10% من المسنين مكتئبون و90% مصابون بالسكري


صرّحت عضو اللجنة العلمية لمؤتمر أبوظبي العالمي للشيخوخة، الدكتورة سلوى السويدي، بأن مرضى الخرف والاكتئاب النفسي هم الأكثر انتشارا بين المسنين في شتى أنحاء العالم، وتبلغ نسبة الإصابة على أقل تقدير، وبحسب منظمة الصحة العالمية نحو 30%، بينما لا تتعدى نسبة الإصابة  داخل الإمارات أكثر من 10%، لافتة إلى أن نحو 90% من المسنين مصابون بالسكري.

 

وقالت السويدي لـ«الإمارات اليوم»: «إن انخفاض نسبة اصابة المسنين بالاكتئاب يعود إلى المنهج الذي تتبعه الدولة في رعاية المسنين، الذي يقوم على أساس رعاية وتأهيل المسنين دون عزلهم عن أسرهم في دور خاصة للرعاية»، لافتة إلى انخفاض نسبة المسنين في دور الرعاية إلى 137 مسنا من بين 33 ألف مسن في الدولة، مؤكدة أن الدراسات والأبحاث العلمية تشير إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض النفسية بين المسنين في دور الرعاية عن المقيمين بين ذويهم.

 

وأكدت السويدي أن الإمارات تغلّبت على أهم أمراض الشيخوخة العضوية وهي الأمراض المعدية مثل الالتهابات التي كانت تتسبب في موت الكثيرين من المسنين سابقا، حيث استطاعت الدولة السيطرة على هذه الأمراض، والقضاء على فيروساتها والجراثيم المسبّبة لها، وبدأت الدولة في مكافحة نوع آخر من أمراض الشيخوخة هو «مرض أسلوب الحياة غير الصحية».

 

وكشفت أن أمراض المسنين داخل الدولة حاليا تنحصر في الأمراض غير المعدية، التي تعد سمة العصر الحالي، حيث تنتشر بداية من متوسطي العمر، مؤكدة أن كل مسن داخل الدولة يعاني في المتوسط من ثلاثة أمراض رئيسة هي: تصلّب الشرايين، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، ويعاني من مرض السكري نحو 90% من المسنين والسكان بشكل عام، ما يجعلنا ثاني دولة في العالم إصابة بمرض السكري، وصعوبة التصدي لهذا المرض تكمن في عدم وجود علاج محدد له حتى الآن.

 

وأفادت بأن هناك وسـائل للتعامل مع أمراض السكري للحد من آثاره، مشيرة إلى أنها أمراض مكلّفة لأقصى درجة، والدولة تحاول تقليل أسباب الإصابة بهذه الأمراض قبل بلوغ مرحلة الشيخوخة عن طريق برامج التوعية المتواصلة.

 

ولفتت السويدي إلى أن نسبة كبيرة من المسنين داخل الدولة يعانون من الإعاقة بسبب جلطات دماغية أو كسر في الحوض.

 

من ناحية أخرى، اعتبر خبراء صحة نفسية واخصائيون مشاركون في مؤتمر أبوظبي العالمي للشـيخوخة أن مسني الإمارات يعدّون من أقل المسنين إصابة بأمراض الشيخوخة النفسية والعصبية، وكذلك الأمراض العضوية المعدية، نتيجة اتباع الدولة الطرق العلمية الحديثة.

وقال أستاذ الصحة النفسية، الدكتور علاء الدين فرغلي، «إن التجربة الإماراتية في رعاية المسنين تعد متميزة، ومن شأنها أن تؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية على المستوى البعيد، لأنها لم تعزل المسن وإنما أفردت له وضعا اجتماعيا داخل الأسرة والمجتمع باعتباره رأس الأسرة وعمودها الفقري، ما جعله ـ بحسب الإحصاءات المقدمة ـ أقل مسن إصابة بأمراض الشيخوخة النفسية».

 

ودعا فرغلي إلى تعميم هذا المنهج في التعامل مع المسنين باعتباره حلاً أمثل للقضاء على المشكلات النفسية المستعصية.

 

ودعا الدكتور عادل شكري عبدالكريم إلى تطبيق فكرة دور المسنين «بارت تايم» (جزء من الوقت) يتم من خلالها تأهيل المسن وعلاجه، وتعد عملاً يومياً يخرجه من إطار الحياة الروتينية العقيمة، على أن يعود إلى أسرته وعائلته، مشيرا إلى دور المؤسسات الإماراتية في تأهيل ورعاية المسنين عن طريق برامج متخصصة تراعي الجانب الإنساني قبل الصحي، بين أسرهم وعائلاتهم.

«أبوظبي للشيخوخة» يوصي برعاية صحية مجانية للمسنين

أوصى «مؤتمر أبوظبي للشيخوخة» في ختام فعالياته، أمس، الحكومات العربية بتنفيذ خطة العمل العربية للمسنين لعام 2012 التي جاءت بعنوان «مجتمع لجميع الأعمار»، والتي اعتمدتها الأمم المتحدة. كما أوصى المؤتمر بضرورة إتاحة رعاية كاملة ومتكاملة للمسنين على مستوى العالم ومن كل الجوانب الصحية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية، حيث تضمنت التوصيات ضرورة تقديم الرعاية الطبية المتكاملة للمسنين بالمجان في كل التخصصات الطبية، وإقامة مراكز صحية متخصصة لإعادة تأهيل المسنين بعد تعرضهم لوعكات صحية، وكذلك تطبيق وتفعيل برامج الوقاية للمقبلين على مرحلة الشيخوخة، وتوفير الظروف الصحية السليمة والملائمة لمساكن المسنين حتى يتم تجنب الحوادث التي تقع نتيجة التغيرات الجسمانية لهم، مع توصية بإجراء الدراسات والأبحاث اللازمة عن المسنين في المجتمع، وتوفير قاعدة بيانات شاملة عنهم.

 

وركّز الجانب النفسي على ضرورة الاهتمام بسيكولوجية الشيخوخة على المستوى الوقائي والعلاجي والتنموي، وتخطيط وتنفيذ برامج عمل تستهدف وقاية المسنين من الاضطرابات النفسية بأشكالها ومستوياتها المختلفة، وتصميم برامج إرشادية تمكنهم من تنمية ذواتهم والاندماج في المجتمع.

 

كما دعت إلى تقديم المساعدة للأهالي القائمين برعاية المسنين في المنازل عن طريق تقديم المشورة والمساعدة الطبية والاجتماعية، وإنشاء دور رعاية جديدة وتطوير الدور القائمة، وتفعيل دور المسنين في المجتمع والنظر إليهم كفئة منتجة. وكذلك تعديل بعض المرافق العامة لكي يستطيعون استخدامها، وكذلك توفير الدعم المادي للأسرة القائمة برعاية المسنين.

 

كما تضمنت التوصيات ضرورة إدخال تخصّص طب الشيخوخة والمسنين في منهاج كليات الطب بالدولة، وإقامة دورات وورش عمل ومؤتمرات للمتعاملين مع فئة المسنين.

 

ودعت كذلك وسائل الإعلام إلى تغيير الصورة الذهنية السلبية السائدة عن هذه المرحلة العمرية.

 

وعلى المستوى الاقتصادي، أوصى المؤتمر بضمان دخل مالي منتظم يكفل حياة كريمة لكل مسن، وإعفاء هذه الفئة من دفع الرسوم التي تتقاضاها الجهات الحكومية مقابل الخدمات، مع توفير الحوافز والدعم المادي لمن يرعى المسنين.

 

وكذلك تشجيع كبار السن على مواصلة العطاء والمساهمة في الانتاج وتأمين فرص عمل لهم.

 

كما أوصى المؤتمر وزارة الشؤون الاجتماعية بالحد من ظاهرة الإساءة للمسنين، والعنف الأسري، واتخاذ القوانين الصارمة بهذا الشأن. والعمل على إصدار ميثاق  دولي حول حماية ورعاية حقوق المسنيين، وتطوير قوانين التأمينات ونظم الصحة والضمان الاجتماعي بحيث تتيح فرصاً أفضل للمسنين.

 

سن التقاعد
 أفاد رئيس اللجنة العلمية لمؤتمر أبوظبي العالمي للشيخوخة، الدكتور بشير صالح الرشيدي، بأن توصيات مؤتمر أبوظبي العالمي للشيخوخة لم تتضمن رفع سن التقاعد لعدم قناعة أعضاء اللجنة العلمية ورؤساء اللجان والجلسات بجدوى هذه التوصية، ومدى نفعها للمسن نفسه، الذي يحق له أن ينعم بحياته بعيدا عن العمل ومشكلاته في الوقت الذي يحلو له. كما لم تتضمن التوصيات إعادة تعريف مفهوم الشيخوخة وجعله متماشيا مع قدرات المسن الصحية والعقلية، وعدم ربطه بسن معين، حسبما طالب جميع خبراء الصحة النفسية المشاركين في المؤتمر، ومن بينهم عضو اللجنة العليا الدكتورة سلوى السويدي. وقال الرشيدي لـ«الإمارات اليوم»: «إن هذه التوصيات سيتم رفعها إلى الجهات المختصة داخل الدولة لتدخل حيز التنفيذ، ومنها وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية، والعمل، كما سيتم رفعها للجامعة العربية، ومنظمة الأمم المتحدة لإقرار بنودها».

الأكثر مشاركة