محامـون مواطنـون: استمرار الوافديــــــن بالترافع غير قانوني
حذَّر محامون مواطنون من إمكانية الطعن في الأحكام الصادرة في القضايا التي ترافع فيها محامون وافدون بعد انقضاء المهلة التي حددها القانون لترافع غير المواطنين أمام محاكم الاستئناف والابتدائية في الـ 29 من الشهر الماضي، وأعربوا عن تخوفهم من أن يتضرر المتقاضون من بطلان الأحكام نتيجة استمرار ترافع المحامين الوافدين أمام محاكم الاستئناف والابتدائية لعدم أهليتهم في التمثيل بحكم القانون، مناشدين «القضاة تطبيق القانون لحين ظهور ما يفيد خلافه».
وأكد مسؤول في وزارة العدل لـ«الإمارات اليوم» أن «الوزارة لم تستلم حتى الآن قراراً من مجلس الوزراء يفيد بتمديد عمل المحامين الوافدين أمام المحاكم الابتدائية لمدة سنتين إضافتين»، لافتاً إلى أن «ملف المحامين الوافدين مازال محل بحث في مجلس الوزراء»، داعياً «رؤساء المحاكم الالتزام بما جاء في نص القانون الخاص بمزاولة مهنة المحاماة للمحامين الوافدين الصادر عام 2002، لحين صدور قانون أو قرار يخالف ذلك». بينما أكد محامون مواطنون أن «بعض قضاه محاكم الاستئناف والابتدائية مازالوا يسمحون للمحامين الوافدين بدخول قاعات المحاكم، بسبب عدم استلامهم تعميماً من وزارة العدل يفيد بمنع ترافع المحامين الوافدين»، معتبرين أن تبرير القضاة في السماح لغير المواطنين بالترافع في «غير محله».
وقال المحامي إبراهيم التميمي إنه «يفترض تطبيق القانون بمجرد نشره ولا يتطلب إبلاغ المحاكم من جهة وزارة العدل بانتهاء مهلة عمل المحامين الوافدين ولكن الذي يفترض طلبه من المحامي الوافد إحضار ما يفيد صدور قانون جديد يفيد بمزاولته المهنة أمام الاستئناف أو التمديد أمام المحاكم الابتدائية».وشرح التميمي حجم الأزمة التي تعيشها أروقة المحاكم بأنه «صدر تعديل بعض مواد على قانون المحاماة المتعلقة بالتوطين حيث نصت المادة (10) فقرة «1»: «تقتصر مزاولة مهنة المحاماة الاتحادية العليا على المحامين المواطنين».
وفعلاً تم التوطين دون تأخير من تاريخ نشر القانون في 19/3/2002 ومازال التوطين سارياً ولم يحدث إرباكاً أمام المحاكم، وأجاز القانون قيد المحامين غير المواطنين أمام المحاكم الاستئنافية والابتدائية لمدة سنتين من تاريخ العمل بالقانون والذي بدأ في 19 مارس 2002 أي أنه يفترض انتهاء ممارسة غير المواطنين في 20 مارس 2004، لكن استثناء من الأصل أعطى القانون صلاحية لمجلس الوزراء بتمديد المهلة المنصوص عليها في البند (2) من القانون بحيث يسمح الترافع للمحامين غير المواطنين أمام محكمة الاستئناف لمدة سنة واحدة أو لمدد أخرى لا تزيد في مجموعها على أربع سنوات أي يسمح بالمرافعة أمام الاستئناف حتى تاريخ 29/3/2008، شريطة أن يكون التمديد كل سنتين قبل نهاية شهر مارس من العام ذاته».
وأوضح أن «المهلة المحددة في القانون انتهت يوم 29 مارس الماضي، ولم يتم إصدار قانون جديد يسمح بمزاولة المهنة لغير المواطنين من جديد، بما يعتبر معه حضور المحامين غير المواطنين باطل وبالتالي تبطل جميع الإجراءات التي تنشأ من خلال الحضور وتعتبر جميع الأحكام الصادرة باطلة، ولا يجوز تمديد القانون من مجلس الوزراء بالنسبة للمحاكم الاستئنافية لعدم إعطاء القانون الصلاحية لذلك بل يحتاج صدور قانون جديد».
وأكد التميمي أنه «بالنسبة لمرافعة غير المواطنين أمام المحاكم الابتدائية فإن القانون أعطى مهلة ثماني سنوات بدءاً من 20/3/2008، بشرط أن يتم التمديد كل سنتين قبل أو في 29 مارس، وحيث لم يتم التمديد من مجلس الوزراء خلال هذه الفترة فإن مزاولة المهنة أصبحت باطلة أمام المحاكم الابتدائية أيضاً وأن تمديده بعد هذا التاريخ من قبل مجلس الوزراء يعتبر مخالفة دستورية ويتطلب إصدار قانون جديد لممارسة المهنة وليس التمديد وأصبحت ممارسة المهنة أمام الابتدائية محظورة»، موضحاً أن «التمديد جواز لا وجوب حسب نص القانون».
من جانبه، اعتبر رئيس مجلس إدارة جمعية الحقوقيين، محمد صقر الزعابي، أن جميع الأحكام الصادرة بعد انتهاء المهلة وترافع في جلساتها أحد المحامين الوافدين «باطلة» ويمكن الطعن في صحتها لعدم أهلية المحامين الوافدين للتمثيل أمام المحاكم بحكم القانون. ورأى الزعابي أن «عدم صدور قرار من مجلس الوزراء حتى الآن بمد المهلة التي انتهت في التاريخ المذكور لترافع المحامين الوافدين أمام المحاكم الابتدائية يعني قانونياً «عدم التمديد» ولا يحق للمجلس إصدار قرار بأثر رجعي في هذا الشأن وإنما يمكنه إصدار قانون جديد يحدد مقتضيات الاستعانة بالمحامين الوافدين لفترة أخرى».
وأضاف أن «الإشكالية الرئيسة تتلخص في أن بعض رؤساء المحاكم الابتدائية مازالوا يسمحون للمحامين الوافدين بالترافع بعد انتهاء المهلة المذكورة، سيراً على مبدأ أنه لم يصدر تعميم من الجهة المعنية يمنع ترافع الوافدين، مخالفين بذلك القانون الصادر في هذا الشأن».
ودعا الزعابي إلى ضرورة تفعيل قرار مجلس الوزراء بمنع ترافع المحامين الوافدين أمام محاكم الاستئناف والابتدائية وإصدار تعميم بهذا الأمر إلى جميع المحاكم للعمل به خصوصاً أنه لم يصدر عن مجلس الوزراء قرار بتمديد المهلة التي انتهت في التاريخ المذكور أعلاه، رافضاً «أي تمديد لترافع المحامين غير المواطنين أمام المحاكم الابتدائية»، موضحاً أن دول العالم لا تسمح لغير أبنائها بالترافع أمام محاكمها، وتضع شروطاً استثنائية لمزاولة المهنة، وقد يسمح للوافدين بالعمل كمستشارين أو في وظائف مساعدة في مكاتب المحاماة.
وحول ما يثار من عدم كفاية المحامين المواطنين وعدم كفاءتهم، قال التميمي إن «أعداد المحامين موزعة بنسبة 71% مواطنين و29% لغيرهم، إذ يبلغ عدد المحامين المواطنين 395 محامياً مقابل 162 غير مواطنين، إضافة إلى عدد من المواطنين تركوا مهنة المحاماة بسبب عدم التوطين، وهناك أعداد كبيرة ملتحقة بالمعهد القضائي إضافة إلى طلبة كلية القانون ينتظرون فرص العمل في مجال المحاماة».
وتساءل التميمي «كيف يكون المواطن غير كفء ويقصر حضوره بالترافع أمام المحكمة العليا ومحكمة النقض، وكان يفترض أن يتم التدرج من أسفل لأعلى وليس بالعكس كما حدث، وبما أن الدولة قامت بتوطين المهنة أمام المحكمة العليا والذي لا يمكن للمحامين في الدول الأخرى الترافع أمامها إلا بعد خبرة تصل إلى 15 عاماً في مزاولة المهنة وكذلك أمام الاستئناف التي تتطلب أيضاً عدة سنوات حتى يسمح لهم بمزاولة المهنة أمامها، كان يفترض أن يتم التوطين بدءاً من الابتدائية إلى أن يصلوا بالتدرج أمام المحكمة العليا والنقض وبما أن الدولة قامت بالتوطين بهذه الصورة فهو خير دليل على كفاءتهم».
وأكد «أن المحاماة والقضاء من المهن السيادية في جميع دول العالم لا يزاولها غير مواطني الدولة».
وأشار إلى أنه «في فترة من الفترات لقلة العدد والخبرة اضطرت الدولة السماح لغير المواطنين بمزاولة مهنة المحاماة وإلى أن صدر قانون المحاماة عام 1980 وتم تعديله عدة مرات مع استمرار ممارسة غير المواطنين لمهنة المحاماة إلى أن تولى وزير العدل الدكتور عبدالله عمران تريم وهو الشخص الوحيد الذي أصر على توطين مهنة المحاماة والذي تم تطبيقه لمدة ستة أشهر دون حدوث أية إشكالات أو عقبات إلى أن تغيرت الوزارة التي قامت بتعديل القانون».
تنظيم المهنة
صدر القانون الاتحادي في شأن تنظيم مهنة المحاماة برقم 5 لسنة 2002، إذ اقتصرت بحسب المادة 10 مزاولة مهنة المحاماة أمام المحكمة الاتحادية العليا على المحامين المواطنين المقيدين بجداول المحامين المشتغلين وذلك بعد استيفائهم للشروط المبينة في اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وأجاز قيد المحامي غير المواطن في جدول المحامين المشتغلين لمزاولة المهنة أمام محاكم الاستئناف والابتدائية لمدة سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون، ويجوز لمجلس الوزراء مد المهلة المنصوص عليها لمدة أو مدد مماثلة لا يزيد مجموعها على أربع سنوات بالنسبة لمزاولة المهنة أمام محاكم الاستئناف وثماني سنوات بالنسبة لمزاولة المهنة أمام المحاكم الابتدائية.
كما حددت المادة تسعة شروط لإجازة مزاولة المحامي غير المواطن مهنة المحاماة في الدولة منها أن يكون قد سبق له الاشتغال بالمحاماة أو بعمل قضائي مدة لا تقل عن 15 سنة، وأن تكون له إقامة مشروعة في الدولة، وأن يزاول المهنة من خلال مكتب أحد المحامين المواطنين المقيدين في جدول المحامين المشتغلين، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون عدد المحامين غير المواطنين الذين يقيدون لمزاولة المهنة في كل مكتب من مكاتب المحامين المواطنين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news