سينما مؤنثة ترصد هموم المرأة

رغم أن السينما مازالت المرآة العاكسة للواقع الذي نعيشه، لكونها على تماس مباشر بالتفاصيل اليومية التي يعرفها العالم، لكنها وبنظر الكثيرين ظلت أمينة لقضايا الرجال، ولم تدخل الكاميرا هموم المرأة، ولعل هذا الكلام ينطبق وبصورة اكبر على السينما العربية والخليجية، ولكن الحال بدأ يتغير، من خلال المسلسلات التلفزيونية التي صارت تقدم قصصاً نسوية كاملة عن قضايا نسوية عامة، وعن شخصيات معروفة،


 السينما أيضاً وخصوصاً في الفترات السابقة خاضت مثل هذه التجارب ولو بشكل بسيط، وظهر جلياً اهتمام عدد من المخرجين الخليجيين المشاركين في الدورة الاولى من مهرجان الخليج السينمائي الذي يختتم فعالياته اليوم، بقضايا المرأة الخليجية وما تعانيه، والجهود التي تبذلها لتغيير هذا الواقع والوصول الى ظروف ايجابية تدفعها الى المزيد من النجاح.


«الإمارات اليوم» رصدت آراء مجموعة من المخرجين وكيفية تعاملهم مع قضايا المرأة في أفلامهم، والواضح أن هذه الافلام حاولت تقديم هموم النساء من منظور مغاير ومتميز فنياً، أعمال تتحدث عن الصورة الأخرى للمرأة، صورة فيها شيء من الواقعية ممزوجة بصرخات الاحتجاج، وصورة اخرى، تضخم شخصية المرأة وتمنحها صفات جديدة مثل تحديها لقوانين المجتمع وإحساسها المستمر بالضجر والتمتع بحريتها الكاملة.


 المنتج ومساعد المخرج العراقي غيث سلمان في فيلم «يوم في سجن الكاظمية للنساء» قال «إن قضايا النساء بشكل عام كانت مغيبة، خصوصاً في ظل النظام السابق»، وأضاف «لكن مع قيام المؤسسات المدنية في العراق ، اصبح دورها يظهر بشكل واضح، وقضاياها صارت بالنسبة للكثير من المخرجين خصبة».


وقال«شعرت وفريق العمل إنه من الضروري تسليط الضوء على شريحة من المجتمع النسائي في العراق وهن السجينات»، واضاف «السجينات داخل السجن لديهن قصص من داخل المجتمع وأردنا من خلالهن أن نفرق بين الخطأ والصح».
 
 
على الرغم من أن المخرجة عايدة شليبفر تحمل الجنسية السويسرية منذ سنوات إلا انها لم تنس يوماً أصلها العراقي إذ ولدت في بغداد لأب عراقي وأم لبنانية وعاشت طفولتها بين بغداد ولبنان ومصر «المرأة التي كنت اريد ان اظهرها في الفيلم هي العراقية التي اصبحت مهددة مثلها مثل اي رجل بريء» واضافت «النساء في العراق وخصوصاً من تعمل في المؤسسات الإعلامية مهددات بشكل خطير بالقتل والاختطاف والاغتصاب من جميع الفئات المختلفة»


مشيرة الى ان« فيلم «عصابات بغداد» سلط الضوء على فتاة تم خطفها بهدف الابتزاز المادي» وأضافت «والعراق شأنه شأن أي قطر عربي قضية الفتاة تعني الشرف، وانا اردت ان اقول إن المرأة وخصوصاً العراقية اصبحت تتعرض لكل ما يتعرض له الرجال من ظلم اجتماعي وطائفي وسياسي» ومن ضمن القصص التي تحكيها شليبفر قصة «رنا جعفر ياسين وهي فتاة شابة تركها والدها وهاجر الى لندن رافضاً مساعدتها للحصول على حريتها بعد ان تم اختطافها في بغداد عام 2006».


 فيلم «أربع بنات» للمخرج البحريني حسين عباس يروي قصة أربع بنات من خلفيات ثقافية مختلفة، تتطور علاقة الصداقة بينهن ويقررن تأسيس مشروع  انشاء مغسلة سيارات يعيلهم مادياً ولكن طبيعة المجتمع المحافظ الذي تنتمي إليه الفتيات ترفض هذا المشروع، وعلى الرغم من ذلك اراد المخرج ان يظهر قدرة الفتاة الخليجية على التحدي والتمسك برأيها، وتحدي محظورات العادات والتقاليد.


وفي المقابل قالت الإماراتية منال بن عمرو مخرجة فيلم «من أجندة الخيانة»: «انا اترجم السينايو من مفردات وحروف الى صور وصوت، فالمرأة بالنسبة لي ما يريده السيناريست» واضافت «وأنا ارى ان السينما الخليجية تتناول المرأة بشكل عام، واذا ما كان هناك شيء خاص يكون خيالياً في أغلب الأحيان، دون التطرق الى الواقع الذي نعيشه بجرأة وبشكل مباشر».
 
أما المخرج الاماراتي سعيد سالمين المري فأراد ان يقول من خلال فيلمه «بنت مريم» كيف ان الزواج المبكر الذي مازال موجوداً في مجتمعاتنا الخليجية يظلم المرأة ويضعها في مواجهة صعبة مع الواقع»

واضاف «فأنا أحكي عن فتاة عمرها 15 عاماً يقول لها ذووها إن غداً العيد ويجب أن ترتدي ثوباً جميلاً، لتجد نفسها تزف الى رجل في الـ60 من عمره» مشيراً الى أن«المشاهد سيعلم حكايا فتياتنا الخليجيات من خلال مريم التي ستتعرف إلى أخريات يعشن ايضاً في ظلم اجتماعي لابد أن يعالج

 «عشاء» قصة حقيقية  
  الكاتب والسيناريست البحريني أمين صالح الذي يشارك في «عشاء» أشار الى أن فيلمه يستند الى قصة واقعية حصلت في صعيد مصر، «قرأت الخبر منذ اربع سنوات في احدى الصحف وكان يحكي عن جريمة اقترفتها عائلة بحق ابنتها في احدى المناطق في صعيد مصر،


حيث دسوا لها السم في طعامها عقاباً لها على ذنب أخلاقي» وأضاف «احتفظت بقصاصة الخبر لعلمي أني سأستفيد من هذه القصة، وــــهذا ما حدث فقد طلب مني مخرج الفيلم «حسين الرفاعي» إمكانية فيلم قصــــير، مشيراً الى «ان الفيلم نجــــح بأداء ممثلتيه، هيفاء حسين، وأحلام محمد»،

وعن الصورة التي اراد ان يحكيها صالح عن المرأة «أردت ان يغفر لها المجتمع، لأن خطيئتها حســــب عائلتها ومجتمعها لا تساوي العقاب الذي تستـــحقه» واضاف «التسامح والمغفرة حق لكل كائن على وجه هذه الارض والمــــرأة يجب ان يغفر لها وان تكون عائلتها حامية لها لا قاتلة».

الأكثر مشاركة