«غوغل إيرث» في خدمة حركات المقاومة العربية

    
حولت الــثورة العلميــة والتكــنولوجية العالم إلى قرية صغــيرة يصــعب معها إخفاء المعلومات، ومن هــذا المنطــلق يــثير برنامج «غوغل إيرث» الجــدل حــول مفهوم الأمن القومي للدول وسيادة الدولة. 

 

فعندما قامت شركة غوغل بتصميم هذا البرنامج كانت تهدف بالأساس إلى تقديم معلومات جغرافية لمستخدميها لأغراض السفر والسياحة، ولم تكن تتوقع أن يستخدم  هذا البرنامج لخدمة أهداف عسكرية أو إرهابية.

 

المقاومة العراقية والفلسطينية
أظهر تقرير إخباري نشرته صحيفة «ديلي تلغــراف» البريطــانية أن فصائل المقــاومة في العــراق تستــخدم برنامج «غوغل إيرث» لتنفيذ هجــمات ضد المعســكرات البريطــانية والأمـيركية هناك، وتؤكد «تلغراف» أن هذه المعـلومات تم اكتشافها من خلال «مستندات عثر عليها في أثناء مهاجمة منازل كان يختبئ فيها مسلحون».


وأشارت الصحيــفة إلى أن عناصر المقاومة استخدمت برنامــج «غوغل إيرث» في تحــديد المناطق المستهــدفة، حيث يظهر في الصــور التي تم العثــور عليها محيط مدينة البصـرة ومبان تفصيــلية داخل المعســكر البريطــاني، بالإضــافة إلى أهداف يمكن قصــفها مثل الخــيام وأمـاكن الغسيل، كما أن خطــوط الطــول ودوائر العرض للأهداف المخطط قصفها كانت محددة على ظهر الصور، في الوقت الذي تتعرض فيه المعسكرات البريطانية في البصرة من وقت لآخر لقذائف الهاون.


ولم يقتصر استخدام هذا البرنامج فقط على حركات المقاومة العراقية، ولكن ذكرت العديد من التقارير أنه تم استخدامها من قبل مسلحين فلسطين لمساعدتها على تحديد وضرب الأهداف العسكرية الإسرائيلية، وهو ما أكدته الفصائل الفلسطينية المسلحة ذاتها. 

 

«البنتاغون» 
إلى جانــب استخدام عناصر المقاومة العراقية والفلسطيــنية لبرنامج «غوغل إيرث» في تحديد أهدافــها، ظهرت الخلافات مع قيام الأولى بنشر صور لقواعد عسكرية بأخذ صور فيديو من داخل هذه المؤسسات.

 

وجاءت تلك الخطوة بعد اكتشاف صور لقاعدة فورت سام العسكرية بولاية تكساس ضمن خرائط البرنامج، التي أثارت مخاوف البنتاغون لتشكيلها تهديداً محتملاً لأمن المنشآت العسكرية، فضلاً عن كيفية الخروج والدخول إلى المباني وإجراءات الأمن المتبعة عند بواباتها، وهو ما يمكن أن يستخدم من قِبل مسلحين. 


وعلى الرغم من أن فرق «غوغل» قد دخلت قواعد الجيش الأميركي بإذن مسبق لإعداد الخرائط، فضلاً عن أن العديد من تلك الصور تم التقاطها من الشوارع، وهو ما يعني أنه لا يحق للجيش الأميركي - قانوناً - المطالبة بإزالتها، إلا أن «غوغل» أزالت بعض تلك الصور والخرائط.  ويأتي طلب البنتاغون بعد أيام قليلة من نشر تقارير أشارت إلى أن متظاهرين استخدموا معلومات مأخوذة من الموقع.

 

«إسرائيل» 
دخلت إسرائيل هي الأخرى في نزاع مع شركة «غوغل» بخصوص ما يعرضه برنامج «غوغل إيرث»، حيث ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن هذا البرنامج يكشف مواقع عسكرية وأمنية إسرائيلية مهمة. 


وفي السابق كان برنامج «غوغل إيرث» يعرض صوراً منخــفضة الجودة للمواقع الإســرائيلية الاســتراتيجية، وهو ما آثاره الصحــافي المصــري محمد حسنين هيكل في حلقة من برنامجـه (مــع هــيكل) الذي تبــثه قــناة «الجزيــرة»، حيث أشار الى أن إسرائــيل كانت قد أبرمـت في عــام 1996 اتفاقــية مع الولايات المتحـدة - في عهد الرئيــس  الأميركي الســابق بيل كلينتون - تم تحــويلها إلى قانون أصــدره الكونغرس الأميركي يفرض على الشــركات التي تبيع أو تنشر صورًا ملتقــطة بالأقمار الصناعية لإسرائيل الحصول على موافقة مسبقة من الإدارة  الأميركية قبل عرض هذه الصور.


إلا أنه ومع بداية الربع الأخير من عام 2007، عندما خرج للنور آخر إصدار من برنامج «غوغل إيرث»، استبدلت الصور القديمة للمواقــع الإسرائيليـة بأخرى حديثـة واضـحة وذات جــودة عالية، كما ظهــرت معـالم وتفاصــيل المدن الإسرائيلية.

 

ومن بين المواقع البالغة الحساسية التي يمكن رؤيتها تفصيلاً في برنامج «غوغل إيرث» مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، وكذلك مقرات القيادة العســكرية المركزية، فضلاً عن موقع آخر ترددت مزاعم أنه المقر السري لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية.

 

وفي السياق ذاته، دخلت إسرائيل من جديد في نزاع مع شركة «غوغل» بعد أن اعترضت السلطات الإسرائيلية في بلدة 1948 اسمها «جوارينا»، وأن اليهود استولوا عليها بعد الحرب ولاقى أهلها التشريد والنزوح.

 

ولهذا تقدم المسؤولون في هذه البلدة بشكوى رسمية للشرطـة لإجبار «غوغل» على تغيير هذه المعلومات الخاطئـة، على حد التعليقات التي تقدم معلومات حول مكان معين على الخرائط الموجودة على البرنامج دون تدخل من الشركة.    

 
 

«دارفور»  
رغم الخلافات التي قامت بين «غوغل» والبنتاغون، إلا أن العلاقات بين الجانبين شهدت قدرًا من التعاون، حيث قامت شركة غوغل بتطوير خدمتها للخرائط لتقوم برصد الأوضاع في إقليم دارفور غرب السودان، وذلك عبر إنتاج صور عالية الجودة ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية تُظهر ما تعتبره جهات أميركية «انتهاكات وأدلة على الجرائم الإنسانية».

 
وفي هذا الإطار جاء تهديد الرئيس الأميركي جورج بوش لنظيره السوداني عمر البشير باتخاذ خطوات لوقف العنف في دارفور وإلا فستفرض واشنطن عقوبات إضافية على الخرطوم.


وجاءت هذه الخدمة بناءً على اتفاق أبرمته «غوغل» مع «متحف الهولوكوست التذكاري»، وهو معهد قومي أميركي في واشنطن معنيّ بدراسة وتوثيق المحرقة النازية ضد اليهود، وذلك بهدف عمل توثيق مصور للقرى المدمرة والمشردين ومعسكرات اللاجئين والانتهاكات بحق سكان دارفور. 


وبدأ «غوغل إيرث» بعرض بعض التفاصيل ـ التي تعتبرها الولايات المتحدة «أول جريمة إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين» ـ حيث تستخدم صوراً عالية الوضوح تمكن من تكبير منطقة دارفور لرؤية ما يزيد على 1600 قرية مدمرة أو متضررة، وهو ما يقدم ـ وفقًا للمتحف ـ أدلة على حدوث إبادة جماعية من قِبل ميليشيا الجنجويد العربية المدعومة من الحكومة السودانية، وهو ما تنفيه الخرطوم، كما يُمكن أيضًا رؤية بقايا أكثر من 100 ألف منزل ومدرسة ومسجد ومبان أخرى قامت الميليشيا بتدميرها في دارفور.
 
تويتر