مستخدمون للموبايل: «شرٌّ لابـــــــــدّ منه»

 
لا تنتهي قصص وحكايا الهاتف المتحرك (الموبايل)،  وإن كان الجميع يتفقون على الاهمية التي يتسم بها وجوده في حياتنا اليومية، فإن  فوائده الجمة، لاتلغي تحوله الى مصدر ازعاج حقيقي، خاصة عندما يساء استخدامه، ليتحول من وسيلة اتصال لا غنى عنها، الى وسيلة إضافية للقلق، وانتهاك الخصوصية والراحة، وسببا للكثير من الخلافات والمشكلات بين الاصدقاء والازواج وزملاء العمل. 
 
وفي هذا الاستطلاع الذي توقفنا فيه مع آراء شريحة متنوعة من الناس، كان الإجماع بين آراء غالبية المشاركين، على أن هذا الجهاز تحول الى قيد، ومصدر توتر وقلق، لأن الكثيرين من مستخدميه وخاصة في العالم العربي اساؤوا استخدامه، وكان لسان حال الجميع يقول، هو «الشر الذي لابد منه».
 
  عبيد الموبايل
ميرفت طه لم تكتم انزاعجها الكبير من الهاتف المتحرك الذي تعدّه وسيلة استعباد رغم كل فوائده وضروراته قائلة «من قال ان عصر العبيد والاستعباد انتهى؟ نحن عبيد للعولمة وللحياة الرقمية التي يُعدّ فيها الموبايل ركنا أساسيا». وأضافت «انا لا اجرؤ على اهمال اية مكالمة تردني حتى لو كانت في وقت متأخر من الليل».
 
موضحة «أنا اعمل في مجال العلاقات العامة، ووظيفتي تحتم علي ان يكون رقمي منتشرا عند اكبر شريحة من الناس، والمشكلة تكمن أن شريحة واسعة من الناس لاتلتزم بآداب التواصل، وخاصة الاوقات المناسبة للاتصال بالآخر». وأضافت طه «جاءتني مكالمة من احد العملاء في تمام الثانية بعد منتصف الليل، صحوت من نومي مفزوعة»، ورغم غضبي الشديد لم يكن مني إلا أن تمالكت أعصابي وأجبت بطريقة عادية ولبقة.
 
والمضحك في الامر أن هدف اتصاله في مثل هذا الوقت ـ كما قال ـ ليشكرني على حسن معاملتي له في احد المؤتمرات التي كنت قد قدمتها في اليوم السابق». وعادت طه لتؤكد وبالحدة ذاتها «أنا أكره هذا الجهاز اللعـين ولكني لا استطيع العيش من دونه». وبدورها قالت ن.ع التي تعمل في مجال التعليم «انا عبدة للموبايل»، موضحة «علاقتي مع خطيبي يمكن ان تنتهي اذا تجاهلت إحدى مكالماته، مهما كان سبب انشغالي، وهذا الامر يجعلني ابقي هاتفي معي حتى لودخلت الحمام». وأعربت عن حزنها لهذا الوضع «هذا هو قدري مع جهاز الموبايل الذي بات يهدد حياتي الاجتماعية». وعن المكالمات التي لا ترد عليها قالت «هناك أشخاص احفظ أسماءهم بنعوت خاصة تذكرني بعدم الرد بضرورة؛ على سبيل المثال لدي صديقة اسميتها ازعاج، وثانية مصيبة، وكلتاهما لا ارد عليهما الا نادرا». مؤكدة  أنها في مثل هذه اللحظات التي لا ترد فيها على متصلين، تشعر بانتصارها على تحكم النقال بها».
 
محمد.ع اختصر كلامه باقتباس من شعر  المتنبي«ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى عدوَّا له ما من صداقته بدلا». وعن الاوقات التي لايجيب فيها على هاتفه أكد محمد «فقط حين أكون نائما».  أما الطبيب عدي.س فوصف علاقته بـ «الموبايل» قائلا «من الطبيعي ان تكون العلاقة المتبادلة بين الطبيب ومريضه مبنية على اسس تقديم النصح والافادة، ولكن في بعض الاحيان تتجاوز هذه العلاقة منحاها الطبيعي، لتتحول الى غم وهم». موضحا «هناك الكثير من المرضى لا علاقة لهم بأدب التواصل، لكني أعذرهم خاصة حين يكون المتصل مريضا، طبيعة عملي تحرمني من تجاهل المكالمات التي تصلني في أوقات متأخرة من الليل، لكن المزعج في الامر أن الكثير منها يكون لأمور عادية وغير ملحّـة».
 

فنون الكذب

«اقولها وبكل صراحة انا لا اجيب على رنين زوجتي عندما اكون مع اصدقائي». هذا ما اكده هيثم العبيدي، موضحا «أصدقائي يرون من يجيب على مكالمات زوجته بلا شخصية»، مضيفا «اثناء عودتي الى المنزل أجهز كذبة دسمة لتبرير عدم الرد عليها». مشيرا الى انه في «باقي الاوقات لا اهمل اي مكالمة، لأنني اعمل في مجال الاعلام».
 
وشبه العبيدي «الموبايل»بـ«سجن من الصعب الخروج منه بسبب عدم توافر المحامي ولا المحاكمة». وفي المقابل قالت شيرين.س(طالبة جامعية) إن الموبايل استطاع ان يعلمها فنون الكذب والتحايل، «خاصة مع والدي الذين لا يرحمانني من رنينهما اينما ذهبت مع صديقاتي».
 
كاشفة أنه «بسبب الضغط الذي اعانيه منهما، اضطر كثيرا إلى الكذب عليهما». وبدوره اكد زياد.ج (يعمل في شركة انتاج تلفزيوني) «انتهت علاقتي بزوجتي بسبب الموبايل»، موضحا «فقد كنت مع سيدة في غداء عمل، وكنت اتجاهل اتصال زوجتي، لأكتشف أنها كانت في المطعم ذاته، ولم أستطع إقناعها بأن هذه الجلسة مع السيدة الاخرى لم تكن أكثر من جلسة عمل». مؤكدا «أعدّ نفسي من المجتمع العربي الكبير الذي لم يستطع أن يوظف هذا الجهاز خير توظيف».
 

خوف من الرد

سهى عكاشة (تعمل في التسويق) اشارت إلى أنها لاترد ابدا على المكالمات الليلية حتى لو كانت من اشخاص تعرفهم»، موضحة «لأني اتشاءم كثيرا من هذه الاتصالات التي اربطها دوما بمصائب لها علاقة بالموت».
وقالت  الكثير ممن اعرفهم لا يهملون اي اتصال في اي وقت او مكان، وهذا جعلهم اسرى له، اما انا فلا اسمح ان اكون اسيرة لهذا الجهاز الذي تم توظيفه في وطننا العربي اسوأ توظيف»معيبة على الذين «يتصلون في اي وقت ولا يكترثون لعامل الزمن وكأن وجود الموبايل حلل الكثير من التصرفات  البعيدة كل البعد عن آداب التعامل».  الفضول يجعل صهيب علي يجيب على جميع الاتصالات، ورغم محاولاته الدائمة فإنه لم يستطع منع نفسه من الاجابة على أي رقم يرده،مما أدخله في مشكلات عدة مع زوجته وعائلته».  

الأكثر مشاركة