إسماعيل هنية.. مُحاصَر غزّي بدرجة «رئيس وزراء»
|
|
الحياد تجاه الخلاف بين حركتي فتح وحماس لا يستوجب بالضرورة تجاهل تكوينات إنسانية تمثل إرثاً للشعب الفلسطيني ولحركة المقاومة والثورة الفلسطينية والتي صنعتها هامات تجاوزت عناوينها الحلقية والفصائلية مثل: ياسر عرفات وجورج حبش وغسان كنفاني وأحمد ياسين، وطابور طويل من المناضلين والشهداء. في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة يقطن هنية، ويعتبر هذا المخيم الذي ولد وتربّى فيه من أكثر المخيمات فقراً واكتظاظاً بالسكان في القطاع. ومازال هنية يسكن في منزله المتواضع في تلك المنطقة المطلة على شاطئ بحر غزة، ولم يتخل عنه رغم توليه منصب رئيس الوزراء في الحكومة العاشرة، وحكومة الوحدة الوطنية التي تعمل الآن بغزة كحكومة مقالة.
«الإمارات اليوم» عاشت يوماً في محيط هنية واستعرضت من خلال أولاده ومن عاشره من جيرانه، الذين يسكنون بجوار منزله المتواضع، والموجود وسط بيوت وشوارع ضيقة ومتلاصقة، تفوح منها رائحة البساطة .
قال عائد، الابن الأوسط لهنية: «نقطن في منزلنا الموجود في مخيم الشاطئ ولن نتخلى عنه أبداً، فهذا البيت ولد فيه والدي وفيه تربى ونشأ، وفيه تولى منصب رئيس الوزراء، وفي البيت ذاته ولدت وتربيت فيه كباقي أشقائي».
وأضاف «البيت الذي نعيش فيه قام أبي بإعادة بنائه قبل أن تجرى الانتخابات التشريعية ويتولى منصب رئيس الوزراء، وهو مكوّن من طابقين، ويسكن فيه أبي وأمي وأشقائي». مشيراً إلى أن «والده لم يقم ببناء أي طابق منذ توليه منصب رئيس الوزراء، ولم يزد على البيت شيئاً».
وحول الحياة التي يعيشها رئيس الوزراء وأبناؤه قال ابنه عائد: «نحن نعيش كباقي عائلات مخيم الشاطئ، وهذه صفة زرعها فينا والدنا، وهي التواضع وأن لا نعيش بوضع يختلف عن الذي يعيشه الآخرون».
وأضاف: «ولم ولن يتخلى أبي عن جيرانه في أي لحظة، فهو يصلي الصلوات خصوصاً الفجر في المسجد الذي تربى فيه ويوجد بجوار منزلنا، ويؤم فيه المصلين، ويذهب إلى المسجد وهو يرتدي الجلابية التي اعتاد الناس مشاهدته بها من قبل».
وأشار إلى أن والده منذ تهديد قوات الاحتلال باغتياله هو وعدد من قادة حماس، لا يحضر إلى المنزل كثيراً إلا في فترات قصيرة، وفي أوقات غير معلومة، وذلك في إطار الوضع الأمني الذي يمر به منذ أن هدد بالاغتيال منذ أكثر من خمسة أشهر. وقال عائد، ابن رئيس الوزراء الفلسطيني المقال: «نحن نعيش في المستوى الذي يحياه بسطاء الغزيين نأكل المأكولات التي يأكلها غالبية الفلسطينيين، كالعدس والملوخية، والبامية وغير ذلك من الخضار، كما نأكل الطبخة الواحدة على أكثر من يوم».
وأوضح عائد: «والدي يفضل طعام العدس والبامية كونهما أكلات بسيطة وغالبية الناس تقوم بعملها، بالإضافة إلى أكلة السمك التي تعبر عن تمسكه بأصله، حيث إن البلدة الأصلية لوالدي هي الجورة، وأهل الجورة مشهورون بصيدهم للسمك، ويفضلون هذا النوع من الطعام». وأضاف «وضع بيتنا لا يختلف عن باقي الناس، فغرفة الجلوس التي لدينا لا يوجد بها فرش عصري وكنب، ولكن هي فرش عربي متواضع».
وقال عائد هنية «أبي يعشق الأطفال كثيراً، ويحب إخوتي الصغار، كما يحب أحفاده كثيراً، ويداعبهم، ويحضر لهم الحلويات والألعاب، ويحب ابن أخي معاذ كثيراً حيث إن اسمه إسماعيل مثل اسمه». يشار إلى أن معاذ يُكنى بـ«أبو إسماعيل». حيث إن ابنه البكر سمَّـاه إسماعيل على اسم والده.
من جهة أخرى، ذكر المواطن صلاح أبوعجوة أن هنية يستشعر حال جيرانه في مخيم الشاطئ، ويتلمس حاجتهم، كما يقوم بزيارتهم بين الفترة والأخرى، مشيراً إلى أن هنية لم يقفل بابه في وجه أي انسان، ويستمع إلى شكواهم، ويقدم لهم كل ما يستطيع. وقال أبوعجوة الذي يسكن في بيت مجاور لمنزل هنية منذ 40 عاماً «إن أبا العبد يتمتع بما لا يتمتع به معظم القادة الآخرين من صفات، فيغلب عليه التواضع واللطف في المعاملة، وحسن الخلق والمنطق والتهذيب، بالإضافة إلى هدوء الشخصية والشفافية والنزاهة».
وقال أحد جيران إسماعيل هنية، ماهر الفصيح: أبوالعبد هنية وأولاده يعيشون حياتهم مثلما نعيش، ولم يتكبر علينا لا هو ولا أبناؤه، بل إن علاقتهم بنا متينة، وفي ظل الأوضاع الصعبة التي نمر بها في غزة خصوصاً الحصار، يتلمس أبوالعبد أوضاعنا، ويقدم لنا المساعدة.
يذكر أن إسماعيل هنية يبلغ من العمر 45 عاماً، وهو من مواليد 1963، ومتزوج من زوجة واحدة، حيث تزوج وهو في سن السادسة عشرة من عمره، ويكنى بـ «أبو عبدالسلام» ورزقه الله بـ13 ابناً وابنة، وهم: عبدالسلام مواليد عام 1981، وهمام، ووسام، ومعاذ، وعائد، وحازم، ثم أمير، فمحمد، وبناته: سناء وهي متزوجة، وبثينة وهي متزوجة أيضاً، ثم خولة، فلطيفة، وآخر العنقود سارة مواليد عام 2004 .
|