الجياع الجدد
|
|
سألني:«ما رأيك في تصريحات وزير الاقتصاد؟ أعتقد أن هذا التوجه ضروري للغاية، وينبغي المضي قدماً في هذا المشروع». أجبته:«صحيح المواجهة أصبحت ضرورية لوضع حل لمشكلة الغلاء، لقد وصلت إلى درجة لا يمكن بالفعل احتمالها، الغريب أن موضة الغلاء انتشرت بسرعة مشابهة لسرعة «الدومينو»، أو لعبة «الدومنة» التي كانت منتشرة في المقاهي الشعبية، فهو الآن ينتشر من قطاع إلى آخر بسرعة أشد من سقوط أحجار الدومينو! قال:«مهلاً مهلاً، عن ماذا تتحدث؟
أي غلاء وأي«دومنة» وأي مواجهة؟ أنا أقصد تصريحات وزير الاقتصاد التي أعلن فيها أن «الإمارات بدأت الخطوات الأولى عربياً وعالمياً نحو الاستثمار الزراعي، وقررت إحداث تحول في أولويات الدولة الاقتصادية، كإقامة مشروع وطني للأمن الغذائي».
قلت:«وماذا عن تقرير البنك الدولي الذي دعا الدول العربية إلى خفض سريع لاستهلاكها من المياه لتفادي نقص كارثي، حيث إن مستوى توافر المياه للفرد سيتدنى إلى النصف بحلول عام 2050، كما أنه يؤكد أن مصادر المياه المتجددة ستتراجع إلى 20%؟!». قال: أين تركيزك اليوم؟ أنا أتحدث عن الأمن الغذائي، وأنت تتحدث عن أزمة مياه عام .2050 أتعرف كم عاماً يفصلنا عن هذه السنة المقصودة؟ يا ترى من يعيش؟
قلت: فعلاً سياسة «ياترى من يعيش» لها دور في ما نحن عليه الآن، هل تتوقع سيدي الفاضل لو أن «الأمن الغذائي» خطط له من عشرين سنة فقط، هل كنا سنفتقد «البيض»؟
وهل لك أن تسأل اليوم عن عدد مزارع الدجاج في الدولة مقارنة بعدد الشركات الضخمة، مع اعطائك حرية اختيار القطاع الذي تريد؟! هل تعلم أننا لا ننتج أي نوع من أنواع الطعام؟ ربما المعكرونة.. يمكن!!
قال:«ما نريده نجده، ويصلنا من مختلف دول العالم». قلت: صحيح، ولكن هل تعتقد أن العالم سيظل يرسل إلينا الطعام، مع زيادة الأفواه في جميع دوله؟ بالمناسبة هل تعرف ماذا تعني كلمة الأمن الغذائي؟ باختصار يعرف الأمن الغذائي بأنه «حصول جميع الناس، في جميع الأوقات، على ما يكفيهم من غذاء ملائم من الناحية التغذوية، وآمن من حيث (الجودة والكمية والتنوع) لممارسة حياة ملؤها النشاط والصحة.. متى يمكننا الوصول إلى هذا المفهوم؟ أتعتقد أن عام 2050 بعيد المنال، إذن عندها هل سنبحث عن الماء أم الطعام؟
قلت: هل سمعت عن تعريف منظمة الأغذية والزراعة لما يسمى بـ«الجياع الجدد»؟
قال: لا، وهل هناك جياع قدامى وجياع جدد؟ قلت: طبعاً، الجياع الجدد، وفقا للمنظمة العالمية هم «الأشخاص الذين يملكون المال، ولكنهم لا يجدون ما يشترونه من غذاء!»..
أعتقد أنك لا تريد شرحاً تفصيلياً بعد هذا التعريف! قال: وماذا نفعل؟
قلت:«نعود إلى تصريح وزير الاقتصاد، ومع أنه تأخر أكثر من 30 عاماً، إلا أن المخرج الوحيد هو «أن تبدأ متأخراً أفضل بكثير من أن لا تبدأ، والله العالم» من يعيش إلى عام 2050؟!
|