النيادي: الجمع بين التأليف والتــــــــمثيل والإنتاج جائز.. بشروط
ليس رأياً شرعياً، أو فتوى، كما توحي الصياغة، لكنه رأي الفنان الإماراتي سلطان النيادي الذي يجد ذاته الإبداعية في الجمع بين الإنتاج الفني والتأليف والتمثيل الدرامي، وهي معـادلة قال النيادي إن النجاح في المواءمة بين مفرداتها جائز وممكن بشرط أن تتوافر أدوات كل منها في الفنان .
استعداد النيادي ـ الذي انسحب من التمثيل المسرحي إلى التلفزيوني ـ للموسم الرمضاني هذا العام، بدأ مبكراً من خلال إنتاجه مسلسلين، أحدهما لمصلحة تلفزيون دبي وهو «حظ ونصيب» الذي يلعب دور البطولة الرئيسة فيه، الفنان جابر نغموش، ويتم تصويره في الفجيرة، والآخر هو «دروب المطايا» الذي قام بتأليف قصته وإنتاجه، ويشارك في بطولته ايضاً للعرض على شاشة تلفزيون أبو ظبي خلال الشهر نفسه، لكن النيادي الذي استفاد من خبرته المسرحية وارتباطه بقطاع الإنتاج في تلفزيون أبوظبي، وكذلك وزارة الإعلام لسنوات طويلة، فضل أخيراً التفرغ للعملية الإنتاجية، من خلال شركة خاصة أسسها في أبو ظبي.
«الإمارات اليوم» التقت النيادي في حوار تطرق فيه إلى قضايا عدة، فضل أن يبدأها بمستقبل صناعة السينما الخليجية مشيراً إلى أن «المهرجانات السينمائية التي تشهدها المدن الخليجية وبشكل خاص أبوظبي ودبي، هي مقدمة لتأسيس صناعة إنتاج سينمائي خليجي»، مضيفاً: «البعض يرى أن المهرجانات، يجب أن تكون خطوة تالية لتأسيس الصناعة وليس العكس، لكن واقع الحال يؤكد أن تلك المهرجانات، هي الوسيلة الأنجع لعرض تجارب سينمائية يمكن أن تحفز أصحاب المواهب السينمائية الخليجية، وتضع أقدامهم على أول الطريق الصحيح في هذا المجال».
كواليس وأكد النيادي أن «كواليس تلك المهرجانات الخليجية غالباً ما تشهد اتفاقات على إنجاز أعمال درامية بين منتجين وممثلين خليجيين، وهو أمر يمكن تلمّس آثاره من خلال رصد حجم الأعمال المشتركة الآخذ في التنامي فيما يتعلق بالإنتاج التلفزيوني، لكنه حتماً مع تواتر هذه المهرجانات سوف تفرز أعمال سينمائية تستفيد من هذه الاحتكاكات التي تختزل مدارس مختلفة في الفن السابع».
وفيما يتعلق بموقع الإمارات على خارطة الإنتاج الدرامي الخليجي قال النيادي: «معظم شركات الإنتاج الخليجية تتجه حالياً لإنجاز عمليات تصوير مشاهد المسلسلات التي تقوم بإنتاجها في الإمارات لعوامل عديدة، أهمها سهولة استخراج تصاريح التصوير، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية، ما يسهم في إنجاز العمل في أقصر وقت ممكن، وهي ميزة مهمة بالنسبة لجهة الإنتاج والممثلين معاً، فضلاً عن أن الإمارات بشكل عام تمتلك العديد من المواقع البكر التي لم تستهلك درامياً، سواء فيما يتعلق بالمشهد العمراني الحضاري أو البيئة الصحراوية التراثية، وكذلك المواقع السياحية المميّزة». وعن تجربته في الجمع بين التمثيل والتأليف والإنتاج قال النيادي: «علاقتي بفن الخشبة هي التي مهّدت لي الطريق لهذه الثلاثية، لكن إدارتي لإنتاج عدد كبير من المسلسلات التي أنتجها تلفزيون أبوظبي فترة عملي فيه أكسبتني خبرات مهمة تتعلق بحرفية العمل الإنتاجي، فضلاً عن انتدابي للعمل بوزارة الإعلام أيضاً».
مخاطر لكن النيادي لم يخف في الوقت ذاته أن «إنتاج الدراما الخليجية تحفّه مخاطر كثيرة قد تصيب أي شركة إنتاج بأزمات مزمنة إذا لم تكن المشاريع الإنتاجية مدروسة وفق مقاييس دقيقة وبعناية شديدة»، مضيفاً: «عدد كبير من القنوات الفضائية المهمة أصبحت تعتمد سياسة المنتج المنفذ التي أتاحت الفرصة لظهور شركات إنتاج خليجية ترتبط في أعمال بعينها بإحدى تلك القنوات، لكن رغم ذلك تبقى الجدوى الفنية والاقتصادية رهنا بخبرة المنتج المنفذ نفسه الذي يفضل من دون شك ان يكون على دراية تامة بأسس الإبداع التمثيلي نفسه».
وعلى خلاف آراء معظم الفنانين الخليجيين الذين لا يزاولون الإنتاج ويرون أن أجورهم هي الأدنى عربياً، عدّ النيادي أن أجر الممثل الخليجي مناسب تماماً، مضيفاً: «المسألة في مجملها تخضع لقانون العرض والطلب، فالممثل الجيد يفرض حضوره وشروطه المادية أيضاً على الأعمال الجيدة، لأن المنتج بالضرورة لن يبخس أهم عناصر نجاح العمل الدرامي، وهو الممثل، حقه في سبيل انجاز مشروعه الدرامي، لكن الحادث بالفعل أن هناك تبايناً كبيراً بين الأجور بسبب تباين المستوى الفني، وهي ظاهرة طبيعية وصحية موجودة في أي وسط إبداعي، وغير مقتصرة على مجال الدراما الخليجية، والفنان الذي يطالب بزيادة أجره ليس أمامه سبيل سوى مزيد من تجويد أدواته الفنية كخطوة أولى سيتلوها بديهياً عروض مميزة مادياً وفنياً».
اختزال مخلّ
وأضاف النيادي أن «من الخطأ اختزال هدف أي جهة إنتاج محترفة في تحقيق أعلى هامش ربح من العمل، من خلال ضبط المصروفات وتقليص قيمة التعاقدات مع زيادة رقعة التسويق للعمل، لأن الهم الفني لا يقل أهمية عند جهة الإنتاج، سواء كانت مؤسسات أو أفرادا عن معيار الربح المادي، حيث يحددان معاً مدى جدوى مواصلة الخط الإنتاجي وتطويره وربما تقليصه وإيقافه» . واعتبر النيادي أن البيئة الدرامية سواء محلياً او خليجياً مواتية لإنتاج أعمال تنافس خارج حدود دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن فرض المسلسل الخليجي وجوده بقوة في قنوات فضائية غير خليجية لأول مرة، مضيفاً: «الكرة الآن أصبحت في ملعب الممثلين الخليجيين أنفسهم، للصعود بأسهمهم عربياً، فالتجاهل الإعلامي لنتاجهم الذي ظل إحدى أهم شكاواهم قد زال وأصبح المسلسل الخليجي الجيد منتجاً تتنافس عليه الفضائيات الكبرى التي دخلت بكامل قواها سوق الإنتاج الدرامي، محدثة تغييرات جذرية في تلك الصناعة خليجياً صبت بشكل مباشر في مصلحة الفنان الخليجي الذي عرَّف بنفسه على نطاق الجمهور العربي بشكل قوي، وأعتقد أن مكاسب أهم يمكن أن تغير مراكز القوى على خارطة إنتاج الدراما العربية في المرحلة المقبلة، في حال استثمر الممثل الخليجي مناخ الإبداع الجيد الذي يتوافر له الآن» .
وفيما يتعلق بالإنتاج الدرامي التلفزيوني في الموسم الماضي اعتبر النيادي أن «الملك فاروق» و«المصراوية» كانا الأكثر تميزاً عربياً و«رحلة شقا» الأفضل خليجياً. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى مسلسلات التصقت بالذاكرة الخليجية مثل «درب الزلق» و«شحفان»، مشيداً أيضاً بالنسخة الحديثة من «وضحة وابن عجلان»، لكنه استدرك: «في كل الأحوال ليس من الممكن إطلاق أحكام نقدية على مجمل النتاج الدرامي التلفزيوني، لأن نتاج فترة ما، لا يمكن مضاهاته بإبداع ينتمي إلى مرحلة زمنية مختلفة في تاريخ الدراما الخليجية والعربية، لا سيما أن لكل منها ظروفا وعوامل شديدة التغير والتأثير معاً في المنتج الدرامي»
مدرسة «السينما»
على غرار مفاجآت صناعة السينما العربية التي تستثمر وجوه مشاهير المطربين، أعد النيادي في مسلسل «دروب المطايا» الذي تولى تأليف قصته وإنتاجه، مفاجأة فنية مستمدة من مدارس تلك الصناعة، حيث يشارك في العمل لأول مرة المطرب الإماراتي الوسمي، بعدما ذاع صيته مؤخراً.
وفي المقابل قام النيادي بإعداد مفاجأة من نوع آخر في المسلسل الكوميدي «حظ ونصيب» الذي كتب قصته جمال سالم، تمثلت بإسناد بطولته لعدد كبير من نجوم الصف الأول في الدراما المحلية ـ وهو أيضاً نهج سينمائي يلجأ إليه المنتجون في رهانهم على «الأعمال الكبار» ـ منهم جابر نغموش ورزيقة طارش وأحمد الأنصاري ومريم سلطان بالإضافة إلى النيادي نفسه ، حيث ينافس نغموش ذاته من خلال اشتراكه في الموسم الرمضاني بعملين كوميديين أحدهما على دبي الفضائية وهو «حظ ونصيب» والآخر الجزء السادس من «حاير طاير» الذي سيعرض حصرياً على شاشة أبو ظبي الفضائية .
ظن مجحف
قال الفنان سلطان النيادي «إن لقب فنان يجب أن يكون مبعث فخر لكل من يحمله، على اختلاف المجال الإبداعي بما فيه الأداء التمثيلي». مضيفاً : «الفنان على المستوى الأخلاقي والاجتماعي حيث يضع نفسه دائماً، فإذا قبل أن يضع ذاته في مواضع سلبية فهذا عائد له ولا يعيب سائر الوسط، وإذا حافظ على كونه شخصية عامة يجب أن تكون مثار اقتداء للآخرين، فهذا أيضاً مسلك إيجابي سيعود عليه في المقام الأول»، مضيفاً : «ليس هناك أحكام عامة يمكن أن تنطبق على مجموعة بشرية متكاملة، والظن بأن وسطا ما هو أفضل من وسط على اختلاف مجالات الإبداع من قبيل الظن المجحف».
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news