«أبوظبي التجــاري» يبحث إعادة هيكلة ديون شركات مقاولات متعثرة

 

يجري بنك أبوظبي التجاري، وبنوك أخرى لم تحددها المصادر، في الفترة الراهنة مباحثات مع بعض المكاتب الاستشارية وشركات مقاولات بهدف حل مشكلات نجمت عن عدم تسديد بعض شركات المقاولات لمديونياتها للبنك بعد الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، وما ترتب عليه من تكبدها خسائر كبيرة.
 
وكشف الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي التجاري للعقارات، المملوكة لبنك أبوظبي التجاري التي آلت إليها ملكية العقارات التي كانت تابعة لإدارة المباني التجارية في أبوظبي، جاسم الدرمكي «الإمارات اليوم» أن «البنك يدرس حاليا بدائل عدة، على رأسها إعادة هيكلة ديون بعض الشركات المتعثرة»، وتابع «توجد مرونة لدى البنك ولا نسعى للضغط على العملاء، لأننا نعرف أن بعض مشكلات المقاولين خارجة عن إرادتهم»، لافتا إلى أن «البنك حريص في الوقت ذاته على تحصيل مستحقاته وعدم التفريط فيها».
 
حالات إفلاس
وذكر مقاولون واستشاريون لـ«الإمارات اليوم» أن «الفترة الماضية شهدت إفلاس العديد من شركات المقاولات وحدثت اجتماعات في العديد من البنوك للنظر في سبل المساعدة على عبور الأزمة الحالية في السوق».
 
وقال المدير العام لمجموعة بيروت للاستشارات الهندسية، لبيب أبو عتمة «تصاعدت الأزمة التي يشهدها سوق مواد البناء أخيراً، ما أثر على الأوضاع المالية للعديد من الشركات، حيث أفلس بعض الشركات وتواجه شركات أخرى المصير نفسه،
 
وقد تم عقد اجتماعات متتالية في الفترة الماضية شارك فيها مديرو شركات الإنشاءات والمهندسون الاستشاريون والمقاولون بجانب مسؤولي العديد من البنوك، على رأسها بنك أبوظبي التجاري، لبحث سبل مساعدة المقاولين على تجاوز الأزمة الراهنة عن طريق عدد من الآليات، بعد تردد أنباء عن انتحار أحد المقاولين الكبار نتيجة للأزمة الكبيرة التي تشهدها شركته».
 
اختفاء مواد البناء
وأضاف «بعد أن كان هناك شح في الاسمنت في أبوظبي، أصبح لا يوجد اسمنت نهائيا في الإمارة، وقمت بمسح السوق في دبي فلم استطع الحصول إلا على 100 كيس فقط، وتضاعف سعر كيس الاسمنت خلال أربعة أشهر حيث وصل سعر الكيس زنة 50 كيلوغراماً إلى 35 درهما مقابل  16 درهما في شهر ديسمبر الماضي.
 
كما وصل سعر طن الحديد إلى 4200 درهما مقابل 4000 درهم الشهر الماضي و2700 درهم في ديسمبر الماضي». وأوضح «زاد معدل توقف المشروعات في أبوظبي خلال الفترة الماضية بشكل يهدد الطفرة العمرانية في الإمارة».
 
وأضاف «يعاني العديد من المقاولين من تشدد بعض البنوك خلال الفترة الماضية في تحصيل التسهيلات الائتمانية التي حصلوا عليها بالرغم من المشكلات الكبيرة التي شهدها قطاع المقاولات أخيرا».
 
وطالب أبوعتمة بتفعيل قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بإعفاء الحديد والاسمنت من الجمارك، وفتح الباب للاستيراد دون أي معوقات»، لافتا إلى أن «أزمة الاسمنت غير موجودة في العديد من الدول العربية الأخرى، فهو متوافر بكثرة في سورية ولبنان على سبيل المثال، ما يتيح الاستيراد من هذه الدول لحل الأزمة».
 
وأضاف «طالب المقاولون خلال الاجتماعات مع البنوك بتمديد فترات السماح الممنوحة لهم وتعويضهم عن جزء من الخسارة التي أصيبوا بها».
 
من جانبه، طالب المدير العام لشركة «قمراء للاستشارات الهندسية»، عيسى العطية، بالعمل على وجه السرعة لمساعدة المقاولين وحل مشكلاتهم مع البنوك قبل أن تتفاقم أكثر فأكثر، ملمحاً إلى «ضرورة تجميد تراخيص البناء في أبوظبي لمدة ستة أشهر، على سبيل المثال، كحل مؤقت نتيجة لعدم توافر مواد البناء الأساسية»، وقال «أعتقد أن هذه الخطوة ستجبر الأطراف الفاعلة في الأزمة على خفض الأسعار إجبارياً، خصوصا أن بلداناً أخرى لا تعاني من أزمات مشابهة في الوقت الراهن».
 
وأضاف «لاتزال الأزمة مستمرة ولا يوجد اسمنت أو خرسانة مسلحة في الأسواق، وذلك بعد أن تبددت الآمال في قرب انفراج الأزمة بعد أن دخلت في الفترة الماضية سفن عدة محملة بالاسمنت، إلا إنه تم بيعها في أيام معدودة لتستمر الأزمة بعد ذلك، ما أدى لتوقف معظم المشروعات التي نعمل بها، ما يعرضنا لمشكلات عديدة من بينها غرامات التأخير التي تفرضها البنوك وغيرها من المشكلات».
 
هيكلة الديون
وقال الدرمكي «ندرس حالياً بدائل عدة للتعامل مع مشكلات المقاولين، من أهمها دراسة إعادة هيكلة ديون بعض الشركات التي تعاني مشكلات هيكلية، بحيث يتم تسديدها على فترات أطول أو مع مد فترات السماح لهم»، واستطرد «لا نحاول الضغط على الشركات ولا توجد لدينا نية لإلحاق الضرر بأي مقاول لأننا نعرف المشكلات ونسعى لاتباع المرونة في حل المشكلات، واستبعد في الوقت ذاته إعادة النظر في مرهونات معينة على بعض الشركات»، مؤكدا أنه «لا يمكن التفريط في أموال البنوك بأي حال وتحت أي ظرف كان». 
 
وقال «نتباحث مع أكثر من جهة سواء كانوا من الموردين أو المقاولين أو المهندسين الاستشاريين لنعرف المبررات الحقيقية لارتفاع أسعار مواد البناء والمدى الزمني المتوقع لهذا الارتفاع، ونقوم بتوفير الخبرات المالية والهندسية والفنية والقانونية والعمالية من داخل البنك أو من السوق للمساعدة في حل المشكلات»، ولفت إلى أن «مبادرة الحكومة من أجل إلغاء الجمارك على مواد البناء تعد مبادرة طيبة للغاية، ونأمل أن تؤدي إلى تحسين الظروف في السوق وحل العديد من المشكلات خلال الفترة المقبلة».
 
مشكلات المقاولين 
من جانبه، قال نائب رئيس جمعية المقاولين، أحمد المزروعي «إذا كانت المشكلات التي تواجه مجموعة من المقاولين نتيجة لظروف قاهرة، مثلما حدث من ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل غير طبيعي لا يمكن التكهن به، فهناك قنوات عدة تعالج هذه الموضوع مثل التوصل إلى تسويات مع البنوك بهذا الصدد»، لافتا إلى أن «من حق المقاولين المسجلين في جمعية المقاولين الاستفادة من الخدمات التي توفرها الجمعية مثل الاستشارات القانونية والفنية المختلفة للتعامل مع المشكلات التي يواجهونها».
 
وأضاف «لكن هناك بعض المشكلات مع البنوك التي لا تستطيع الجمعية التدخل فيها لحساسيتها الشديدة، حيث يتضمن العقد بين البنك والمقاول في بعض الأحيان شروطا قاسية يقبلها المقاول للحصول على التسهيلات البنكية تتيح للبنك التدخل في تسيير كل صغيرة وكبيرة من الأمور المالية والشخصية للمقاولين». 
  
تويتر