«أربع بنات» في الافتتاح.. دموع لا تحدث «بللاً»


تتطلب مقاربة الفيلم البحريني «أربع بنات» الذي اُفتتح به مهرجان الخليج السينمائي عروضه، أول من أمس، بعض المشقة؛ على اعتبار أن أشياء كثيرة لنا أن نرصدها فتذكرنا بأشياء أخرى، على شيء من محاكاة الفيلم نفسه، على اعتباره كان مدهشاً بقدرته على إطلاق خيوط درامية مجانية، الخيوط التي ستتشابك دون أن تفضي إلى شيء في النهاية، أو ستتصارع دون أظافر أو أسنان، مع كمية هائلة من دموع لم تملك القدرة على إحداث بلل، أو اختلاق حزن، مضافاً إليها موسيقى تصويرية شرحت لنا طوال مدة العرض المشاعر الفياضة التي تجول في نفوس الشخصيات؛ فجاء كل شيء شبه ميلودرامي.

 

يمكن التخلص من المشقة التي بدأت بها عبر الاستعانة بما يمكن اعتباره المقولة التي يسعى فيلم  «أربع بنات» الذي أخرجه حسين الحليبي، وكتبه حمد الشهابي، ومحاكمة الفيلم وفقاً لها عبر الأربع بنات اللواتي يواجهن، كل واحدة على طريقتها، ما يفترض أنها مشكلات مالية، وأخرى اجتماعية، واجتماعهن في النهاية على قرار خطير في الأعراف والتقاليد، ألا وهو قيامهن بالعمل في مغسلة سيارات، تمتلكها إحداهن، والتي نكون قد شاهدنا في بداية الفيلم كيف تعرضت لحادث أليم يتمثل بإقدام زوجها على قتل والده، وعلى شيء من بداية حافلة بـ«الأكشن».

 

حسناً، أعود إلى المقولة، التي يمكن أن تكون بتقديم رصد لمعاناة المرأة الاجتماعية، والبطالة، ومن ثم التطرف الاسلامي، والأفكار المغلوطة التي تتسيده، ولتكون تلك المغسلة محور الأحداث على اعتبار أن الزوج السابق لتلك المرأة التي تملك المغسلة، أو التي تملكها عمتها التي هي زوجة والد الزوج السابق، ولنجد كيف يحوّل هذا الزوج السابق مآربه الشخصية إلى مطالب دينية، تسعى إلى تغيير المنكر باليد، وتحريض الناس تحت هذا الغطاء ضد تلك النساء، اللواتي يتهمهن بالفجور وما إلى هنالك من تهم جاهزة تخدم مصالحه الشخصية التي هي في النهاية اقتصادية.

 

لكن ولكم أن تعدوا ما يتجاوز أصابع اليد، ما يترافق مع ذلك من تشويش وتطويل، فإلى جانب ذلك المتطرف شيخ معتدل وحكيم، يعظنا طوال الوقت، خصوصاً في نهاية الفيلم بعد أن تبوأ كل محاولات المتطرف الذي جسد شخصيته خالد الرويعي بالفشل، كما أ ن كل بنت لها معاناتها الخاصة، فهذه تعاني من اضطهاد زوج أمها مدمن الكحول، والثانية من والدها القاسي الذي يسألها أن تعمل، والثالثة تعاني من أمها المطلقة واستباحة المجتمع للمطلقات، وكل هذه الشخصيات تخون ما قدمت عليه، ونجدها مضطربة لا نعرف لما تتغير فجأة ودون مقدمات، وما الأسباب الدرامية وراء ذلك، ليضاف إليها قصص حب، واحدة منهن مع طليقة ذاك الزوج المتطرف دون أن نعرف من هو هذا العشيق ولمَ وكيف، وقصة أخرى تندلع جذوتها من جراء حادث سير، ما استدعى أيضاً تطعيم الفيلم بأغانٍ عاطفية، وأشياء كثيرة بلا نهاية ولا بداية.

 

ربما النيات حسنة، ربما التطلع لتسجيل قول أو رصد واقع اجتماعي ما كانت أعين المشتغلين على هذا الفيلم تتطلع إليه، إلا أنها جميعاً لا تكفي لأن يكون ما شاهدنا أول من أمس فيلماً مصاغاً وفق شروطه أو تطلعه، فالفيلم سعى لأن يكون واقعياً، وتجارياً، ومن ثم ترفيهياً، فلم يوفق، لا بل كان مسرفاً في كل ما كان عليه أن يقتصد فيه، واقتصد في كل ما كان عليه أن يسرف فيه، وهو يبحث عن بوصلة تحدد اتجاهات خيوطه وقصته، وما يفترض أنها مقولته التي جاءت على شيء من الموعظة.
تويتر