«الكمنجاتي» عرض يروي حكاية اللاجئين بالأغنيات

 

يجمع عرض «الكمنجاتي» الفني بين الموسيقى، وقراءة ممثلين لنص مكتوب يروي حكاية النكبة، وفيلم يستحضر العديد من مشاهد التهجير لفلسطينيين اقتلعوا من أرضهم بعد حرب عام 1948 .

 

فقد روى ثلاثة ممثلين، الليلة قبل الماضية، نصاً كتبته الصحافية الاسرائيلية عميرة هس، على مسرح قصر الثقافة في رام الله، بالضفة الغربية المحتلة، عن الموسيقار الشاب رمزي ابو رضوان (29 عاماً)، الذي خرج من أزقة مخيم الأمعري لتعلّم الموسيقى في فرنسا، ثم عاد الى الاراضي الفلسطينية حالماً بتعليم الموسيقى لكل اطفالها.

 

وتستعرض هس في نص مسرحي مطوّل قصة نكبة الفلسطينيين عام 1948، مبتدئة بحكاية جد رمزي الذي أجبر مثله مثل مئات الآلاف من الفلسطينيين على ترك منازلهم منذ 60 عاماً ليواصلوا العيش «في غابة كثيفة من الاسمنت الرمادي، وأسقف الاسبست، واسلاك الكهرباء العشوائية، الممتدة من اسطح الزقاق والازقة التي تضيق كلما اضاف أحد غرفة او طابقاً».

 

وتواصل هس وصفها لذلك المكان الذي ولد وترعرع فيه ابو رضوان «ليست هناك اشجار، ومياه المجاري تفيض دائما وسط الزقاق، انه مخيم لاجئين حدوده ضيقة ومعزول ومنطوٍ على بؤسه، مخيم واحد من 59 مخيما للاجئين في اربعة اقطار، كانت في بدايتها خياماً مؤقتة بانتظار ان نعود بعد قليل في القريب العاجل وسترون».

 

وتقول هس، التي تعيش في رام الله منذ سنوات، في نصها، «لقد سبق وسألنا لو لم يطرد شعب من أرضه ووطنه، ومن بيوت آبائه واجداده، فأي شعب سيكون».

 

ويعرض الفيلم، الذي اخرجه الايطالي ماركو دينوي الذي رحل العام الماضي، قصة لجوء الفلسطينيين من خلال سرد لتجربة جد رمزي ابو رضوان الذي أجبر على ترك قريته «النعاني» بقضاء الرملة التي تتوسطها سكة حديد كانت تربط بين القدس ويافا الى الرملة، وبعد ذلك أجبر على تركها ليجد نفسه في مخيم الأمعري برام الله.

 

تفاصيل كثيرة يرويها الفيلم الذي أعد خصيصاً لهذا العرض، حول اللجوء، مع استحضار صور من عمليات التهجير، والمعارك التي شهدتها تلك الفترة، كما تتحدث هس بالفيلم حول معاناة الفلسطينيين الذين هجروا، وهي تقف وسط ما بقي من اثار لقرية «النعاني» المدمرة، التي مازالت بعض الحجارة شاهدة على وجودها، كما يعرض الفيلم مشاهد لتدمير منازل الفلسطينيين واقتلاع الجيش الاسرائيلي لأشجار زيتونهم ومعاناة الفلسطينيين على الحواجز والجدار الذي تقيمه اسرائيل على اراضي الفلسطينيين.

 

قرأ النص الممثل المسرحي الفلسطيني اميل عشراوي، والممثلة نادرة عمران، والممثل صالح بكري، عن حكاية ابو رضوان من بداية حياته طفلاً يشارك في فعاليات الانتفاضة الاولى عام 1987، وبائع صحف حتى عمر السادسة عشرة، وصولاً الى تعلمه الموسيقى في فرنسا وعودته الى الوطن وانشاء معهد لتعليم الموسيقى لكل من لديه الموهبة.

 

وصاحب العرض عزف موسيقي حي لفرقة دلعونة الفلسطينية، وتروندهايم النرويجية، وفقرات غنائية لصوتين فلسطينيين جديدين هما نورا ابو ماضي (14 عاما) وعدي الخطيب (15 عاما)، اللذان كانا نجمي عرض الليلة حيث قدما اغاني لفيروز ومارسيل خليفة.

 

وتقول هس في نصها ان ابو رضوان بدأ بتعلم الموسيقى في السابعة عشرة من عمره، وحصل على منحة لتعلم الموسيقى في فرنسا ليعود في عام 2004، وليؤسس معهد «الكمنجاتي» لتعليم الموسيقى متنقلاً بين العديد من المخيمات ليصل عدد طلبة المركز اليوم الى اكثر من 300 طالب.

 

 وتقدم النرويجية فينكي اريثون، التي عملت ممرضة في مخيم شاتيلا اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان، شهادات حية، خلال العرض، عن بعض ما شهدته من فظائع ومنها مقتل أم حامل وفقد طفلة في السادسة لساقها والتي لم تعد تحلم سوى بأن تنام في هدوء.

 

وبين حين وآخر يقف ابو رضوان، الذي يشارك فرقته العزف، ليروي بعض الاحداث التي مازالت في ذاكرته من طفولة المخيم، ومنها مقتل تلك الطفلة التي أحبها عندما كان في التاسعة من عمره، برصاص قناص اسرائيلي كان يعتلي احد اسطح بنايات المخيم.

 

ويقول عن فرصة التعليم التي نالها في فرنسا «أريد ان اعطي الفرصة التي حصلت عليها لكل الاطفال، اريدهم ان يتعلموا الموسيقى، أما عدي الذي يغني في العرض، فحين كنت امشي في الشارع نادى علي اولاد وقالوا لي ان هذا الولد يغني وصوته جميل، فاستمعت اليه وفعلاً اصطحبته للغناء وانتم ترونه اليوم».

 

وقال أبو رضوان بعد العرض «إن العمل كان قد عرض العام الماضي في العاصمة الايطالية روما، بحضور المئات من طلبة المدارس بدعوة من الكمنجاتي، وهو بالمحصلة عرض لمأساة اللاجئين من خلال شخص رمزي ابو رضوان نفسه، فأنا لاجئ وفكرة العرض ان تقدم الشعب الفلسطيني من خلال قصة فيها أمل».

 

ودافع ابو رضوان عن طول العرض الذي استغرق ما يقرب من ساعتين قائلاً إن «عدم سماح اسرائيل بدخول اجهزة العرض التي كانت ستوفر وقت ترجمة بعض المقاطع من الانجليزية الى العربية، هو السبب، لقد استغرق عرضنا في روما ساعة وثلث الساعة». وأضاف «العرض في روما كان ناجحاص جداً لأن مأساتنا يمكن ان يشاهدوها للمرة الأولى مع انها بالنسبة لنا معروفة جداً والمهم عندنا ان نقدم هذا العرض في انحاء اخرى من العالم».
تويتر