطلق على نفسها اسم مقهى. |