«فراشة».. على عجلة تعذيب المشاهدين
|
|
كل من يصنع فيلماً يرغب في أن يكون مشوّقاً، ولعل الطموح بألا يجعل المشاهدين يلتقطون أنفاسهم شيء مشروع، ما دام الرهان على المتعة متفق تماماً مع المطامح التجارية، لدرجة تصل بنا إلى الشعور بأن الصراع على التشويق يكاد يحوّل الأمر إلى ما يدفع للرثاء والضحك، وأحياناً يمسي الإصرار على هذا التشويق التجاري فعلاً مملاً ورتيباً، كنتيجة عكسية لجرعات التشويق التي أصبحنا مع الوقت أكثر مناعة تجاهها، ولا تنطلي علينا المفاجأة كما يجب، لشدة ما دهشنا.
هذه المقدمة الطويلة يستدعيها فيلم «بترفلاي أون ايه ويل» (فراشة على عجلة التعذيب)، الذي يفترض أنه سيفاجئنا، ويدعنا ننتف شعر رأسنا من هول تلك المفاجأة، ولعلي وأنا أتابع الفيلم مرّ في رأسي ما يضاهي العشرة أفلام التي حملت الرهان نفسه، في فترة لا تتعدى الأشهر الثلاثة الأخيرة.
حسناً، يبدأ فيلم «فراشة على عجلة التعذيب» ودون مقدمات بقيام توم (بيرس بروسنان) باختطاف ابنة كل من آبي (ماريا بيلو) ونيل (جيرارد باتلر) ومن ثم تمضية الفيلم كاملاً وتوم يتحكم في الوالدين، متبعاً مقولة مفادها أن الأب والأم يفعلان كل شيء مقابل الحفاظ على حياة ابنتهم، إذ يبدأ بالحصول على كامل ما يملكونه في رصيدهم، ومن ثم إحراق ذلك المال، ومن ثم يسألهما أن يدعواه إلى مطعم، ومن ثم يطلب منهما أن يقوما بتأمين المبلغ بأي شكل،
وخلال مدة زمنية محددة، مقابل ألا تقوم شريكته المختطفة للابنة بقتلها، وعليه تتوالى الطلبات التي تكون غالباً مبنية على معرفة دقيقة لتوم بطباع وعادات شخصيتي الأب والأم، كأن يسأل الأب أن يقف على حافة برج وهو يعرف أنه يعاني من رهاب الأماكن المرتفعة، أو أن يرسل آبي لتسليم رسالة إلى الشركة المنافسة للشركة التي يعمل فيها نيل، وعليه يتحوّل توم، كما يردد طوال الفيلم، إلى مسيطر يحكم تصرفات آبي ونيل، ويرسم ما ينتظرهما من مواقف وأقدار، وأداته الوحيدة في ذلك هي ابنتهما.
شعور أكيد سيداهم من يتابع الفيلم بأن في الأمر لعبة ما، عبثاً مجانياً له أن يأخذنا إلى النهاية التي يسأل فيها توم نيل أن يقوم بقتل امرأة اسمها جودي لم نرها من قبل، نظن بداية أنها مديرته في العمل، لنكتشف أنها عشيقة نيل، وأن هناك موعداً بينهما. لحظة واحدة ونكتشف كل شيء، صورة واحدة نجدها على رف بيت المرأة التي من المفترض أن يقتلها نيل،
|