«فستان الــزفاف».. فرحة للإيجار
ربما كان فستان الزفاف القطعة الوحيدة التي يقتصر ارتداؤها على ساعات قليلة، لتظل بعد ذلك حبيسة الأدراج لسنوات، لهذا اتجه العديد من العرائس اليوم إلى استئجاره، لاسيما بعد أن خصصت محال تصميم فساتين الزفاف وبيعها أقساماً خاصة بالتأجير، عملت فيها على توفير كل التسهيلات، فباتت تشهد إقبالاً كبيراً حقق الربح للطرفين.
وتقول نادية المسؤولة في أحد محال تصميم الأزياء وتأجيرها إن «نسبة المواطنات اللاتي يقبلن على تأجير فساتين الزفاف تبلغ 90% من العرائس، نظراً لتغير الأوضاع الاقتصادية الذي لعب دوراً كبيرا في ارتفاع أسعار جميع مستلزمات الأعراس، وفي مقدمتها الفساتين التي تصل تكلفة تصاميمها اليوم إلى 40 ألف درهم فما فوق، الأمر الذي ترك آثاره في تفكير العروس التي كانت بالأمس تخجل من عملية التأجير، فباتت أكثر مراعاةً وتفهماً».
وتؤكد نادية أن عملية تأجير فساتين الزفاف «لم تعد تقتصر على فئات محدودي الدخل، بل تجاوزتها لتصل إلى الأسر الثرية التي أدركت أن فستان الزفاف يتم ارتداؤه لساعات قليلة في ليلة واحدة، لذلك لجأ العديد من محال تصميم فساتين الزفاف إلى عرض تصاميم خاصة للتأجير، بعد أن كان عملها يقتصر على التصميم فقط، فتتيح بدورها للعروس حرية اختيار الفستان الذي يعجبها ويناسبها من بين المجموعة المعروضة، كما توفر لمن ترغب في ارتداء فستان خاص بها يتلاءم وذوقها المشاركة في تصميمه لتكون أول من ترتديه، ومن ثم ترجعه للمحل الذي يقوم بدوره بتأجيره مرة أخرى، فيكلفها بذلك الفستان نصف سعر التصميم الذي غالباً ما يكون مرتفعاً نظراً لارتفاع أسعار مكوناته الأساسية من أقمشة وكريستالات وغيرها، فضلاً عن ارتفاع أجور الأيدي العاملة، والعديد من الأمور المرتبطة مع بعضها بعضاً والتي تصب في قالب واحد ألا وهو ارتفاع الأسعار».
إجراءات دقيقة
وعن كيفية إتمام عملية التأجير تقول رشيدة حسين العاملة في أحد محال تصميم فساتين الزفاف والسهرة «نتبع إجراءات دقيقة في عملية تأجير فساتين الزفاف تضمن لنا حقنا وحق العروس»، موضحة أنه في حال أعجبــت العــروس بالفستان ورغبــت في تأجيره، يتم على الاتفاق حول سعر التأجيـر، ومن بعده تقوم بدفع مبلغ يضمن لها حجزه حتى موعد زفافها، وغالباً ما يكــون نصــف أو ربع سعره، ويتم إجراء التعديلات التي ترغب فيها على الفستان، وقبل أسبوع واحد من الزفاف يجري التأكد من أن مقاساته دقيقة بالنسبة للعروس التي تتسلم الفستان قبل موعد زفافها بيوم واحد فقط، وحينها تدفع باقي المبلغ المتفق عليه كما تقوم بوضع أي مستند شخصي يضمن حق المحل في إرجاع الفستان كالجواز أو بطاقة الهوية أو غيرها من المستندات التي تدل على هوية صاحبها». وتؤكد رشيدة أنها حتى اليوم لم تتعرض لأي مواقف محرجة مع زبائنها اللواتي يقصدن المحل، فكلهن على حد تعبيرها ملتزمات بمواعيد تسليم الفساتين التي يتم الاتفاق عليها سلفاً.
فخامة في الاختيار
ترى أماني شركسي، إحدى العاملات في محل تصميم الفساتين وتأجيرها، أن إقبال المواطنات على تصميم فساتين الزفاف زاد منذ عامين، وترجع السبب إلى أن عدم استفادة العروس ثانية من فستان الزفاف يضطرها إلى بيعه بأرخص الأسعار بعد ركنه لفترة طويلة في الدولاب، فضلاً عن ارتفاع أسعار تصاميم فساتين الزفاف. وتقول شركسي أن «المواطنات يبحثن عن الفساتين الراقية التي تتميز بالفخامة في التصميم والتأجير على حد سواء، والتي تعتمد على الكريستالات في المقام الأول، الى جانب التطريزات والدانتيلات المختلفة، وغالباً ما تكون هذه المواد غالية الثمن، وتستغرق فترة أطول في عملية التصميم والتنفيذ». وتؤكد أنه في حال رغبت العروس في فستان زفاف وقامت بدفع العربون لضمان حجزه، ومن ثم عدلت عنه، لا يحق لها استرجاعه مطلقاً، أما إذا حصل طارىء اضطرها لتغيير موعد الزفاف، يبقى الاتفاق على عملية التأجير قائماً.
خطة مدروسة
تقول هدى المسؤولة في أحد محال تصميم الفساتين وتأجيرها إنه «نظراً للإقبال الكبير على عملية التأجير، قمنا بتوفيرها، وفق خطة مدروسة تضمن حقنا وحق العروس، وحرصاً منا على توفير كل ما هو جيد للعروس، لا نعمل على تأجير الفستان أكثر من أربع مرات، حيث إن كثرة استخدام الفستان تترك آثاراً واضحة عليه، لا ترغب فيها أي عروس ترغب في الإطلال بأبهى حلة».
وتكمل أن اختلاف «أسعار تأجير فساتين الأعراس من فستان لآخر يعود الى اختلاف التصميم والمواد المستخدمة فيه، وترتفع مقارنةً بأسعار تأجير فساتين الخطوبة والسهرات». وترى أن ذلك لا يتحقق إلا من خلال التصميم الذي تستطيع العروس الاحتفاظ به أو لبسه لمرة واحدة وإرجاعه للمحل (تصميم - تأجير)، مضيفة إن «اختيار فستان زفافي من بين مجموعة فساتين وأقوم باستئجاره فهذا أمر أرفضه تماماً، لأنه باختصار لن يسمح لي بأن أكون مميزة في يوم زفافي الذي أرقب».
المستوى المادي
وتقول، خديجة محمد، موظفة إن مسألة تصميم أو تأجير فستان الزفاف «تعتمد على مستوى زوجي المادي، فإذا كان مرتفعاً سأقوم بلا شك بتصميم فستان زفاف خاص بي حتى لو قمت بتأجيره لاحقاً، المهم أن أكون أول من ترتديه،لأن هذا هو حلمي، أما إذا كان مستواه المادي لايسمح لي بذلك فسألجأ إلى التأجير لأن تكلفته المادية أقل».
للمهر دور
وتوافقها الرأي تقريباً نورة إبراهيم، موظفة، قائلة: «المهر هو الذي سيحدد إذا ما كنت سأقوم بتصميم فستان زفاف خاص بي أو تأجيره، فإذا كان كبيراً سألجأ بلا شك إلى التصميم والعكس صحيح، والسبب يرجع إلى أن الزواج لا يعتمد فقط على فستان الزفاف بل بحاجة للعديد من المستلزمات والأدوات التي توفرها العروس بمهرها». وكان لابد أن نتعرف إلى آراء المتزوجات حول فستان الزفاف، التي اكتشفنا من خلالها التفاوت الهائل في أسعارها خلال سنوات.
تقول شذى محمد المتزوجة منذ 18 عاماً «في الفترة التي تزوجت فيها لم تكن هناك محال لتأجير فساتين الزفاف، ولم نكن نسمع إطلاقاً عن عمليات تأجيرها، وقد قمت بتصميم فستان زفافي في ذلك الوقت ب8000 درهم فقط، وكان غنياً بالتطريزات التي أثقلت وزنه كثيراً، حيث الاعتقاد بأنها تعطي فخامة كبيرة للفستان.
وتكمل«ظل فستاني مخزوناً في الدولاب حتى قررت في أحد الأيام استغلاله، فقمت بقص تطريزاته كبيرة الحجم وصنعت منها مخدات لكراسي المنزل ولوحات أيضاً».
تأنيب الضمير
وتقول مريم عبدالله المتزوجة منذ ست سنوات «قررت أن أقوم بتفصيل فستان زفاف خاص بي، فلجأت إلى أحد أشهر دور تصميم الأزياء لتصميم الفستان الذي أرغب والذي جمع البساطة والفخامة معاً، وقد كلفني قرابة 18 ألف درهم، وبعد ليلة الزفاف احتفظت به في إحدى الحقائب حتى استأجرته مني إحدى المقبلات على الزواج بمبلغ 7000 درهم، وأرجعته لي للأسف وسخاً، وبعد ذلك قمت بإعارته لأخت صديقتي دون مقابل إلا أنها أرجعته في وضع يرثى له حيث قامت بعمل بعض التغييرات عليه دون الرجوع لي، وفي المرة الثالثة قمت بإعارته لإحدى معارفنا التي أحسنت حفظه وأرجعته لي سليماً، وحتى اليوم أحتفظ به في الحقيبة نفسها وأشعر بتأنيب الضمير على صرف مبلغ كبير في فستان ارتديته لليلة واحدة فقط».
التركيز على الفستان
وتقول شمة صالح المتزوجة منذ سنتين فقط: «بطبيعتي أسعى دائماً لأن أكون متميزة عن غيري، وهذا ما عملت على إبرازه جلياً في ليلة زفافي التي ركزت فيها على أدق التفاصيل لتكون مختلفة عن ليالي زفاف صديقاتي ومعارفي، لاسيما في فستان الزفاف، لذا قصدت لأجله أحد المصممين الذي شرحت له الفكرة التي أرغب في تنفيذها، وقمت بنفسي بشراء القماش الذي يحتاجه إلى جانب الكريستالات لأضمن جودتها، وقد كلفني قرابة 20 ألف درهم.
وتكمل «وبفضل الله وسعيي الدؤوب تحقق ما أردت وكنت متميزة بالفعل في ليلة زفافي، وظل بعدها الفستان في الدولاب حتى قصدتني إحدى المقبلات على الزواج لتأجيره، فطلبت فيه مبلغ 10 آلاف درهم إلا أنها رفضت الموافقة على السعر، فلم يتم الاتفاق، وبقي كما هو».
تحقيق أمنية
وتقول أسماء سعيد المتزوجة حديثاً «قمت بتصميم فستان زفاف خاص بي في غاية الفخامة تبلغ قيمته 36 ألفاً، إلا أنني اتفقت مع المصمم على أن أرتديه في يوم زفافي وأرجعه له، فدفعت نصف السعر، وحققت أمنيتي في ارتداء فستان خاص بي وكان حديث الحضور».
تخفيض التكاليف
منذ خمس سنوات ارتأت الاماراتية ريم الحوسني أن تقوم بتأجير فساتين الزفاف والسهرات، بعد أن طالها ارتفاع الأسعار وتجاوزت (60 - 70) ألف درهم، فتعاونت مع أشهر دور تصميم الأزياء في الدولة لتصميمها، وفي هذا تقول الحوسني «لإيماني بأن عملية تأجير فساتين الزفاف ستسهم بشكل كبير في تخفيض تكاليف تصميمها، ولحبي الكبير للتصميم، عمدت منذ خمس سنوات إلى تأجير فساتين الزفاف والسهرة بأسعار تقل عن أسعار تصميمها، وتماشياً مع رغبة البعض في أن يصممن فستان زفافهن عند أشهر دور تصميم الأزياء، ويكن أول من يرتدينه، عملت على التعاون معهم، وذلك من خلال قصد أشهر دور تصميم الأزياء لاختيار التصميم المناسب الذي ترغب فيه العروس ليصمم خصيصاً لها، ويكلفها نصف سعر التصميم، لأنها ستقوم بإرجاعه للمصمم بعد أن ترتديه، وبهذا تكون قد حققت رغبتها وقامت بتوفير تكلفة التصميم الباهظة».
وتعمل الحوسني على مراعاة الظروف المادية للعروس، لذا تتوافر لديها تصاميم بمختلف الأسعار، والتي لا يتعدى أغلاها 15 ألف درهم، الأمر الذي انعكس إيجاباً على عملها فباتت مقصد جميع المقبلات على الزواج من مختلف إمارات الدولة، لذا تحرص حرصاً شديداً على ألاّ تكرر تأجير الفستان على أكثر من شخص في الإمارة نفسها، تفادياً للإحراج وإثارة المشكلات في بعض الأحيان.
وتعرب عن سعادتها في النجاح الذي حققته في هذه المهنة إلى جانب مهنتها الحكومية وحياتها الزوجية، رغم أنها لا تجد وقتاً للراحة، وتؤكد أن السر يكمن في صفتي الصدق والأمانة اللتين إذا ما توافرتا في الشخص يكون محل ثقة دائمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news