«21».. فيلم المقامرة والتثاؤب


يمكن اعتبار فيلم «21» الذي يُعرض حالياً في دور العرض المحلية درساً خاصاً بالقمار، لا يتطلب من الراغب في تلقي درس كهذا إلا دفع ثمن تذكرة مشاهدته، ليمسي ـ أي فيلم «21» ـ درساً عاماً، أو حصة دراسية،        ما دام البروفيسور الجامعي في الفيلم هو من يقود طلابه إلى احتراف المقامرة، وتحقيق مبالغ هائلة من خلال لاس فيغاس ونوادي القمار الشهيرة فيها.
 
 
الأمر لا يقتصر على ذلك، بل يتعداه إلى تحويل ما نشاهده إلى منهج صارم على يد البروفيسور (كيفن سبايسي)، وتعليمات يتخللها كما تعودنا من هكذا أفلام تحلي هذا المعلم بالذكاء الحاد الممتزج بحسّ فكاهة له أن يكون ثقيل الدم والوطأة. بكلمات أخرى يتحول البروفيسور إلى زعيم عصابة أفرادها طلابه.
 
ما تقدم نكتشفه من خلال الطالب المجتهد والخارق الذكاء والمعلومات بين (جيم ستارغس) الذي يبدأ معه الفيلم حيث نشاهده يسعى لنيل منحة دراسية في هارفرد، الأمر الذي يبدو على شيء من الاستحالة أمام ما يضعه أمامه البروفيسور الذي يقابله، وبالتالي يشعر بأهمية المال، وضرورة حصوله عليه من تحت الأرض، دون أن يفعل شيئاً سوى مواصلة جده واجتهاده في الدراسة، ومواصلة عمله في محل للألبسة، موزعاً بينهما لا يملك أي وقت لكي يضيعه، إلى أن يكتشفه البروفيسور سابق الذكر، وبالتالي يتعرف إلى قدراته الاستثنائية في الرياضيات وما إلى هنالك من ما يسخره في خدمة ما يخطط له البروفيسور، والذي يكون معه أربعة طلاب آخرون، لكل واحد منهم دور له أن يكون في الإشارات التي تساعد احتمالات اللاعب الرئيس على أن تكون دقيقة، وتتمثل تلك الإشارات في إيماءات معينة وكلمات، وغير ذلك، مما يتدرب عليه بين استعداداً لجولته الأولى في فيغاس.
 
ما أن يبدأ بين رحلة فوزه حتى يدخل الفيلم في مرحلة ثانية من المغامرات، على مبدأ تصعيد الأمور بتوريط بين أكثر في عملية المقامرة وما يحيط بها من مخاطر إن كنت من الفائزين الدائمين.
 
فيلم «21» الذي أخرجه روبرت لوكتيك وكتبه كل من بيتر ستينفليد وآلان لوب يفترض أنه يبحث عن موضوع جديد، ولعله لاقى في ما قدمه هذا الجديد، المتمثل بما أسلفنا ذكره، لكنه جديد يفرط بكل ما عداه، ولعله فيلم صالح بامتياز للتثاؤب، أو للشرود بينما تنعم بعتمة صالة العرض.
 
 ولعل عملية تسليع السينما التي أصبحت مع الزمن تزداد رسوخاً، وقد مرّ عليها زمن طويل، يمكن أن تكون مغتفرة أحياناً ما دامت قادرة على تقديم التسلية، المطلب الأسمى لدى الجمهور، لكن مع انعدام التسلية والترفيه والتشويق، وغيرها من المصطلحات المهيمنة على كل الأفلام التجارية، فإن الأمر محزن حقاً، والنتيجة فيلم لا يحمل إلا رقمه «21» ولا يعرف إلا «البلاك جاك» والألعاب التي تحتال على من يزاولها، حيل تشبه، إلى حد بعيد، الحيل السينمائية التي ما زالت تنطلي على الجمهور، والتي جعلت من «21» متصدراً لقائمة الإيرادات في الولايات المتحدة في أسبوع عرضه.
 
تويتر