عباءة المرأة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

 

الأصل في العباءة أن تكون كساء ساتراً لزينة المرأة عن أعين الرجال الأجانب، صوناً لها عن الابتذال، وحفاظاً عليها من أن تدنسها أيادي العابثين؛ فإنها درة مصونة وجوهرة مكنونة،فتبقى كذلك حتى تتسلمها يد الشرف والعفة فتكون أصلاً لبنات الفضائل، وأولاد الكمال وبيت الفضيلة، ذلك هو ما ندبها الله تعالى له وألزمها به بقوله جل شأنه:

 

 

}وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...{. فذلك هو الشرف الرفيع والعز المنيع، كما قال سبحانه ممتناً بهذه النعمة التي ميز بها بني آدم على الحيوان البهيم أو الشيطان الرجيم }يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ{. ولقد حذر الله تعالى الرجال والنساء من ضياع هذا الفضل والشرف والعز  بكشف ما من الله تعالى به عليهم من ستر ؛ لأن ذلك يرضي عدوهم إبليس الذي أقسم على إغواء بني آدم أجمعين، لأنه وجد في العري والتكشف باباً مشرعاً لإبرار قسمه في الإغواء والضلال، كما قال سبحانه: }يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ{. ولا ريب أن زينة الملابس وفتنتها أشد وأخطر من فتنة الجسد المجرد الذي يعلم كل عاقل أنه يَحْرُم إبداؤه لغير الزوج أو المحارم، وقد استطاع الشيطان أن يبر قسمه بما زينه للنساء من هذه الجلابيات وأوهمهن أنهن بذلك كاسيات ولا يدرين أنهن عاريات، كما قال صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». وهذه العباءات توهم النساء بأنه كاسيات، ويتباهين بذلك، وهن في الحقيقة متبرجات بزينة، وقد اشترط العلماء للباس المرأة حتى يكون لباساً شرعياً أن لا يكون شفافاً يبدي ما وراءه من جسد المرأة، ولا ضيقاً يبدي تقاطيع جسدها، ولا لافتاً للنظر بألوانه البراقة، لأن ذلك من الزينة عند كل العقلاء، فيتعين على المرأة المسلمة أن تتقيد بذلك، فلا تلبس ما يغري الناس بالنظر إليها، فيكون ذلك مبدأ الحوادث الخطرة كما قالوا:   

 

كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر وجناية الفاتنة أكبر من جناية المفتون، فعلى المرأة المسلمة أن تتقي الله تعالى في نفسها، فإنه لها ناظر وعليها شاهد، ولعملها مراقب، ولا تغتر بالفتن المحدقة بها، ولتعتبر بحال المرأة الشرقية والغربية التي امتُهنت غاية الامتهان في شهوة الرجل ولذته، بل سخر منها في عريها وعفافها، فكانت رخيصة عليه كالسلعة البائرة، وهي لا تعلم ما أريد لها من هوان، والسعيد من وعظ بغيره.

والله يقول الحق وهو  يهدي السبيل.

تويتر