«فقد الإحساس» يفتك بعائلة شيخة

فقدت الإماراتية شيخة عبدالله (36 عاماً) اثنين من أبنائها، هما ولد وبنت توفيا بعد ولادتهما بعام، بمرض نادر يوصف طبياً بأنه مرض «فقد الإحساس»، وهي الآن تحاول أن تبعد شبح المصير ذاته عن (سلامة)، التي ولدت العام الماضي، وسمتها بهذا الاسم كي تسلم منه، لكن أعراض المرض بدأت تظهر عليها.

ولشيخة ولدان أيضاً، هما حامد (14 عاماً)، وخالد (12عاماً)، وعلى الرغم من أنهما نجيا من مرض «فقد الإحساس»، إلا أنهما لم يسلما من أمراض أخرى، إذ ولد حامد بتشوه في القلب، فيما ولد خالد بتشوه في مجرى الأنف الداخلي.

ويعد أبناء شيخة جميعاً ضحايا لأمراض وراثية سببها زواج الأقارب، وفقاً لأستاذة الأمراض الوراثية السريرية في مستشفى توام في العين، الدكتورة لحاظ الغزالي، التي تصف مرض «فقد الإحساس» بأنه نادر، ويدفع بصاحبه إلى قضم لسانه، وأكل أصابعه، من دون أن يشعر بما يقوم به، وتقول شيخة: «إن المرض وصل إلى طفلتها الصغرى (سلامة) البالغة من العمر 13 شهراً، لكنها مازالت تتعلق بأمل الشفاء منه».

وأضافت: «معاناتي بدأت مع المولود الأول (حامد)، إذ كان صمام قلبه الأيمن ضعيفاً وضيقاً، ولذلك فإنه لا يقوى على ممارسة أي نشاط بدني، كما أن جسمه لا ينمو، ويأخذ حقناً خاصة للنمو يومياً في مستشفى توام». وتابعت: «عندما وضعت مولودي الثاني (خالد) أخبرني الأطباء أن فرصته بالبقاء على قيد الحياة لا تتجاوز 10%؛ لأنه ولد من دون جيوب أنفية، وبقي أربعة أشهر يتنفس بالأجهزة المساعدة، وأُجريت له عملية زراعة أنابيب بدل الجيوب الأنفية، وتكللت بالنجاح، لكن الأطباء حذروني من أن أي سقوط له على أنفه ربما يؤدي إلى نزيف يصعب إيقافه».

ووضعت شيخة مولودها الثالث وكانت أنثى سمتها (اليازية)، قال لها الأطباء منذ اللحظة الأولى: «إنها في حاجة إلى رعاية صحية خاصة، حيث إن رأسها غير مستقيم، وتميل باتجاه اليمين واليسار، وتتقيأ بشكل متواصل»، ثم بدأت تلاحظ أن البنت لا تغمض عينيها حتى أثناء الاستحمام، واكتشف الأطباء لاحقاً أنها مصابة بمرض «فقد الإحساس» فأرسلت إلى لندن للعلاج في أحد المستشفيات عن طريق هيئة أبوظبي للصحة، وخلال فترة وجودها «بدأت تظهر عليها أعراض غريبة، مثل أكل الأصابع واللسان، ما دفع الأطباء إلى إلزامها بارتداء قفازات خاصة، لكنها لم تتوقف عن قضم لسانها، ما دفعهم إلى خلع كل أسنانها، ولم تتوقف معاناتها عند ذلك، بل أصبحت تعاني نوبات صرع انتهت بوفاتها بعد فترة قصيرة».

بعد عام من وفاة (اليازية) أنجبت شيخة (ذياب)، وكان ذلك في عام 1999، ولم يكن مكتملاً عند ولادته، ثم بدأت تظهر عليه أعراض شقيقته، وزاد عليها ميله الجامح لضرب رأسه بالجدار بقوة، وكانت حركته سريعة ويعرّض نفسه للسقوط، ولا يشعر بأي ألم، لكن ذلك كان يصيبه ببعض الجروح التي تنتهي بـ«الغرغرينا» وبتر الأصابع، واستمر في هذا العذاب إلى أن مات بإحدى نوبات التشنج.

وفي عام 2007 وضعت شيخة طفلتها الأخيرة (سلامة) بعملية قيصرية، وسعدت بها كثيراً؛ لأنها بدت طبيعية في الأيام الأولى، لكن فرحتها لم تدم طويلاً، إذ أخبرها الأطباء بأنها مصابة بالمرض نفسه، وقاموا بخلع كل أسنانها؛ كي لا تأكل لسانها وأصابعها. وتقول شيخة: «إنني على يقين من أنه لو توافر لابنتي العلاج في الخارج فلربما تتجاوز هذا المرض».

وتسكن أسرة شيخة في بيت بالإيجار بمبلغ 56 ألف درهم سنوياً، وهو قريب من مستشفى توام، حيث تراجع بابنتها يومياً. وتقول شيخة: «إن البيت الذي تسكنه ذو مواصفات خاصة، إذ إن جدرانه محاطة بالإسفنج، وكذلك أرضيته؛ كي لا تتأثر الصغيرة بأي سقوط على الأرض».

ووفقاً للدكتورة لحاظ الغزالي، فإن «المرض يعد نادراً، وسببه العامل الوراثي، فالزوجان يحملان نسختين منه، ومن أعراضه أن الأعصاب غير مكونة بالشكل الصحيح، ولا يكون لحامل المرض إحساس بالألم، وينتج عن ذلك قيام المريض بعضّ لسانه وأكله في مرحلة لاحقة، كما يأكل المريض إصبعه.

وفي حال جرح أحد الأصابع يلتهب ويصل العظم، وبالتالي موت الجزء الملتهب وبتره. ومن أعراض المرض أن عيون المصاب لا ترمش أبداً، ما يجعلها عرضة للهواء الحار والحشرات، فيفقد النظر في مرحلة لاحقة»، وتؤكد أن «العلاج المناسب لهؤلاء غير متوافر داخل الدولة، وهم يحتاجون إلى الرعاية الطبية الحثيثة للمحافظة على نظرهم في أقل تقدير».

الأكثر مشاركة