الضاد ليست رقماً
في حفل استقباله السنوي، أكد مصرف أبوظبي الإسلامي أن الهوية لديه لا تقبل القسمة على اثنين، لأنها ليست رقماً بالرغم من أن الأرقام هي لغة التعبير عن الانجاز لدى المصرف، كما لدى سائر المصارف والبنوك. فالهوية تعني الشخصية، والشخصية هي القادرة على التصرف بآلة الأرقام وتطويع لغتها لتكون رهن إشارة الوطن لا ليكون الوطن هو المنتظر لإشاراتها.
اللغة العربية، ولا غير اللغة العربية، كانت لغة الحفل. فلم تكن هي اللغة الثانية ولا الأولى، وانما كانت الوحيدة دون ان تغيب عن منظمي الحفل الحاجة لتوفير خدمة الترجمة الفورية. فقد كان بين الحضور ناطقون بغير العربية، وكانوا جزءاً من لغة الأرقام وجبروتها، ولكن الاصرار على التمسك بلسان الهوية الوطنية كان أقوى من ذلك الجبروت، فسارت فقرات الحفل ينساب فيها حرف الضاد واخوانه على لسان المتحدثين من قادة المصرف ومديريه.
ولم يعكر ذلك خروج بعض المقاطع الانشادية باللغة الانجليزية على لسان المنشد المتألق احمد بوخاطر وفرقته الانشادية، وذلك كجزء من الرسالة التي اراد الملقي توصيلها لتكون في متناول الجميع. وقد كان مصرف ابوظبي الاسلامي منسجماً مع نفسه ومع هويته منذ الاعلان عن تأسيسه باسم عربي مبين، ثم حرص على تثبيت هذه الهوية في مخاطباته ومراسلاته ومعاملاته فلم يقع في وهم العالمية الغامضة، ولم يجد أي غضاضة في الربط بين العالمية، إن احتاج الى ذلك، وبين تأكيد وتثبيت الهوية.
فهو مصرف عربي، في بلد عربي، غالبية عملائه من الناطقين باللغة العربية، فلم القفز في الفراغ؟ ولم الاصرار على التحدث بلغة الطرشان ما دام الصوت يصل الى الجميع؟ هذه الحقيقة هي المعلومة المجهولة عند اكثر مؤسساتنا الوطنية التي تصر على التحدث مع جمهورها بعبارات غير مفهومة والتعامل معهم بأساليب لا يقبلونها، ظناً منها أن ذلك يقصر الطريق اليهم من خلال سياسة ابهار غير موجود، وادعاء صفة لا تمتلكها.
الهوية الوطنية عندما تتعلق بمؤسسات عامة في المجتمع فإنها لا تكون اختياراً خاضعاً للقبول أو الرفض، بل هي إلزام تترتب عليه التزامات.. وأول هذه الالتزامات الإقرار بالتبعية للدولة وقوانينها ودستورها، واحترام ثوابتها واللغة العربية هي لسان حال كل تلك العناصر.
adel.m.alrashed@gmail.com
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news