مقاولون صغار على وشك الإفلاس


حذّر مقاولون وعاملون في قطاع الإنشاءات بالدولة، من تداعيات الارتفاعات المتكررة في أسعار المحروقات، ومواد البناء الأخرى، التي تهدد شركات مقاولات صغيرة بالخروج من السوق والإفلاس. وفيما أكد مقاولون اضطرارهم للتحوّل بعقود شراء الديزل الخاصة بهم من شركات (إمارات وإينوك وإيبكو) إلى شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، بسبب انخفاض سعر غالون الديزل إلى 12.90 درهماً عندها، مقارنة بـ13.30 درهماً للشركات الأخرى، تفادياً للوقوع في خسائر جديدة، نفى مسؤول في شركتي «إينوك» و«إيبكو» «إلغاء شركات مقاولات لعقود توريد الديزل من الشركتين»، مؤكداً أنه «على العكس من ذلك، فإن عدد العملاء يشهد زيادة مطردة منذ مطلع العام الجاري» من دون تفاصيل.
 
وتحتوي الدولة على ما يقرب من 50% من إجمالي المشروعات الإنشائية في منطقة الشرق الأوسط، وفق تقديرات اقتصاديين، إذ تقدر المشروعات حالياً بنحو 656 مليار دولار، من إجمالي مشروعات بلغت تكلفتها تريليون دولار في منطقة الشرق الأوسط.

 

عبء كبير

وتفصيلاً، قال المدير الإداري في مجموعة «فالا» للمقاولات والنقل، عمر رامز فاخرة، «إن الوقود ومشتقاته، يمثل العمود الفقري للاستثمارات بأنواعها، فيما تعتبر الزيادات المتتالية في تكاليف الوقود والنقل من أهم الأعباء التي ترفـع من تكلفة المشروعات الإنشـائية، وتـالياً ترتـفع أسعار العقارات بالتـبعية بيـعاً وإيجاراً»، لافـتاً إلى أنه «بحسب معــطيات السوق الحالية، فإن تواصل ارتفاع تكاليف البناء، لاسيما الإسمنت وحديد التسليح، بسبب عدم استقرار أسواق المال والطاقة، خصوصاً النفط، أصبحت تكاليف البناء عموماً مضطربة وغير مستقرة، ما يؤدي إلى صعوبة التعاقد بين كبار المستثمرين وشركـات مـقاولات في بعض الأحيان، فيما يحجم كثير منهم عن التعاقد مع صغار المستثمرين للأسباب ذاتها».

 

أسعار الغاز

وقال مسؤول في شركة إسمنت رأس الخيمة، طلب عدم ذكر اسمه، إن «ارتفاع الأسعار لم يقتصر على الديزل فقط، بل تواجه مصانع الإسمنت مشكلات عدة، أهمها ارتفاع أسعار الوقود الخام (فيول أويل) الذي ارتفع سعره 150% من 200 دولار للطن إلى 500 دولار، أخيراً».

ولفت إلى أن «أسعار الغاز تمثل مشكلة أخرى تتسبب في رفع سعر طن الإسمـنت، إذ يباع الغاز محلياً بسعر 13 دولاراً، فيــما لا يزيد سعره في دول مجاورة مثل المملكة العربية السعودية على دولار ونصف الدولار، وقــطر ثلاثة دولارات، ما يمـثل عبــئاً إضافــياً يرفــع من تكاليف الإنتاج».

ونبّه إلى أن «التكاليف والأعباء الإضافية تستهلك أرباح مصانع الإسمنت، ما يدفعهم إلى توقيع زيادات بين الحين والآخر، درءاً للخسائر، وتآكل هوامش الأرباح لديهم».

 

تحويل العقود

من جهة أخرى، كشف نائب المدير العام في شركة «السلام للمقاولات» ضياء سلطان، عن «تحــوّل مجموعة من شــركات المقاولات إلى شركــة (أدنوك) لتوقيع عقود استهلاك الديزل» مشيراً إلى أن «توجه شركات مقــاولات، من بينها شركة السلام، إلى ذلك ليس إلا دليلاً على توجه جديد لدى شركــات مقاولات للمحافظة على هوامش أرباحـها التي تتــهددها أسعار الوقـود وتكاليــف التشغيل المرتفعة، وأجور العمال الذين يطالبون بزيادات دائمــة، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات، بصورة تنذر بتآكل هوامش أرباح المقاولين».

 
وأكد ضياء أن «التكاليف الإضافية الجديدة التي تطرأ على أسعار المقاولات، يتم تحويلها مباشرة على الملاك والبنوك الممولة للمشروعات، وفق اتفاقات جديدة بدأ المقاولون في إبرامها مع المطورين والملاك، على ألا يتحمل المقاول أي فروق في أسعار المواد التشغيلية».

 

ارتفاع رغم الاستيراد

وفي أبوظبي، قال مقاولون لـ«الإمارات اليوم» إن «أسعار الخرسانة المسلحة سجلت ارتفاعاً، أمس، يصل إلى 20%، رغم بدء وصول شحنات من الإسمنت من بعض البلاد العربية ما أثار توقعات بقرب انفراج الأزمة التي تشهدها سوق مواد البناء حاليًا».

 

وأرجعوا ذلك إلى زيادة أسعار النقل بعد تزايد أسعار الديزل خلال الفترة الماضية مرات عدة متتالية.

وقال المدير العام لشركة «قمراء للمقاولات»، عيسى الحداد «ارتفعت أســعار الخرسانة المسـلحة في أبوظبي بنسبة تصل إلى 20%، من 350 درهماً للمتر المــكعب منذ نحو أســبوعين إلى 400 درهم حـالياً.

 
وتابع «ابلغنا الموردون أن هذه الزيادة جاءت نتيجة للارتفاع الأخير في أسعار الديزل، حيث وصــل سعر الغالون إلى 13.5 درهماً بعد أن شهد ثلاث زيادات متتالية من 9.5 دراهم إلى 10 دراهم ثم إلى 12 درهماً للغـالون»، وأضاف «كنا نسمع دائماً عن تكرار الارتـفاع في أسعار الديزل في الإمارات الشماليـة، وكانت أبوظبي في منأى عن هـذه الزيادة، إلا أن مشكلة ارتفاع أسعار الديزل أصبحت ظاهرة جديدة في الإمارة خلال الفترة الماضية».

 
من جانبه، قال المدير العام لمؤسسة «دار البناء للمقاولات»، محمد خالد «توالى ارتفاع أسعار الخرسانة المسلحة بشكل مستمر خلال الفترة الماضية، ولعبت الزيادات المتتالية في أسعار الديزل بجانب نقص الإسمنت دوراً كبيراً في هذا الصدد»، وأوضح «منذ عام كان سعر الديزل يقل عن سعر البنزين، والآن أصبح سعر الديزل يوازي ضعفي سعر البنزين، ما يوضح حجم الزيادات التي طرأت على سعره بشكل متتالٍ». وطالب خالد بأن «يكون هناك ات فاق بــين المقاولين والملاك على احتساب هامش يصل إلى 15% نسبة زيادة على تكلفة البناء، نظراً للزيادات التي تطرأ بشكل مستمر على مواد البناء التي يرفض بعض الملاك تحمّلها أو زيادة الأسعار عن المتفق عليه». 

نقص الديزل
من جانبه، قال أحد تجار الخرسانة المسلحة «اضطررنا إلى زيادة سعر الخرسانة بنسب تتراوح بين 10 ـ 15% اعتباراً من أمس بعد ارتفاع أسعار الديزل وتحملنا زيادات كبـيرة في مصاريف النقل».  
وتابع «المشكلة تكمن في بوادر وجود  نقص في الديزل، حيث سمعنا أنه أصبح محظوراً على الشاحنات ملء خزاناتها بأكثر من 150 درهماً في المرة الواحدة من الديزل، وهذه الكمية لا تجدي قياساً بحجم الشاحنة الضخم وحجم عمليات النقل التي تقوم بها».
 
وأشار إلى أن «الخرسانة المسلحة كانت الأسرع في التأثر بزيادة أسعار الديزل نتيجة لاعتمادها أساساً على عمليات النقل من المصانع إلى شركات المقاولات بصورة مستمرة».  

 لا زيادة في أسعار النقل  
 نفى المدير العام لمؤسسة «البناء المتقن»، عبدالكريم سعيد، الذي تعمل مؤسسته في مجال النقل والمقاولات كذلك، وجود زيادة  كبيرة في أسعار النقل خلال الفترة الماضية، وقال «حدثت زيادة لا تكاد تذكر في أسعار النقل بالنسبة إلى شركتنا»، لافتاً إلى أن «الشركة تقوم بعمليات نقل لمواد بناء، منها الخرسانة سابقة التجهيز بشكل مستمر بين أبوظبي والعين، ولم يطرأ تغيـير يـذكر طوال الفـترة الماضيـة». ولفت إلى أن «أسعار متر الخرسانة في الأسواق ارتفعت إلى 400 درهم مقابل 350 درهماً منذ نحو أسبوعين»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر غير متوقع مطلقاً في ضوء انخفاض سعر كيس الإسمنت من 35 إلى 28 درهماً، وبدء توافر الإسمنت في الأسواق نتيجة لاستيراد كميات كبيرة من السعودية». 
 

الأكثر مشاركة