القضية ليست «قاضي»!!


تفاعلاً مع عمود الخميس الماضي حول قضية «تكميم الأفواه» التي يتبعها اتحاد الكرة مع رؤساء وأعضاء مجالس الأندية الرياضية، أرسل لي أحد الإخوة أبياتاً شعرية تقول:

 

في بن هزيم وقــــــــاضــي   يالاتحـــاد أخطـــيـــت
الشجــعان المــــــــــــواضي   لهــم حضـــور وصيت
ما خــــــــــافوا الافتراضــي   والحق له تصـــــــويت
واللي ترا مب راضـــــــــــي   قله عســـى ما رضيـت

 

وحتى لا يُفهم الموضوع على أنه دفاع عن قاضي مروشد وأحمد بن هزيم، اللذين صدرت في حقهما عقوبة مخالفة المادة 119 من لائحة المسابقات، أؤكد في مقال اليوم أن القضية ليست قاضي ولا بن هزيم، كما أنها ليست حسن طالب أو عبدالله صالح اللذين أيضاً دفعا غرامة الـ20 ألف درهم، وليست أي شخص آخر ستقرر اللجنة معاقبته لأنه «تجرأ» وتوجه بالنقد للاتحاد أو العاملين فيه أو في لجانه، القضية الأكبر والأشمل والأخطر هي مخالفة دستور الدولة الذي يعطي كل مَن يقيم فيها الحق في التعبير، وبالتالي مخالفة القوانين الاتحادية ذات الصلة، وسياسة دولة الامارات القائمة على كفالة حرية التعبير، وحق إبداء وجهة النظر الخالية من المهاترات والسباب والقذف المعرّف في القانون، ويودي بصاحبه الى السجن أو الغرامة!! اتحاد كرة القدم يعاقب كل من يتحدث بلغة «انتقادية» مسموحة شرعاً وقانوناً وعرفاً، تحت بند قانوني بعيد كل البعد عن مضمون تصريحات الإخوة  الذين عوقبوا، وبالتالي فإن هناك خلطاً واضحاً بين المسموح والممنوع، بل يتم تكييف المادة المذكورة والتي تنص بشكل غير صحيح إطلاقاً، فهي تنص بوضوح على «حظر القذف والسب والاساءة والفعل الفاضح»، بينما ما يردده مسؤولو الأندية بعيد كل البعد «روحاً ومضموناً» عن هذه الأمور، ولربما فات السادة أعضاء الاتحاد أن وسائل الإعلام المحلية بما فيها الصحف اليومية والتلفزيونات المختلفة، لا تنشر أبداً عبر صفحاتها وشاشاتها، أي نوع من القذف والسب المحرم قانوناً؛ لأنها لو فعلت ذلك ستكون طرفاً في الجريمة، وتالياً كيف يُغرم مسؤولون أطلقوا تصريحات على الهواء مباشرة أو على صفحات الجرائد بتهمة السب والقذف والفعل الفاضح!!


ما يفعله اتحاد الكرة في هذا الشأن هو بالفعل شيء معيب، ومسيء، ليس لأهل الرياضة فقط، بل لسمعة دولة الامارات التي تعتبر من الدول المتطورة في مجال الحريات، ويكفل دستورها للمواطنين حق التعبير عن الرأي وحرية إبداء وجهات النظر، ونحن دائماً ما نفتخر في كل المحافل الدولية التي نشارك فيها بتصريحات سمو الشيخ سيف بن زايد، وزير الداخلية، الذي صرح أكثر من مرة بأنه لا يوجد في الإمارات «سجين رأي»، فكيف يسير اتحاد الكرة وهو جزء من الدولة في اتجاه «تكميم الأفواه»، وفرض «حظر» على الرأي!!

 

هل لنا أن نتخيل لو أن جميع الجهات والمؤسسات الأخرى طبقت المادة 119 بنفس الآلية «المخلوطة» التي تطبق في الاتحاد؟ بالنسبة لنا نحن الصحافيين لاشك أنها «كارثة» حقيقية تجعلنا نفكر في ترك الصحافة والتحول الى بيع الأقمشة  في «بكشة» على رؤوسنا بين البيوت والفرجان، لأن البقاء في المهنة مستحيل خصوصاً أن كل «انتقاد» يعني غرامة 20 ألف درهم!!   
 
reyami@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة