«أنيماشن».. للكبار قبل الصغار

 

تجيب الأفلام التجارية المنتجة، مثل أي سلعة، عن سؤال مفاده: ما الفئة العمرية التي نخاطبها لتحقيق النتيجة الربحية المرجوة، تماماً مثلما تطمح منتجات شامبو وصابون الأطفال أن تكون صالحة أيضاً لاستعمال الكبار مثلما هي للأطفال، كأن يقول الإعلان عن تلك المنتجات «لكِ ولطفلك»، هذا مثال من بين أمثلة كثيرة يقودنا إلى أفلام الرسوم المتحركة التي أصبحت تدور في هذا النطاق، كونها صالحة بامتياز لأن تخاطب الجميع، أي مختلف الفئات العمرية، ولعل كل متابع لهذه الأفلام سيجد ذلك على شيء من القصدية بعد أن كان الأمر عفوياً، كما لو أن تلك الأفلام تقول لنا إنها لكم ولأولادكم، وللدقة لكم وإن شئتم فلأولادكم.

 

أُوضح ما تقدم بالتدليل عليه من خلال مشاهدة «توم آند جيري» أو مغامرات «ميكي ماوس» أو غيرهما من كلاسيكيات «الكرتون» وكيف كانت مدعاة للمتعة لدى الكبار، ليبقى الأمر في حينها محصوراً بخيارات ليس لها أن تعمم على الجميع، لكن ما ينتج حالياً من أفلام «أنيماشن» فإنها تخاطب الكبار قبل الصغار، لا بل إن الأمر يكاد يكون لدى الصغار وفي أحيان كثيرة مجرد مشاهدة شخوص محببة، لهم أن يقيموا معها علاقة تتعلق بالصورة والألوان والشخصيات، ولا تمتد إلى المضمون، ولنا مثال في «شريك» الذي سيكون منبع الضحك مبنياً على أسس ليس لطفل يستوعبها، لا بل إن الأمر يمتد ليصل  إلى نواحٍ أخرى كثيرة، ليس لها أن تجد طريقها إلى الصغار، وبناء عليه نجد أن الرسوم المتحركة تجذب الجميع حالياً.

 

طبعاً من البديهي ألا يقتصر الـ«أنيماشن» على الصغار فقط، وأن تكون أفلام كبرى قد صيغت بهذه الطريقة لنا «بيرسبوليس» مثال قريب على أفلام الرسوم المتحركة الخاصة بالكبار فقط والتي عرضت أخيراً، وإن كانت أقرب إلى «الكوميك»، لكننا هنا، وللتحديد، نتحدث عن أفلام الرسوم المتحركة للأطفال، ولعل أنجح الإنتاجات التي شاهدناها أخيراً كان «بي موفي» (فيلم النحلة) الذي اعتقد أن الجميع قد شاهدوه واحتفوا به؛ كونه على صعيد تقني منفذ بحنكة لافتة، تتناغم مع فكرته اللطيفة والخاصة التي بني عليها، كونها تضيء حياة النحلة، واكتشاف تلك النحلة لما يقوم به البشر من استهلاك للعسل، وما يتبع ذلك من استعباد لأبناء جنسها من النحل، وصولاً إلى تحويل ذلك إلى قضية تقدم للمحكمة، التي تحكم بإلغاء كل الأنشطة المتعلقة بإنتاج العسل تحت الإدارة البشرية، وإعادة كل العسل الموحود في الأسواق إلى ملكية النحل، الأمر الذي يقود النحل إلى الكسل والامتناع عن انتاج العسل لوفرته لديهم، ما يقود إلى ذبول الزهور وغير ذلك من نتائج كارثية. في «بي موفي» ما يتفق ما يمكن قوله، إنه فيلم للكبار والصغار على حد سواء، كذلك الأمر على سبيل المثال بالنسبة إلى «تشيكن ليتل» أو «أيس ايج»، لكن يبدو الأمر مختلفا بالنسبة إلى «سيمبسون» الفيلم الكوميدي الخالص، الذي أخذ الكثيرون هنا أولادهم لمشاهدته ففوجئوا بمحتوى هذا الفيلم، الذي، وكما هو معروف، معدٌّ لأن يضحك الكبار كما هو في المسلسل التلفزيوني الذي أخذ عنه الفيلم، وحيث المتعة تكون في تتبع مدى الشر المضحكالذي يصدر عن أفراد عائلة سيمبسون. 
تويتر