«تقويم الأسـنان».. علاج يدخل قاموس التجميل
يعمل الشباب على تسخير كل التقنيات الحديثة المتاحة بين أيديهم لتطاوع «تقليعاتهم»، وتواكب صرعاتهم المتجددة في عالم الموضة والجمال، وفي مقدمتها التقنيات الطبية التي غدت مع مرور الوقت تجميلية بالدرجة الأولى، كما هي الحال اليوم بالنسبة إلى «تقويم الأسنان» الذي تعددت أشكاله وتنوّعت ألوانه، فبات مطلباً مُلحاً، حتى عند من لا حاجة له، أحياناً.
تقول رئيسة جمعية تقويم الأسنان الإماراتية واستشارية تقويم الأسنان د.موزة طحوارة ان نسبة الأشخاص الذين يلجأون إلى تقويم الأسنان بغرض التجميل تبلغ 30 ـ 40% من الذكور والإناث، معتقدين أنها رمز من رموز الوجاهة الاجتماعية، حيث ترتفع تكاليفها، لاسيما في أوروبا، لتصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، فضلاً عن أنها غدت إحدى صيحات الموضة الدارجة بعد أن تنوّعت أشكالها، واختلفت ألوانها.
ويقول استشاري تقويم الأسنان وأمين سر جمعية تقويم الأسنان الإماراتية، د. سيف الوالي، ان حاجة المريض للتقويم تعتمد على مدى تأثره بمظهر أسنانه التي تؤثر في شكل ابتسامته، وبمستوى حالته الاجتماعية والثقافية، حيث يشهد التقويم إقبالاً كبيراً من أبناء المدن أكثر من القرى، الأمر الذي يعكس بلا شك مقدار الوعي».
ويضيف الوالي ان تقويم الأسنان «يستخدم في حالات معينة: كبروز الأسنان، وعدم انتظامها، وسوء إطباقها، الذي يسبب، في الأغلب، مشكلات في وظيفة تطابق الأسنان ومفصل الفك، وربما صعوبة في المضغ ونطق بعض الحروف، وقابلية التعرض للإصابة المباشرة للأسنان، فضلاً عن صعوبة تنظيفها؛ الأمر الذي يؤدي إلى تسوسها، والتهاب اللثة كذلك، وفيها يسهم التقويم في التقليل من المردود النفسي السلبي الذي تولده هذه المشكلات»، وقد أشار عدد من الدراسات إلى أن عدم تناسق نمو الفكين، وبالتالي سوء الإطباق، قد يؤدي إلى إعاقة اجتماعية للشخص، حيث يفقد الثقة بنفسه فينعزل عن الآخرين، ولا يستطيع الانخراط في الحياة الاجتماعية، فلا يشارك أقرانه ممارسة النشاطات المختلفة، حيث إن الأسنان المنتظمة تعطي ابتسامة جميلة تمنح صاحبها الثقة.
وتقول طحوارة ان على الطبيب قبل أن يقوم باللجوء إلى تركيب تقويم الأسنان «أن يأخذ في الاعتبار مدى الاستفادة منه، والتي يجب أن تبلغ على الأقل نسبة 50%، والتي تترتب على تقييم المظهر العام للأسنان والفك من الناحية التجميلية، والحالة النفسية للمريض، وتأثر نمو الفكين إذا كان طفلاً، والوضع الصحي للأسنان، فالأسنان القليلة النظافة تتأثر بالتقويم، وإذا ما اتضح من خلالها حاجة المريض لتركيب التقويم يبدأ فيه».
وعن عملية تركيب التقويم يقول الوالي «لتركيب التقويم على الأسنان نستخدم مثبتات (براكيت) وتسمى باللغة العربية الفصحى (الحاصرات التقويمية)، يتم لصقها على الأسنان بمواد سنية خاصة في نقطة معينة يحددها الطبيب، ويوضع على كل سن مثبت خاص صمم ليلائم وضعه، وتستخدم هذه المثبتات لتثبيت السلك التقويمي الذي يتميز بالمرونة ليسهل على الطبيب التحكم فيه كيفما يشاء بمثبتات بلاستيكية تتوافر بألوان مختلفة، حيث يستطيع المريض تبديلها كل أسبوع أو اسبوعين، وهذا ما لفت انتباه واهتمام المراهقين من الإناث والذكور معاً للتقويم، وباتوا ينظرون إليه على أنه وسيلة تجميلية».
وتذكر طحوارة ان للتقويم أنواعاً مختلفة: فهناك التقويم المرئي الذي تعتمد هندسته على شكل الأسنان من الخارج، والتقويم غير المرئي الذي يعتمد على هندسة الأسنان من الداخل، وهذا النوع من التقويم يصلح للمشاهير الذين لا يرغبون في الظهور أمام عدسات الكاميرات وشاشات التلفاز بالأسلاك التقويمية على سطح أسنانهم الخارجية، ويؤمّن هذا النوع الناحية الجمالية لمستخدميه».
وتؤكد أن «طرق العلاج لها فوائد ومضار في الوقت نفسه، كما هي الحال بالنسبة إلى إجراء العمليات، واستخدام الأدوية المختلفة «فتقويم الأسنان أيضاً له بعض المخاطر، لاسيما إذا استخدم لغرض تجميلي فقط، حيث إن الأسنان تكون عرضة لفقدان لمعتها الأصلية التي تتميز بها الطبقة الأمامية (المينا)، وللتصدع والكسر في بعض الأحيان، لاسيما إذا ما كرر تركيب التقويم، وذلك نتيجة لاستخدام المادة اللاصقة لتثبيت المثبتات، فتصاب بالتلوّن في المستقبل، وتقويم الأسنان بحاجة لعناية دقيقة جداً في التنظيف، وإذا ما توافرت ينتج منها تسوس الأسنان والتهابات اللثة نتيجة تراكم طبقة (البلاك) إلى جانب تآكل العظام في بعض الأحيان، فضلاً عن أن تقويم الأسنان يتطلب زيارات متكررة يحددها الطبيب، حسب حالة كل مريض، وفي حال إهمالها قد يتحرك جهاز التقويم بطريقة خاطئة؛ فتترتب عليها آثار وخيمة من الصعب تجاهلها أو غضّ الطرف عنها».
وتكمل ان الدكتور يلعب دوراً كبيراً في هذه المخاطر، لاسيما إذا كان مستوى أدائه المهني ضعيفاً، وقام بتركيب تقويم تجميلي للمريض، فقد يسهم في تغيير وضع الأسنان عن طريق الخطأ وتطابقها؛ الأمر الذي يسبب آلاماً في مفصل الفك وضغطاً على عضلات الوجه، لذا وجب توخي الحذر والتفكير ملياً قبل إجراء التقويم بغرض التجميل فقط، فصحتنا أمانة بين أيدينا، يجب أن نصونها ونحافظ عليها، وعلى كل طبيب أن يتحلى بأخلاقيات مهنة طب الأسنان، فلا يوافق على تركيب التقويم التجميلي بغرض الربح المادي دون النظر إلى عواقبه اللاحقة على صحة المريض».
أمانة طبية تقول شعاع العامري (طالبة في الثانوية العامة) عن تجربتها في تقويم الأسنان «في حقيقة الأمر تحتاج طبيعة أسناني إلى العلاج عن طريق التقويم، وقد اتضح لي ذلك بعد أن شخص الطبيب حالتها، وقد كان أميناً جداً معي حيث ذكر لي أن العلاج سيحسن من وضعها إلا أنه سيغير من شكل فكي وأنفي، فتخوفت من تركيبه».
وتكمل «قررت بعد ذلك أن أقوم بتركيب تقويم تجميلي لأسنان فكي العلوي، لأنها تظهر بوضوح خلال ابتسامتي، فأستطيع أن أتحكم بألوان مثبتاته البلاستيكية متى شئت، فقصدت إحدى العيادات الخاصة التي أرشدتني إليها إحدى زميلاتي التي قامت هي الأخرى بتركيب تقويم أسنان، وقام بتركيب التقويم لأسنان فكي العلوي دون أن يبدي لي أي تحفظ، أو يشرح لي عواقبها التي لا أتخوف منها كثيراً، طالما أنني أواظب على مراجعة الطبيب، وتنظيف أسناني بعناية كبيرة». وتذكر زميلتها مزون الفلاسي انها قامت بتركيب تقويم الأسنان في الفك السفلي لغرض العلاج، «أما الفك العلوي فقد كان سليماً ولا يستدعي التقويم إلا أنني أصررت على وضعه بغرض التجميل، لأنني أعتقد أن التقويم أصبح صيحة من صيحات الموضة في الوقت الراهن، حيث تتنوع أشكاله وألوانه كذلك».
وعما إذا كانت تشعر بآلام من التقويم قالت «لا أشعر بآلام الأسلاك التقويمية المستخدمة في التقويم العلاجي في أسناني إلا في حال قيام الطبيب بالتحكم بضبطه»، وتؤكد الفلاسي أنها إذا انتهت من علاج تقويم أسنانها، ستقوم بتركيب التقويم التجميلي لأنها اعتادته، وأعجبت بشكله. أما شمسة محمد (سيدة متزوجة) فتقول: «قمت بتركيب تقويم أسنان علاجي لعلاج مشكلة في أسناني تعرضت لها منذ الصغر، إلا أنني اضطررت لخلعه حتى تسنح لي فرصة الابتسام دون أسلاك في ليلة زفافي، ومن ثم عادوت تركيبه لاحقاً الأمر الذي استدعى فترة علاج أطول من المدة المحددة سلفاً».
تقويم الأسنان يقول استشاري تقويم الأسنان د.سيف الوالي إن تقويم الأسنان يُعنى بتصحيح سوء الإطباق للأسنان وانتظامها في الفك، بالإضافة لمتابعة نمو الفكين والتدخل العلاجي لتصحيح الخلل فيهما، وهناك أجهزة ثابتة وأخرى متحركة تستخدم لهذا الغرض. ويضيف ان علاج تقويم الأسنان كان محصوراً في السابق في الأطفال، ونسبته قليلة من الكبار، أما الآن فيشهد التقويم إقبالاً كبيراً من الكبار، والفرق هو أن تقويم أسنان الكبار يحتاج إلى وقت أطول حيث تكون كثافة العظام وقسوتها أكبر بكثير من الصغار. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news