سياسة «التجنيب»
سياسة «التجنيب»، هو المصطلح الذي أفضل إطلاقه على سياسات التوظيف في كثير من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، فضلاً عن الشركات الخاصة مقابل سياسة التوطين، التي يبدو أن لها مسلسلاً طويلاً لا انتهاء له ولا أمد، بالرغم من التوجيهات التي تنادي بالتوطين وبالقضاء على ظاهرة البطالة وبالاستفادة من الطاقات والقدرات المحلية.
ورغم تناولنا لهذا الأمر من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة، فإننا لم نتقدم منذ بداية الحملة سوى خطوات متواضعة جداً بالمقارنة بما حققته بقية الدول الخليجية في ما يتعلق بهذا الهدف مثل السعودية والكويت. للأسف فإن بعض المؤسسات تحاول جاهدةً أن تغطي على أجندتها الخفية من خلال برامج «التوطين» الوهمية في معارض التوظيف ومن خلال الإعلان في الصحف المحلية وبرامج البث المباشر، فمن يتقدم لديها من الإماراتيين يكتشف أن طلبه قد «ضاع»! أو أنالعرض لا يتناسب مع مؤهلاته وخبرته، في حين أن غيره من أصحاب الجنسيات الأخرى لديهم ربع خبرته ونصف مسؤولياته وضعفا راتبه ومخصصاته! وأعود وأكرر، سياسة التوطين الوهمية تتبعها بعض المؤسسات وليس الجميع.
على سبيل المثال، سمعنا عن شركة عالمية عريقة جداً في الإمارات تستقدم خريجي مدارس ومعاهد جدداً من سريلانكا وجنوب إفريقيا إلى دبي لكي تدربهم وتجندهم ضمن أسطولها الضخم من الأجانب، ثم تخصص لهم رواتب مالية مجزية وتأمينات ومساكن وعلاوات، في حين أن المواطن «لو» عُين في الشركة الوطنية نفسها فإنه «يحلم» بأن يدخل أي برنامج تأهيلي وأن يتسلم المخصصات نفسها، هذا بالطبع لو سمح له مدير الموارد البشرية الآسيوي بأن يترفع بترقية أو أن يحصل على علاوة، في حين أن مديراً آخر في الشركة نفسها، وهو أوروبي الجنسية، يتسلم فوق راتبه الخيالي علاوة خاصة تمكنه من رعاية كلبه المدلل، وذلك كونه يعيشوحيداً ولا أولاد له ولا زوجة يعيلهم، باستثناء كلبه الذي يبدو أنه تبناه، فاتفق الموظفون المعنيون على تسمية العلاوة في ما بينهم باسم «علاوة كلب»!
جميلة جداً كانت التغطية الإعلامية للمعرض الوطني للوظائف الأخير، وأنا بدوري أشكر كثيراً من الإخوة مديري الموارد البشرية الذين ساهموا بشكل فعال في قبول كثير من الكوادر الوطنية على خلفية المعرض، ولكن وفي الوقت نفسه نحن لا نريد من وسائل الإعلام أن تنجر خلف المظاهر الخداعة والرسائل الهاتفية القصيرة، وإنما أن تتقصى الحقائق وتنشر التقارير عن نسب التوطين والبطالة، وأن تنقل الواقع الأليم لحال كثير من الإماراتيين والإماراتيات، خصوصاً الذين يعملون في بعض مؤسسات القطاع الخاص، الذين يعانون من الاضطهاد والضغط النفسي لحملهم على ترك أماكن عملهم عنوة لكي يتذرع أصحاب بعض المؤسسات بأن «المواطنين الإماراتيين لا يعجبهم العجب ولا الصيام فيرجب»!
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news