أقول لكم

محمد يوسف

 

لم أكتب عن قرار «مركز الإمارات» بإصدار نظام يحدِّد التصرفات لمرتاديه خصوصاً الأخلاقية منها، رغم أنه صدر قبل أكثر من شهر، فقد كنت أرقب التجربة، من قريب في بعض الأحيان، ومن بعيد في أحيان كثيرة، فهي تجربة غير مسبوقة، وفي نفس الوقت هي تجربة ذاتية استدعتها المسؤولية الواجبة على إدارة ذلك المركز التجاري الكبير، فكانت المبادرة التي أصبحت محل إشـادة.

 

إن ما يحدث في أسواقنا المفتوحة والمغلقة شيء لا يمكن السكوت عنه، فالانفلات الأخلاقي نراه في كل مكان، وبجميع الأشـكال والصور، ابتداءً من الملابس غير المحتشمة التي ترتديها الفتيات والشبان وانتهاً بالتصرفات التي تمارس علناً من البعض دون رادع أو توجيه أو محاسبة، وهذا خطأ نحن شـركاء فيه، بل نحن المسؤولون عنه، فنحن، وأيضاً في غفلة انشغالنا بحركة الانتقال الحضاري الكبرى، نسينا أن هؤلاء الذين يدخلون بلادنا قادمون من شتى بقاع الأرض بثقافاتها واختلافاتها الدينية والسلوكية والأخلاقية، وتركناهم على سجيتهم يفعلون ما يشاؤون وكأننا لا نملك قيماً علينا أن نحافظ عليها، ولو كان من باب عدم إيذاء مشاعر الناس، ونسينا أن الأصل في علاقات البشر ببعضهم بعضاً والبشر والمجتمع الذي ينتمون إليه ويقيمون فيه هو الإباحة، فكل شيء مباح حتى يقنن ويستثنى منه المحظور والممنوع، وغير المسموح في مكان معين، وما يجوز أن يكون وما لا يجوز في أماكن أخرى، وهكذا، كل بلد يشرّع أنظمته وقوانينه بحسب معتقداته وقيم مجتمعه وناسه، وأخلاقيات أفراده، ويتم إبلاغ الجميع بالتشريعات، وإن كانت جديدة تسلّم إلى كل من يدخل البلاد في المنافذ الحدودية، وقنصليات الدولة في الخارج وكذلك القنصليات الأجنبية في الداخل، حتى لا تكون هناك حجة بعدم العلم، وحتى لا نرى ما نراه اليوم من سلوك يصدر عن أناس هنا لا يفعلونه في بلادهم، فبلادهم قالت لهم ما هي حدودهم، أما نحن فلم نقل لأحد ما هي حدود تصرفاته داخل بلادنا، حتى وصلت فوضى الملابس والتصرفات إلى داخل المؤسسات الرسمية، وما عدنا نعرف في أحيان كثيرة إن كانت بعض النساء في تلك المؤسسات موظفات أم عاملات في ملاهٍ ليلية.

 

myousef_1@yahoo.com
تويتر