الرباعي: أنصاف المؤدين أضاعوا الأغنية المعاصرة


خلاف المتعارف عليه في اللقاءات الإعلامية مع نجوم الصف الأول في الأغنية العربية كان الفنان التونسي الشاب صابر الرباعي حاضراً في المكان والزمان المحددين في دبي من أجل إجراء حوار خاص مع «الإمارات اليوم» تطرق فيه إلى  قضايا عدة مستخدماً بتلقائية لهجات أربع هي بالإضافة إلى لهجته الأم، الخليجية والمصرية واللبنانية، وهي اللهجات ذاتها التي سيجمع بينها في ألبومه المقبل الذي بدأ في التجهيز له منذ فترة وجيزة تخللها تصوير أغنية «خليني» مستعيناً فيها بجماليات البيئة الصحراوية التونسية. وخلافاً لما هو متعارف إليه ايضاً لم يمانع الرباعي من التقاط عدسة «الإمارات اليوم» صوراً خاصة أثناء الحوار رغم عدم استعداده لذلك حسب  مدير أعماله الذي أعد اسطوانة مدمجة عليها صور خاصة تبقى هي المعتمدة غالباً لدى نظرائه الذين يحرصون على «حُسن الطلة».

 

هذا الاختلاف المحمود مهَّد لحوار مختلف مع الرباعي الذي وجه انتقادات حادة لمن سماهم «أنصاف المؤدين»، معتبراً أنهم «المسؤولون عن حالة الانحدار الشديد التي تشهدها الذائقة العامة لاسيما في ما يتعلق بالأغنية المصورة»، محملاً إياهم «المسؤولية الأولى في ضياع إنجازات مهمة تمكنت من تحقيقها الأغنية المعاصرة».

 

مكاسب «روتانا»

الرباعي الذي لم ينف أيضاً دور شركات الإنتاج التي تسعى إلى تحقيق ربح مادي سريع «بألحان وكلمات وأصوات رخيصة»، وكذلك دور فضائيات الأغنيات الهابطة، اعتبر أن غياب الدرجة المناسبة من الوعي لدى الفنان هي المحرك الأساسي لانتشار الأغاني الهابطة؛ لأن الفنان الحقيقي يجب أن يكون على قناعة بأن «الفن الهابط مقتصر انتشاره على توقيت سيادة موجة سرعان ما ستنحسر لتأتي غيرها في الوقت الذي لا ديمومة فنية فيه لغير الفن الجيد».

ونفى الرباعي وجود أي مشكلات بينه وبين شركة روتانا للصوتيات والمرئيات، مضيفاً: «قمت مع مطلع العام الجديد بتجديد تعاقدي مع «روتانا» لثلاث سنوات أخرى، من أجل إنجاز ثلاثة ألبومات بمعدل ألبوم واحد كل عام، وهي نفس البنود الإجرائية للعقد المنتهي، ومن وجهة نظري فإن التعاقد مع «روتانا» التي يرتبط معها بعقود حصرية معظم عمالقة الأغنية العربية وعلى رأسهم محمد عبده مكسب لأي فنان، وفي ما يتعلق بي شخصياً أعتقد أن المكسب متبادل للطرفين؛ لأن الشركة لو لم تحقق مبيعات جيدة في التعاقد السالف لما أقدمت على تجديده».

 

«محرقة السينما»

وحول إصراره على عدم خوض تجربة التمثيل السينمائي قال الرباعي: « أؤمن بأن الناجين من محرقة السينما من المطربين باستثناء جيل الرواد محظوظون وهم قليلون جداً، فمن وجهة نظري الإقدام على خوض تجربة الظهور في كادر الشاشة الكبيرة مجازفة كبرى لمن يمتلك ما يخشى أن يفقده، وهو الرصيده الفني الثري».

 

رغم ذلك لم يجزم الرباعي تماماً بإمكانية إقدامه على تلك الخطوة، مضيفاً:  «في كل الأحوال لا أرى الوقت مناسباً بالنسبة لي من أجل خوض مغامرة السينما، وهو أمر قد يتبدل مستقبلاً بسبب سطوة الأغنية المصورة التي ساهمت إلى حد بعيد في تقريب المسافات بين الأغنية والفيلم، حيث أضحى لزاماً على الفنان أن يتسلح ببعض المهارات التمثيلية من أجل أدائها، وهي مهارات قد تتطور في ما بعد ليتم استثمارها في فيلم سينمائي».

 

الأغنية المصورة

وعن المنهجية التي يعتمدها في تحديد الأغاني التي يتم تصويرها من الألبوم قال الرباعي: «أسعى دائماً للوصول إلى نوع من التكامل في أرشيف أغانيّ المصورة ما بين أغان إيقاعية وأخرى شعبية وثالثة ذات تصوير درامي، وفي المقابل إذا وجدت أن الديكور التراثي قد سيطر على هذا النمط أعمل على إضفاء قدر من الحداثة على أعمالي المصورة التالية، لكن اختيار الأغنية المصورة تحكمه في الأساس مدى قابلية الأغنية نفسها أن يتم التعامل معها بواسطة الكاميرا وكأنها مشهد متكامل من فيلم سينمائي، لذلك فإن كلمات الأغنية نفسها وقربها من النمط الحكائي القصصي يرشحها لأن تصبح مصورة».

 

ثراء «التونسية»

وأيد الرباعي إقدام الفنانين على الغناء بلهجات متعددة، معتبراً أنها «اجتهاد شخصي من الفنان لإثراء مكتبته الغنائية بأعمال متنوعة، تلبي تطلعات جمهوره في مختلف الأقطار العربية من جهة، وتسعفه في حال مشاركته في مهرجانات أو  حفلات خارجية»، لكنه أعرب عن اعتزازه في الوقت ذاته «بالمساهمة في تقريب وإيصال اللهجة التونسية إلى الشارع العربي، كما هو الحال في لفظة «برشا برشا» التي شاع استخدامها بفضل الأغنية التي حملت الاسم نفسه»، مؤكداً أن «الأغنية التونسية مؤهلة لمنافسة نظيرتيها الخليجية والمصرية بفضل امتلاكها لمفردات وصور شعرية ثرية وكذلك شعراء على مستوى إبداعي عال»، مشيراً إلى أن الإشكالية في هذ الصدد تتعلق بـ «عدم اعتماد هؤلاء الشعر اء على ما يمكن تسميته بـ(التونسية البيضاء) التي يمكن تداولها وفهم معانيها عربياً بسهولة تامة».

 

مراقب

وأرجع الفنان الشاب تضاؤل حضوره الإعلامي وكذلك إحياءه الخجول للحفلات الفنية لما سماه «خشية الاستهلاك»، مضيفاً: «على عكس ما يعتقده الكثيرون فإن الحضور المكثف للفنان في وسائل الإعلام على اختلاف طبيعتها، فضلاً عن المبالغة في إحياء الحفلات الفنية أمر بالغ الضرر على علاقته بجمهوره.

 

مضيفاً: «لهذا فضَّلُ قضاء كامل الصيف الماضي مراقباً لما يدور على الساحة التونسية في ما يتعلق بعالم الحفلات الفنية، واقتصرت مشاركاتي في ذلك التوقيت على حفلات خارجية محددة»، مشيراً إلى أنه نادراً ما يغيب رغم ذلك عن المهرجانات العربية المهمة لفترات طويلة مثل «مهرجاني هلا فبراير والدوحة اللذين شاركت في دورتيهما الأخيرة».

 

مُقَصِّر خليجياًوأضاف الرباعي: «أشعر بأن زمن تقصيري مع الجمهور الخليجي قد طال في مقابل تلبيتي لإحياء حفلات كثيرة في مصر وسورية ولبنان والجزائر والمغرب، لذلك فإن النية تتجه لتفعيل الحضور في الفعاليات والحفلات التي تستضيفها دول مجلس التعاون في المرحلة المقبلة».


«ديو»

برَّر صابر الرباعي عدم تكراره لتجربة الأغنية الثنائية «الديو» منذ مشاركته لأصالة في أداء أغنية « علي جرا» قال الرباعي: «ليست كل أغنية جيدة تصلح لأن تؤدى بطريقة «الديو» الذي أعتبره نمطاً غنائياً جيداً يتقبله الجمهور بسهولة في حال التوفيق في اختيار كلمات الأغنية والانسجام بين المطربين اللذين يؤديانها، لكني بصراحة شديدة منذ تجربتي مع أصالة لم أجد الأغنية المناسبة لتكرارها»

 

الأكثر مشاركة