يوم نسوي في الأسبوع الثقافي السوري

لينا شاماميان أخذت الجمهور في رحلة بين الأغنيات التراثية      هيفاء البيطار          تصوير: سعيد دحلة
 
قالت الكاتبة الدكتورة هيفاء البيطار «إن المبدعات في مجتمعاتنا العربية وحيدات، وان النساء الطموحات غالباً ما يتهمن بالاسترجال»، مؤكدة «ان الفروق الفسيولوجية بين الرجل والمرأة لا تعني ان هناك فروقاً إنسانية بين الجنسين، ولكن في المجتمع العربي حتى الأمومة يتم استخدامها لقمع المرأة».

واستعرضت البيطار خلال المحاضرة التي قدمتها، أول من أمس، بالمسرح الوطني في أبوظبي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي السوري الذي تستضيفه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وادارها مدير الأنشطة الثقافية والاجتماعية في الوزارة الدكتور حبيب غلوم، بحضور السفير السوري لدى الدولة رستم الزعبي، ابرز القواسم المشتركة في الكتابة النسائية لكاتبات عربيات خلال النصف القرن الماضي، وذلك بعد ان قامت بقراءة اكثر من 70 رواية، مشيرة إلى «ان من أبرز هذه القواسم، خرق طوطم الجنس، ومحاولة تحطيم القيود الذكورية المفروضة على النساء، والتحرر من تبعية المرأة للرجل».

وعن مدى نجاح الكاتبات العربيات في خرق تابو الجنس، أوضحت البيطار «ان نسبة غير قليلة منهن تعاملن مع الجنس كشيء مستقل قائم بذاته، وان ثورتهن كانت شكلية، لتقتصر على كونها مجرد كتابة مستفزة، وأحياناً فاحشة ومقززة، لما يثقلها من وصف جنسي تفصيلي لا هدف له سوى التحدي، بل ان بعضهن يعتقدن ان مجرد كتابة جنسية جريئة هي شهرة وإبداع»، معربة عن اعتقادها بأنه « لا معنى لأي وصف جنسي مهما كان متقناً وذا فنية عالية ان لم يكن موظفاً لخدمة فكرة او قضية، وان لم يكن منسجماً، وكاشفاً للحياة الإنسانية، مستشهدة على ذلك بروايات هنري ميلر، وألبرتو مورافيا، وميلان كونديرا، ومحمد شكري، ورؤوف مسعد، التي تتحدث بصراحة لا محدودة عن الجنس، وايضاً تكشف من خلاله عن حقيقة عيش الناس، ونمط العلاقات التي تفرضها عليهم الحياة الاستهلاكية، وتغيّرات العلاقات الإنسانية في عصر العولمة».

وأوضحت البيطار «سقوط العديد من الكاتبات في غواية اللغة حين يكتبن عن الجنس، مبررة ذلك بالقمع الذي عانت منه المرأة لعقود طويلة، حرمت خلالها من البوح والتعبير عن الذات، وعندما حانت الفرصة للكلام جاء اشبه بالصراخ، وتوجيه صفعة مدوية للمجتمع الذكوري الذي يتمتع بحقوق سخية، وفي الوقت ذاته يحرّمها على المرأة»، لافتة إلى «ان عدداً كبيراً من الروايات النسائية تأتي اللغة فيها أشبه بالتطريز، ما يصيب النص بالترهل».

المثقف..خائن ومدعٍ
ومن القواسم التي تطرقت إليها البيطار صورة المثقف في كتابات المرأة العربية، حيث اتفقت نسبة كبيرة من الروايات التي قرأتها على تقديمه في صورة الخائن المدعي الذي يعاني من ازدواج الشخصية، حيث يطالب المرأة المثقفة بصفات وتصرفات يرفض في الوقت ذاته ان تقوم بها زوجته او أخته أو ابنته»، مؤكدة «ان المرأة المتحررة في مجتمعاتنا العربية مشبوهة، لأنها تؤمن بأن العلاقة مع الرجل تقوم على الندية والتكافؤ، لكننا لم نعتاد الصدق، كما ان تحرر المرأة لا يعني انها تعيش فوضى علاقات جنسية، بل يقوم على الصدق مع الذات، وانها إنسانة مسؤولة عن نفسها وأفعالها»، أما القاسم الثالث الذي أشارت إليه فيتمثل في نظرة المبدعات العربيات للنقد الأدبي الذكوري لكتاباتهن، حيث يجمعن على عدم الرضا عن هذه الكتابات التي تتعمد التقليل من القيمة الإبداعية للمرأة، وما تحمله من نظرة فوقية وكأن من الغريب ان تبدع المرأة.

صوت ملائكي
عقب المحاضرة كان للجمهور موعد مع فرقة لينا شاماميان، التي حملت الحضور على جناح صوتها الملائكي في جولة بين مناطق سورية المختلفة من خلال استحضار أشهر الأغنيات التراثية التي اشتهرت بها كل منطقة، وتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد لتظل محفورة في وجدانهم ومشاعرهم، وهو ما بدا واضحاً في تجاوب الجمهور بالغناء والتصفيق مع كل اغنية تقدمها، خصوصاً مع المزج المتقن الذي قدمته الفرقة لهذه الأغنيات التراثية مع الموسيقى العصرية في توزيع مبتكر، ومن الأغنيات التي قدمتها لينا وفرقتها أغنية «يا محلا الفسحة»، و«يا مسافرا في البحر» من منطقة الساحل السوري، و«حول يا غنام» من منطقة دير الزور في المنطقة الوسطى من سورية، كما غنت «يوما للا»، واغنية «قبل العشاء» التي تغني في الأعراس، كما قدمت شاماميان اغنية «هاالاسمر اللون» التي كانت بداية مشروع الفرقة الموسيقي وكانت عنوان لألبومها الأول، إلى جانب اغنيات اخرى لاقت اعجاب الجمهور وتجاوبه.
تويتر