«أولمبياد» بكين تواجه خطر المقاطعة بسبب التبت

     
ما يزال هناك اربعة اشهر قبل ان يتجمع الرياضيون الاولمبيون في العاصمة الصينية بكين لمباشرة الالعاب الاولمبية، بيد ان استضافة الصين لهذه الدورة الاولمبية يحيطها الكثير من الجدل حول انتهاك حقوق الانسان في إقليم التبت. 


ويعتور القلق الحكومة الصينية والحركة الاولمبية العالمية، من ان تؤدي المواجهات السياسية الى ارباك سير الالعاب الاولمبية او مقاطعتها من قبل المجتمع الدولي، حيث كانت الحملات المطالبة باستقلال التبت قد انتهزت هذه الفرصة من اجل استقطاب انتباه العالم إلى القضية التبتية.

 
وبدأت الاصوات التي تدافع عن حقوق الانسان في التبت ترتفع رويدا، ففي التاسع من الشهر الجاري تحدث رئيس الوزراء الاسترالي كيفين رود، صديق الصين ومتحدث لبق بلغة الماندرين (اللغة الصينية)، خلال اول زيارة له إلى الصين، امام الطلبة في جامعة بكين عن اهمية حقوق الانسان في الاقليم، ونادى ايضا من اجل حوار بين الحكومة الصينية والزعيم الروحي الدلاي لاما.

 

وجاءت تعليقات رود هذه بعد الاحتجاجات في كل من اثينا ولندن و باريس وسان فرانسيسكو وغيرها من المدن، خلال خط الشعلة الاولمبية حول العالم، للترويج للالعاب الاولمبية في الصين. وتحولت تلك الاحتجاجات الى انتقاد للصين حول معالجتها لموضوع التبت. 

 

واعتقلت الشرطة في لندن اكثر من 30 تبتيا منادين بالاستقلال عن الصين. وفي باريس علق المحتجون علما كبيرا يتدلى من برج ايفل يظهر الحلقات الاولمبية الخمس في شكل قيود، وهناك علم مماثل يزيّن كاتدرائية نوتردام ايضا. 

 
ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هذه الاحتجاجات بـ«المؤسفة قليلا». 

 

وفي جاكرتا سار موكب الشعلة الاولمبية تحت حراسة مشددة داخل استاد بونغ كارنو أمس، بعدما منعت الشرطة نحو مئة من المتظاهرين المعارضين للصين، من إعاقة أحدث محطات الشعلة في رحلتها المحفوفة بالمخاطر حول العالم.

 

وأوقد توفيق هدايت نجم الريشة الطائرة الاندونيسي، وصاحب الميدالية الذهبية في الألعاب الاولمبية المرجل، وسط صيحات فرح من نحو 2500 رجل شرطة و1000من أفراد القوات المسـلحة، قاموا بحماية الشعلة التي تسـببت في تظاهرات معادية للصين أثناء رحلتها في اوروبا والاميركتين.

 

وشارك نحو 80 رياضيا ومسؤولا ونجم تلفزيون وسينما في المسيرة التي امتدت لمسافة سبعة كيلومترات. وفي وقت سابق وقعت مواجهات لمدة 30 دقيقة بين الشرطة والمتظاهرين أمام البوابة الرئيسة لاستاد بونغ كارنو الذي يحمل سوكارنو اسم أول رئيس لإندونيسيا.

 

وقال هدايت بعد إيقاد المرجل «أنا فخور للمشاركة في هذه المراسم، وآمل أن أتمكن من الفوز بميدالية ذهبية مثلما فعلت قبل أربع سنوات».

 

وكان من المقرر في البداية أن تمرّ الشعلة عبر شوارع العاصـمة الاندونيسية، لكن مسؤولين رياضيين، قالوا إنه سيتم تقييد المسيرة، لتقام فقط داخل استاد بونغ كارنو.

 

وشكلت هذه الاحداث بمرور الوقت حرجا للصين والحركة الاولمبية. ويحاول المسؤولون الاولمبيون اختصار رحلة الشعلة، متنبئين بأن تسوء تلك الاحتجاجات.


وستنتقل الشعلة بعد جاكرتا إلى العاصمة الاسترالية كانبيرا، حيث قال منظمون إنهم سيغيّرون مسار الشعلة من قلب العاصمة، وسط مخاوف بوقوع اشتباكات بين متظاهرين موالين للصين وآخرين موالين للتبت.

 

ويرفض الزعماء الصينيون الرضوخ لتلك الاحتجاجات، ويؤكد حاكم التبت المدعوم من الحكومة الصينية، غيانغبا بنكوغ، ان الشعلة سوف تمرّ على الرغم من ذلك من خلال اقليم التبت، وأطلق إنذارا بأن من يعترض سبيلها سوف يتعرض لعقوبة شديدة.

 

وتتمثل المشكلة في ان هذه الاحتجاجات قد تتزايد خلال الاسابيع التالية مما يؤدي الى مقاطعة الالعاب نفسها، او على الاقل مراسم الافتتاح.


وتدعو المرشحة الرئاسية الاميركية هيلاري كلينتون، الرئيس جورج بوش لمقاطعة الالعاب. أما ساركوزي فيقول انه سيتريّث لكي يقرر ما اذا كان سيشارك ام لا.  


الصين والأولمبياد  
عام 1956 انسحبت الصين من الالعاب الاولمبية التي انعقدت في ملبورن بأستراليا احتجاجا على اعتماد الوفد التايواني ضمن الوفود الاولمبية، ولم تشارك الصين في العاب اولمبية حتى عام 1980.

 

وفي عام 1972 رفضت الصين دعوة وجهتها لها اللجنة الاولمبية الدولية للمشاركة في الدورة الاولمبية بسبب مشاركة تايوان في هذه الدورة. وفي عام 1976 ظهر للسطح مرة اخرى موضوع «الدولتين الصينيتين» عندما ارفقت جمهورية الصين الشعبية موافقتها للانضمام إلى الالعاب الاولمبية بطرد اللاعبين التايوانيين. وأصرت الصين الشعبية على عدم الانضمام إلى الالعاب الاولمبية مادام اللاعبون التايوانيون مشاركين في هذه الالعاب.

 

وخلافا لرغبات اللجنة الاولمبية الدولية طلبت الحكومة الكندية إلى جميع الرياضيين التايوانيين التخلي عن مشاركتهم تحت اسم «جمهورية الصين ـ وهو الاسم الرسمي لتايوان» قبل السماح لهم بالمشاركة، وقرر رئيس الوزراء الكندي، بيير اليوت في ذلك الوقت بأن هذا القرار يُعدّ قرارا سياسيا وعدم تنفيذه يعني انسحاب كندا من اللجنة الاولمبية الدولية. وعلى الرغم من ذلك لم تشارك الصين في تلك الدورة. وفي عام 1979 اوضحت الصين بجلاء في اجتماع اللجنة الاولمبية الدولية بمونتفيديو ان هناك «صين» واحدة تحت اسم جمهورية الصين الشعبية، وأن على اللجنة الاعتراف بذلك. وفي العاب الأولمبياد الشتوية عام 1980 في ليك بلاسيد طلبت الصين مرة اخرى حظر تايوان من استخدام جمهورية الصين، وعلمها ونشيدها الوطني في الالعاب الاولمبية، وبعد ان وافقت اللجنة الاولمبية على ذلك سحبت تايوان لاعبيها. 

«الأولمبياد» عبر التاريخ  
عام 1980 عبرت الولايات المتحدة عن رغبتها في الانسحاب من الالعاب الاولمبية المقامة في الاتحاد السوفيتي، احتجاجا على غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، وحددت 20 فبراير تاريخا لانسحاب القوات السوفيتية من افغانستان شرطا للمشاركة في الدورة. وأكدت اميركا مقاطعتها للألعاب 21 مارس من العام نفسه. وشارك الولايات المتحدة في تلك المقاطعة كل من اليابان والصين والفلبين وكندا، وأيدت كل من المملكة المتحدة وفرنسا واليونان المقاطعة، لكنها سمحت لرياضييها بالمشاركة في الدورة. ومثل اوروبا كل من اسبانيا وإيطاليا والسويد وايسلندا وفنلندا.

 

ولدى استضافة ألمانيا النازية الالعاب الاولمبية عام 1936، استغل نظام الزعيم النازي ادولف هتلر هذه المناسبة لإيهام العديد من المراقبين الدوليين والصحافيين، بأن ألمانيا راعية السلام والتسامح، في الوقت الذي بدأ فيه هذا النظام الاعداد لحملاته العنصرية والعسكرية ضد العالم. ورفضت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية مقاطعة تلك الالعاب، حيث يرى مراقبون ان المقاطعة كانت من شأنها ان تجعل هتلر يتراجع عن قراراته بغزو العالم وتعضد المقاومة الدولية ضد الطغيان النازي. 
 
أولمبياد ميونيخ 
في أولمبياد ميونخ 1972 استطاعت جماعة ايلول الاسود الفلسطينية اخذ اللاعبين الاسرائيليين رهينة، والقضاء عليهم فيما بعد خلال عملية انقاذ فاشلة، وقضى في تلك الحادثة خمسة من جماعة ايلول الاسود من اصل ثمانية، وألقت السلطات الالمانية القبض على  ثلاثة منهم، اطلقت سراحهم فيما بعد اختطاف طائرة لوفتهانزا، ويتهم البعض ألمانيا بأنها ساعدت على عملية الاختطاف لإطلاق سراح الفلسطينيين. وتمثلت مطالب الخاطفين بإطلاق سراح 234  فلسطينيا وغير عربي في السجون الاسرائيلية وتسهيل ترحيلهم سالمين إلى الاراضي المصرية.
 
تويتر