هيلاري مشاكسة.. وأوباما بطل مثالي.. وماكين آلة دعاية
مثلما يختلف المرشحون لانتخابات الرئاسة الأميركية في برامجهم السياسية، فإنهم يختلفون أيضا في طبائعهم وصفاتهم الشخصية. ويشترك كثير من الأميركيين في الصورة الذهنية التي يرون بها المرشحين الثلاثة للرئاسة (جون ماكين الذي نجح في أن يكون مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة، وباراك أوباما وهيلاري كلينتون اللذان مازالت المنافسة بينهما محتدمة).
وبشكل عام يمكن القول إن شريحة عريضة من الأميركيين، ترى هيلاري كلينتون امرأة حديدية صمدت أمام خيانة زوجها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، لتحظى بإعجاب الكثيرين.
وقد قطعت شوطاً كبيراً حتى الآن في السباق نحو البيت الأبيض باعتبارها أول مرشحة للرئاسة في الولايات المتحدة.
أما باراك أوباما فابتسامته الهادئة وسنه الصغيرة يبعثان برسالة تفاؤل لا تعرف حدوداً، على عكس جون ماكين الذي تجاوز السبعين عاماً، وتغطي التجاعيد وجهه بشكل لا يُبشر بأي تغيير حقيقي، خاصة في قضية العراق، فهو صاحب التصريح الشهير «سنبقى في العراق لـ100 عام قادمة».
هذه الصفات الملاحظة على المرشحين الثلاثة قد يراها البعض فيهم بالفعل، وقد يختلف عليها البعض الآخر، لهذا ظهرت الحاجة إلى تحليل علمي ونفسي.
وقد أظهرت تلك التحليلات النفسية أن هيلاري هي أشبه بالحارس الوفي، وأوباما بالبطل المثالي، أما ماكين بالمهني المروج.
هذا التحليل المدروس أجرته منذ بضعة أسابيع مجلة « سليت » التابعة لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، حيث طبقت مبادئ تقويم الشخصية على المرشحين، بالاعتماد على نظريات عالم النفس الشهير كارل غانغ.
ومن الجدير بالذكر، أن غانغ طور المبادئ التي وضعتها سيدتان إبان الحرب العالمية الثانية والتي على أساسها وضعن 16 نموذجاً للشخصية.
كما اعتمدت المجلة على قراءة تحليل عالم النفس ديفيد كيرسي للشخصيات الـ16، واستخلاص أربعة نماذج منها، هي الحرفي والوصي أو الحارس والمثالي والعقلاني ويذكر أن المجلة قد نجحت عام 2000 في تحليل شخصية الرئيس الأميركي جورج بوش،
حيث قالت عنه «إنه حاسم ولا يكترث بأي أفكار ثانوية، كما أنه لا يحلل أخطاءه ويتعلم منها، ولهذا يمكن أن يقع في الخطأ نفسه مرة أخرى». ولما كان تحليل الشخصية يتم في أغلب الأحيان عن طريق تحليل إجابات أسئلة معينة، استعانت المجلة بكتب السير الذاتية المكتوبة عن الثلاثة مرشحين؛ لدراسة شخصياتهم واكتشاف عاداتهم ومواقفهم.
هيلاري الحارس الوفي
تبين من التحليل الشخصي للسناتور هيلاري كلينتون، أنها تنتمي إلى فئة الحارس، وهي من الشخصيات التي يطلق عليها كيرسي«المشرف»، وهي الفئة نفسها التي كان ينتمي إليها جورج بوش الأب.
ويشخص كيرسي هذه الشخصية قائلاً إنها معروفة بالوفاء والحذر والنظام، كما أنه موثوق بها، وتتكيف مع الظروف المحيطة بها.
وتكمن موهبة تلك الشخصية الأولى في تحمل المسؤولية، وتحديد واجبات الآخرين، فهي من خادمي الشعب المخلصين الذين يرون دورها في الحكومة وفق معايير التضحية الشخصية وخدمة الآخرين.
ويضيف كيرسي أن فئة الحراس تتمتع بأكبر قدر من احترام الذات؛ إنه يمكن الاعتماد عليهم والوثوق بهم ومحاسبتهم على مسؤولياتهم التي يجب أن يضطلعوا بها. بعبارة أخرى هي شخصية «يمكن أن تعلن للجميع أنها على استعدادلتولى مسؤوليات الرئاسة منذ اليوم الأول».
وتؤمن هيلاري بالحلم الذي آمن به من قبلها «مارتن لوثر كينغ» بأن الرئاسة «هي معرفة كيفية تمرير تشريع صعب في كونغرس عنيد ومشاكس، أكثر من كونها تحويلا للمجتمع».
ولا يحب أفراد هذه الفئة التحدث عن الأشياء بشكل عام، بل يحبون تحديد النقاط التي يتحدثون حولها؛ لكي يكون حديثاً مسترسلاً.. وهو ما قد يفسر مبادرة الرعاية الصحية التي أطلقتها هيلاري حين كانت سيدة أميركا الأولى في عهد بيل كلينتون.
ويؤكد التحليل النفسي لشخصية هيلاري أنها من الأشخاص الذين يفضلون مناقشة التفاصيل الدقيقة للمشكلة.
أوباما البطل المثالي
أما باراك أوباما فهو المثالي أو «البطل» المفعم بالحيوية والايجابية، حسب تصنيف كيرسي على غرار «مارتن لوثر كينغ» الذي كان مثالياً هو الآخر.
ويعتقد هؤلاء الأشخاص أنه «من السهل عليهم تشجيع من حولهم وإلهامهم من خلال الحديث، ولذلك فهم كثيرو الكلام»، كما أنهم يحبون عرض أفكارهم على العالم ويحبون الأخلاق والعدل.
لكن الكلام الكثير يُعيد إلى الأذهان فكرة «الكلمة الساحرة» التي تنشر الأمل من دون فعل وهو ما يأخذه منافسا أوباما عليه.
وفى حال فوز أوباما فإنه سيكون أول رئيس أميركي من فئة المثاليين أو الذين يعيشون في المدينة الفاضلة «يوتوبيا»، فقليل منهم من يشغل منصبا تنفيذيا. وتتميّز هذه الفئة من الأشخاص، بميلهم إلى بذل كل ما بوسعهم لنشر الخير ودرء الشر في العالم.
ويقول أحد زملاء أوباما بكلية الحقوق بجامعة هارفارد إنه حين كان أوباما رئيسا لتحرير مجلة «القانون» فإنه كان يرغب في أن تعكس القرارات التي تتخذها المجموعة رغبات أسرة التحرير، وليس رغباته الشخصية.
وأسهم الذكاء الدبلوماسي الذي يتمتع به أوباما، في احتفاظه بصداقات كثيرة مع أشخاص من ذوي التوجهات المختلفة، مما مكنه من تمرير مشروعات قوانين صعبة في مجلس الشيوخ، حيث يمثل ولاية إلينوي.
ماكين الحرفي
وفي الحزب الجمهوري يقف جون ماكين ممثلا وحيدا للحزب. ومن تحليل شخصيته يتبين أن ماكين حرفي، الذي يصنفه كيرسي على أنه مروج لأفكار معينة كماكينة الدعاية ،مثل الرئيس الأميريكي الحالي جورج بوش الذي ينتمي إلى الفئة نفسها.
ويتميّز ماكين بأنه شخص عملي متفائل يركز على عيوب الآخرين، ولا ينـتبه إلا إلى ما يحدث في الحاضر.
ويضيف كيرسي أنه ينبغي على الحرفيين أن يكونوا أقوياء بالدرجة الكافية، لكي يكون لهم حضور وتأثير في مجريات الأحداث، سواء على الصعيد السياسي أو في أرض المعركة. ويشير إلى أن أمثال ماكين هم الأقدر على ابتداع طرق ووسائل للبقاء على قيد الحياة، في ظل ظروف صعبة.
وفي هذا الصدد ذكرت مجلة«نيوزويك» الأميركية أن ماكين تمكن من البقاء حياً داخل أحد معسكرات الأسرى في فيتنام، لا لشيء، سوى لعناده الكبير. ولا تشعر هذه الفئة من الناس بأي تهديد بالفشل، ولهذا تقدم على اقتحام المخاطر وتشجيع الآخرين على تقليدهم.
ويقول كيرسي إن الفئة التي ينتمي إليها ماكين قد تتظاهربالتعاطف مع محدثيها، بينما هي في الحقيقة تركز بشكل أكبر على قراءة تعبيرات الوجه ولغة الجسد للشخص الذي تتحدث إليه.
ويهتم ماكين بما يحدث على أرض الواقع وما يجدي نفعاً ولا يهمه من يُدهس في سبيل تحقيق الهدف. وتظهر هذه الصفة جانباً سيئاً من شخصية ماكين التي قالت عنه صحيفة «وول ستريت جورنال» إن قوته السياسية الكبيرة تُعد أيضا نقطة ضعفه، فقناعاته السياسية هي شخصية أكثر منها أيديولوجية.
|