القنوات المصرية.. لا للسياسة نعم للطبخ و«الكورة»


بات سيف «وثيقة تنظيم البث الفضائي» مسلطاً على كل القنوات العاملة في مصر، أو التي لها صلة بها بأي شكل من الأشكال، والتي بدأت حالة من التراجع الواسع عن التغطيات السياسية أو حتى مجرد التعليقات خوفاً من الإيقاف أو التعرّض للإزعاج الذي يتخذ أشكالاً عدة لا يمكن التكهّن بها.

 

الخطوط العريضة للوثيقة التي أطلقت أخيراً، ورفضتها قطر ولبنان، بينما تزعمت الدعوة لها مصر والسعودية، واضحة المعالم في الإعلام المصري الذي أصبح مهادناً للحكومة بشكل واضح وهو ما ظهر جلياً في تغطية إضراب السادس من أبريل أخيراً، حيث لم تقدم أي قناة مصرية أو عاملة في مصر التغطية المتوقعة لمنع الجميع بداية من التغطية الميدانية وثانياً لصدور تعليمات شفهية للجميع بالتعامل مع الإضراب كأن لم يكن.


وظهرت القنوات المصرية تلك الليلة وكأن لم يكن هناك إضراب حتى قناة أوربت وبرنامجها الأشهر «القاهرة اليوم» المعروف بخروجه عن نطاق التعليمات انصاع تماماً للأوامر، وكانت تغطيته للإضراب عادية، حتى أن برنامج «العاشرة مساءً» بقناة دريم الفضائية لجأ إلى تقديم فقرة عن سيرة الزعيم الهندي غاندي في الليلة نفسها.


الترفيه والفن والمنوعات والرياضة إذن هي المواد المتاحة لكل القنوات، أما السياسة فهي ممنوعة على الجميع وإلا فإن مصير «البركة» و«الحكمة» و«الحوار» التي تم وقف بثها على القمر الصناعي المصري يمكن أن يطال الجميع أياً كانت قوته أو علاقاته أو تأثيره.

 
ولجأت قناة «الحياة» حديثة الظهور التي بدأت أخيراً بثها التجريبي بعد تأخر أسابيع عدة إلى المنطق نفسه في برامجها التي يتم التأكيد أنها بعيدة عن الخطوط الحمر لتضمن استمراريتها وفقاً لمفهوم وثيقة تنظيم البث الفضائي، حيث اتخذت القناة أسلوب الاستنساخ مفهوماً منطقياً لبرامجها ومنها «ريهام على النار» الذي تقدمه الممثلة ريهام عبدالغفور ويتحدث عن الطبخ وبرنامج «اليخت» الذي تقدمه سالي شاهين ويحاور نجوم الفن ومثله برنامج «الحياة حلوة» تقديم المطربة رولا سعد.

 

واستعانت القناة بوجوه إعلامية معروفة مثل الشيخ خالد الجندي الذي يقدم برنامج «رقائق» وبرنامج «كلام كبير» للدكتورة هبة قطب أستاذة الطب الجنسي والكابتن أحمد شوبير في برنامج «الكورة مع شوبير»، بينما لم يظهر حتى الآن برنامجا حافظ الميرازي ومحمود سعد المفترض أنهما سياسيان.

 

فيما بدأت قنوات أخرى، تميزت ببرامجها الاجتماعية والسياسية تعيد حساباتها، فمع انضمام منى شكر وريهام السهلي إلى معتز الدمرداش في برنامج «90 دقيقة» على قناة المحور، خفف البرنامج من حدته وتناوله للقضايا الشائكة، رغم أنه شارك في إحداث أزمات سياسية في العام السابق، حتى أن البرنامج استضاف الممثل المثير للجدل أحمد الفيشاوي لمناقشة كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل سليم في يوم صدور أحكام القضاء العسكري على قيادات الإخوان المسلمين وبراءة النائب هاني سرور في قضية أكياس الدم الملوثة.

 

ويمكن القول إن قرارات نقابة الممثلين المصرية الخاصة بمنع النجوم العرب من العمل في القاهرة لتنقذ القنوات من شبح عدم وجود موضوعات مهمة للمناقشة فأصبح نقيب الممثلين أشرف زكي نجم الشاشة بلا منازع إذ ظهر في «البيت بيتك» ثم «العاشرة مساءً» و«90 دقيقة» للحديث في كل شيء سوى السياسة لتبتعد الكاميرا عن أسماء أخرى لامست الخطوط الحمر مثل قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي صدرت ضد قياداتها أحكام قضائية مشددة وجورج إسحق المنسق العام السابق لحركة «كفاية» رغم اعتقاله لثلاثة أيام والذين لم يظهروا على شاشات التلفزيون ولم تتحول إسراء عبدالفتاح أول الداعين لإضراب السادس من أبريل إلى بطلة تلفزيونية حتى بعد اختفائها رغم صدور قرار النائب العام بالإفراج عنها.

 

واستكمالاً جاء إعلان منى الشاذلي عن حصول برنامجها «العاشرة مساءً» على أسبوع إجازة بخلاف التوقيت المعتاد لذلك وهو شهر أغسطس ليؤكد أن كل البرامج التي استهدفتها الوثيقة تحتاج إلى إعادة تقويم كما تراجعت فضائية «الساعة» بشكل نهائي عن تقديم برنامج «ساعة بساعة» الذي كان مقرراً أن تقدمه مي الشربيني وخيري رمضان لأن له صبغة سياسية وتأكد ذلك بعد أن قررت مي العودة إلى التلفزيون المصري للعمل في «النيل للمنوعات»، وبدأ خيري البحث عن فضائية جديدة يعمل بها بعد أن أصبحت عودته للقاهرة اليوم شبه مستحيلة. 
 

الأكثر مشاركة