ثلاثة أيام جميلة عشناها في أحضان صاحبة الجلالة الصحافة، حشد هائل من الأسماء المتألقة في هذا الفضاء الكبير كان متجمعاً في مكان واحد، أسماء برزت بما تمثله من تاريخ، وأسماء ظهرت نتيجة معاناة، وأسماء ترددت بفعل مأساة، فأثـْرت وتأثرت، وجاءت تعرض تجرية أو تتحدث عن مستقبل. منتدى الإعلام العربي في دورته السابعة انطلق نحو التكنولوجيا وتكامل الإعلام العربي، ومع ذلك كانت حرية الرأي والكلمة حاضرة، لأنها هي الهاجس الذي يؤرق كل صحافتنا العربية، وبقدر ما تميزت به جلسات المنتدى من حوار ورؤية واضحة لدى المشتغلين في هذه المهنة التي لاتزال مهنة المتاعب والمصائب عربياً، بقدر ما كانت حلقات تبادل الهموم والآراء في قاعة الفندق غنية بغنى فكر من مازالوا يحملون راية البحث عن مصالحة عامة بين الصحافة والسلطة، فالمعاناة من تداخل وتقاطع الحق والمتاح والمباح والممنوع والمرفوض والمحارب مازالت تصنع فجوة كبيرة بين هذه الرؤية وتلك، ومازالت رؤية السلطة هي الطاغية، ولكن بضع كلمات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد رأس السلطة عندنا غيرت المعاني وبدلت المفاهيم، فهذا المنتدى غير خاضع للإملاءات، هكذا قال سموه، مضيفاً أن طرح ما يجول بخواطر أهل الصحافة بكل حرية وأمان في هذا المنتدى الذي يستوعب الجميع خير من عدم سماعهم أو الالتفات إليهم، ضارباً مثلاً حول اعتذار صحيفة أجنبية لسموه بعد أن أخطأت وقاضاها فصدر الحكم لصالحه، وكان الاعتذار، وهو المبدأ نفسه الذي رسخه في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، رعاه الله، عندما وجه بوقف العمل بالمواد السـالبة للحرية في قضايا الصحافة، مع تأكيد الوسائل الأخرى التي تبدأ بالتصحيح مروراً بالغرامة والتعويض والاعتذار، وليت كل من بيده السـلطة في وطننا الكبير يأخذ بمبدأ عدم جواز حبس الصحافي ما دام اسـتخدم حقه في التعبير عن رأيه، ملتزماً بمواثيق الشرف وأخلاقيات المهنة والمجتمع، فالاعتذار كما قال أحد رؤسـاء التحرير يوم أمس أشـد قسـوة على الصحيفة من حبس أحد محرريها، لأن الاعتذار يهز الثقة بالصحيفة عند الرأي العام، أما الحبس فيجعلها ضحية.
قد أكون نقلت بعض ما دار في حوار خاص وجانبي، وعذري في ذلك أن هذا الحديث وما يحمله من توجهات يجب أن يطلع عليه الجميع، فنحن هنا نؤسس لحرية صحافة فعلاً وليس قولاً، رغم علمنا بأن الطريق طويل أمامنا. myousef_1@yahoo.com |