رأى مشاركون في المنتدى الإعلامي العربي الذي بدأت فعالياته أمس في فندق مونارك في دبي، أن التكنولوجيا فرضت نفسها بقوة على المشهد الإعلامي كوسيلة متطورة لتوصيل المعلومة إلى المتلقي، خصوصاً من جيل الشباب، محذرين من الاستثمار في الصحافة القديمة لأن المستقبل لم يعد لها، لذا كان من الطبيعي - على حد قولهم - أن تكون عنواناً للدورة الحالية من المنتدى، مشيرين إلى أن هناك تحديات كبيرة تقف أمام تطور الجانب التقني فى العالم العربي منها: نقص الكوادر وعدم اكتمال البنية التحتية اللازمة، لكنهم حذروا في المقابل من «أن استغلال فضائيات عربية لبعض أوجه التكنولوجيا حوّلها إلى محال تجارية لا تهتم سوى بكسب المعلن على حساب ما يقدم للجمهور».
كما تناول متحدثون علاقة التكنولوجيا بأجهزة الاعلام الحكومية، وأكدوا أن تكنولوجيا الإعلام العالمي حالياً من دورها القضاء تماماً على الإعلام الحكومي. في الوقت الذي تناول فيه متحدثون آخرون مشكلة النقص في الكوادر البشرية المؤهلة في المؤسـسات الاعلامية القـائمة في الدولة.
وأفاد المرافق الإعلامي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عضو مجلس الإدارة المنتدب لمؤسسة دبي للإعلام أحمد الشيخ أن «طرح فكرة التكنولوجيا وتحدياتها في الإعلام أمر ذو أهمية عالية خلال الفترة الحالية، إذ إن التطور التكنولوجي ساعد على انفتاح الإعلام في المنطقة الخليجية، من خلال البث الفضائي الذي أصبح في متناول الجميع إنشاؤه ومتابعته، ما أوجد مقارنة لدى الجماهير بين النتاج المحلي وتوجهات الإعلام العالمي».
وتابع «المشكلة أن استغلال غالبية الفضائيات العربية لبعض أوجه التكنولوجيا حوّلها إلى محال تجارية لا تهتم سوى بكسب المعلن على حساب ما يقدم للجمهور، بالإضافة إلى اعتناق بعضها فكرة شريط الرسائل النصية القصيرة، الذي أفقدها رسالتها وهدفها»، وتابع «لذا التحدي الرئيس أمامنا كمنطقة خليجية وكدولة الإمارات على وجه الخصوص، بالنسبة للإعلام هو توفير الكوادر القادرة على إدارة هذا الإعلام».
وأوضح أن الدولة اتخذت خطوة مهمة لتوفير حرية التعبير، إذ ألغت أخيراً وزارة الإعلام للخروج بهذا النوع من العمل من الهيكلة الحكومية إلى النظام المؤسسي القائم على تكامل الخدمات الإعلامية، كما وفرت لهذه المؤسسات أحدث التكنولوجيات الإعلامية المواكبة للاتجاه العالمي للإعلام».
وأوضح الشيخ أنه «على الرغم من توافر هذه العناصر إلا أنه مازالت تنقصنا العقول القادرة على إدارة هذا البناء الإعلامي، إذ إن غالبية خريجي كليات الإعلام غير قادرين على التعامل مع الإعلام العالمي بشكل مباشر نظراً لعدم مواكبة ما درسوه لما هو مطبق حالياً، كما أن نسبة كبيرة منهم تلجأ إلى العمل الإداري، أو العمل كمقدمي برامج دون سابق خبرة أو حصيلة معلوماتية، لذا نجد أن لدينا نقصاً كبيراً في الفنيين ومعدي البرامج ومحرري الأخبار». وضرب مثالاً على هذا قائلاً إن «مؤسسة دبي للإعلام قائمة منذ 38 عاماً ولا يوجد لديها سوى 10 مصورين مواطنين فقط».
سطوة التكنولوجيا
في السياق ذاته قال الرئيس التنفيذي للمجموعة العربية للإعلام عبداللطيف الصايغ إن هناك مؤشرات كثيرة تكشف سيطرة الجانب التكنولوجي على قطاع الإعلام لافتاً إلى أن هناك مؤسسات كثيرة في الدولة أصبح يقودها الفريق التقني، وسواء رضينا أو أبينا فإن هذا الواقع يفرض نفسه، وعلينا التكيف معه بدلاً من مواجهته وإعاقته.
وأضاف أن هناك صعوبات كثيرة تواجه التطور التقني في الإعلام العربي منها مشكلات إدارية ومالية وقانونية تتمثل في كيفية الحفاظ على الحقوق، مستدركاً أنه بالرغم من ذلك فإن قطار التكنولوجيا لا يتوقف بل يتطور يومياً، وبات المتلقي بفضله يستطيع صناعة المعلومة بل يحدد توقيت وصولها ونشرها.
وأشار الصايغ إلى أن الواقع الراهن يؤكد وجود تفاوت كبير بين الجانب التقني في الوطن العربي والعالم الغربي، ولفت إلى أنه حتى الان لا توجد شركات عربية متخصصة في هذا المجال. واستناداً إلى ما سبق، وفق الرئيس التنفيذي للمجموعة العربية للإعلام فإن الوطن العربي ليس بعيداً عن عملية التطور، لكن البنية الأساسية لاتزال غير كاملة، مضيفاً: نحن نكبر لكن حصتنا في السوق العالمي من تكنولوجيا المعلومات لاتزال شبه معدومة وعلى الرغم من ذلك يبقى الأمل موجوداً ويبشر بكثير من الفرص.
وحول نصيب السوق الإماراتية من تكنولوجيا المعلومات قال الصايغ :تواجهنا بعض الصعوبات في الحصول على معلومات دقيقة بشأن الوضع في الدولة، لكن يمكن القول إنه مبشر ونتوقع أن يتضاعف خلال السنوات الخمس المقبلة، لافتا إلى أن السوق الإماراتية تستحوذ على 88% من حجم الانفاق على الانترنت في العالم العربي.
الصحافة القديمة
إلى ذلك أكد المدير التنفيذي لمؤسسة براديكت الإعلامية ايسون جوردان أن وسائل الإعلام التي تعتمد على تكنولوجيا الاتصالات أصبحت تفرض هيمنتها على سوق الإعلام، محذراً من الاستثمار في الصحافة القديمة لأن المستقبل لم يعد لها.
وأضاف جوردان: نصيحتي للجميع أن يتحلوا بالشجاعة ويتجهوا إلى تكنولوجيا المعلومات التي تتطور بشكل دائم والبحث عن مجالات جدية، لافتاً إلى أنه قام بمغامرة استثمارية قصيرة في مجال الإعلام التقليدي استنزفته مادياً، لكنه استفاد منها كثيراً وأسس شركة متخصصة في تغطية الكوارث والحروب، والان تشتري منه جهات كثيرة تقارير مكتوبة ومرئية ومسموعة عن حربي العراق وأفغانستان.
في الإطار ذاته قال مؤسس قسم الصحافة والدراسات الإعلامية في جامعة سنترال كوينزلاند الاسترالية الان نايت : إن التقنية الجديدة أثرت في المضمون في وسائل الإعلام لافتاً إلى أنه أجرى استقصاء بين طلبته حول استخدامهم لوسائل المعلومات واكتشف أنهم يطالعون الصحف ويتابعون التلفزيون والراديو بنسب متفاوتة لكنهم جميعاً يستخدمون الانترنت.
جيل الشباب
وأوضح الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق الدكتور عزام الدخيل أن جيل الشباب هو المعني بشكل أساسي، باستخدام تكنولوجيا المعلومات والتواكب مع تطوراتها، وقال «على المؤسسسات الإعلامية أن تطور محتوى موادها بالتوازي مع ذلك لأن الشباب يريدون أن يصل إليهم هذا المحتوى من خلال وسائل التوزيع التي يفضلونها مثل الانترنت والهواتف المحمولة». ومن جانبه قال رئيس هيئة التحرير في صحيفة الوقت البحرينية ابراهيم البشمي إن «أهمية مناقشة التحديات التكنولوجية للإعلام العربي تكمن في أن غالبية المؤسسات الإعلامية العالمية توفر منظومة إعلامية متكاملة من بث مرئي ومسموع ومكتوب على شبكة الإنترنت، بشكل يوفر خدمة متكاملة للجمهور ويدعم مصداقية المؤسسة أمامه، الأمر الذي نفتقده في عالمنا العربي إذ لا تتوافر هذه المؤسسات إلا بأعداد قليلة جداً، كما أنها لاتزال حديثة الإنشاء.
انفصام إعلامي
وأشار البشمي إلى أن «الإعلام العربي يعيش حالة انفصام بين مؤسسات إذاعية ومرئية تابعة للحكومات، وأخرى صحافية خاصة، ومجتمع إعلامي يحتل مساحات الإنترنت بالنقد لواقع كل من وسائل الإعلام المرئي والإذاعي والمكتوب، الخاضعة إما للسلطة السياسية أو لسلطة المعلن».
محمد بن راشد يحضر الجلسة الافتتاحية
دبي ــ وام
حضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي الذي انطلقت فعالياته في فندق مونارك في دبي صباح أمس ولمدة يومين.
وافتتح سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي الجلسة، بكلمة أشار فيها الى ان المنتدى العربي للإعلام الذي ينظمه نادي دبي للصحافة للمرة السابعة اصبح يمثل واحداً من أهم وأوسع التجمعات الإعلامية في الوطن العربي.
وأكد أن دبي التي ادركت بفضل توجيهات ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، دورها كمدينة عالمية، اطلقت مشروعات حضارية تلبي حاجة العصر والتطور التقني والاعلامي الذي يشهده العالم، وأنشأت مدينتي دبي للانترنت والإعلام ومنتدى الإعلام العربي، هذا الذي يوفر فرصة للإعلاميين والقيادات الاعلامية والصحافية العربية للالتقاء وتبادل الافكار والطروحات التي يمكن ان يستفيد منها الاعلام العربي عموماً، خصوصاً اذا ما تم توظيف التكنولوجيا توظيفاً سليماً وصحيحاً لخدمة هذا القطاع الحيوي المهم والارتقاء بمؤسساتنا الإعلامية والإعلاميين ليلعب دوراً اكبر في إبراز الوجه الحضاري للأمة العربية ومواكبة برامج التنمية الاقتصادية والسياسية والتعليمية وغيرها التي تنفذ في مناطق ودول الوطن العربي.
|