الإطفائيان هيثم وكمـال يسجلان قصـة بطــولة في اقتحام النيران


الشهيد هيثم جمعة (يمين) في آخر صورة التقطت له في موقع الحادث.
 
لم يكن حريق نخلة جميرا هو الأول الذي يبدي فيه الملازم أول هيثم جمعة فرج والشرطي أول كمال حسين تفانيهما في العمل، ولكنه بالتأكيد كان الأخير بعدما دفعا حياتهما في سبيل الواجب الوطني، وسجلا اسمهما في سجل الشهداء، وفق ما أجمع عليه زملائهما في العمل.

وقالوا كانت لهما مواقف كثيرة اتسمت بالشجاعة والبطولة في حرائق ضخمة وقعت في دبي وإمارات أخرى في الدولة، كان آخرها حريق انفجار مستودع ألعاب نارية في القوز الصناعية.
 
وأكد مسؤول في الدفاع المدني في دبي أن حماسهما وشجاعتهما النادرتين أديا إلى وفاتهما في حريق «النخلة» يوم الجمعة الماضي، ليجسدا «عملاً بطولياً كبيراً». وقال  لـ«الامارات اليوم» إن الشهيدين أديا عملاً بطولياً الى جانب زملائهما من الضباط والاطفائيين على مدار 19 ساعة متصلة، ما مكّن من السيطرة على النيران، وإخمادها في مساحة صغيرة من المبنى.
 
وأشار الى ان «سبب وفاتهما مازال غامضاً، اذ تركا النقطة المكلفان بإطفاء النيران فيها داخل المبنى، وتحركا لمنطقة اخرى لاسباب غير معروفة، ويبدو انهما ضلا طريق العودة، فحاصرهما الدخان، وتوفيا مختنقين».
 
وأعلن انه تقرر «تكريمهما بالشكل الذي يليق بعملهما البطولي»، موضحاً انه «تم احالة الضابط للتقاعد ليحصل على راتب متقاعد، وسيتم منح ذوي الشرطي مكافأة لجهوده». وتابع «تعاملت مع الملازم هيثم، ووجدت فيها انساناً متحمساً لاداء الواجب، وكان متميزاً في عمله، ودوماً كان يقدم لنا مقترحات بنّـاءه لتطوير العمل».
 
وأضاف «بسبب هذا الحماس تمت ترقيته من ضابط صف الى ضابـط، تقديراً لكفاءته». واعتبر ان «جميع من شارك في اطفاء الحريق، ويقدر عددهم بـ120 شخصاً، أدوا دوراً كبيراً»، لافتاً الى ان «الخسائر البشرية امر وارد في عمل الاطفاء، وأثناء التدريب ايضاً». ولفت الى ان «الحريق وقع نتيجة خطأ في التخزين، اذ خالف المقاولون شروط الامان الصناعي، وخزنوا مواد قابلة للاشتعال في الطابق الارضي من المبنى، ويفترض ان يتم التخزين في مستودع مستقل».
 
وتابع «كان الدخان الصادر عن الحريق كثيف جداً، ويوصف بالدخان الزيتي والجلاتيني، ويصعب السيطرة عليه بسهولة، وهو ما ادى لاختناق الضابط والشرطي»، لافتاً الى ان «فرق الاطفاء درست مع المهندسين العاملين في المشروع الرسم الهندسي للمشروع، وكيفية الدخول والخروج منه، جيداً قبل انطلاق الاطفائيين لعملهم، لكن الشهيدين تركا موقعهما لسبب مجهول، وضلا طريق العودة». وأعلن ان «شرطة دبي والمختبر الجنائي وخبـير الحرائق مازالوا يحققون في اسباب اندلاع الحريق».

شقيق الشهيد هيثم جمعة يحتضن ابنتيه.
 
الى ذلك، عبَّرت اسرتا الشهيدين الملازم اول هيثم جمعة فرج والشرطي اول كمال حسين، الذين قضيا في حريق «نخلة جميرا» يوم الجمعة الماضي، عن فخرها «للدور البطولي الذي قاما به في سبيل اخماد الحريق».
 

وتبادل المشاركون في العزائين اللذين حضرتهما «الامارات اليوم» في دبي وعجمان أمس، الحديث عن بطولاتهما في الحريق، ومواقفهما السابقة في حرائق كبرى اخرى، واصفين تلك المواقف بالشجاعة والجريئة.  واعتبرت اسرة الملازم المواطن هيثم أن ابنها باستشهاده «رد شيئاً يسيراً من جميل الوطن عليه»، مؤكدة انها «على استعداد لتقديم ارواح جميع ابنائها وأطفالها، فداءً للوطن».


واعتبرتا ان «استشهادهما امر يسير في مقابل ما قدمته وتقدمه الدولة لابنائها والمقيمين على ارضها».

ووفق الاسرتين، فالشهيدان سبق لهما المشاركة في الحوادث الكبرى في الدولة، وكان آخرها حريق «انفجارات القوز»، ودوماً كانا في مقدمة رجال الاطفاء الذين يشاركون في اخماد الحرائق، ويقتحمون النيران لانقاذ ارواح البشر. 
 
وقال شقيق الضابط الشهيد، عتيق جمعة فرج، كان يوم الحادث يوم اجازة لشقيقي هيثم البالغ من العمر 29 عاماً، لكنه بمجرد علمه بالحريق سارع «لتلبية نداء الواجب، وكان من اوائل المشاركين في عمليات الاطفاء».

وأضاف «قدم شقيقي حياته فداء للواجب، ونحن نعتبر ذلك امر يسير، في مقابل ما قدمه لنا وطننا من خدمات، ولعل آخرها قرار حكومة دبي بعلاج ابنة الشهيد في الخارج من مرض سرطان الدم».

وتابع «شقيقي متزوج وله طفلتان هما غاية وعمرها عامين ونصف العام، وسلامة وعمرها عام ونصف العام، وكانت زوجته تطلب منه دوماً ان يأخذ قسطاً من الراحة من عمله المستمر، لكنه كان يرفض ذلك، مفضلاً المشاركة في اخماد الحرائق وإنقاذ ضحاياها على الجلوس في المنزل في اجازة».

وروى شقيقه فرج انه «كان من صغره شخص طموح يبحث عن تطوير نفسه وتنمية مهاراته، اذ سافر لدراسة علوم الادارة في بريطانيا، وعاد ليلتحق بدورات تدريبية في الدفاع المدني، وبسبب كفاءته واجتهاده وصل الى رتبة ملازم اول في فترة قصيرة».
 
وأضاف «زملاؤه يصفونه دوماً بالسبّاق، والشجاع، لدوره الكبير في اخماد الحرائق، حتى لو كان مريضاً كان يتحامل على نفسه ويشارك في اطفاء الحرائق»، لافتاً الى انه «شارك في اخماد حرائق كبرى في القوز في دبي والشارقة وعجمان».

وتابع «اصيب اكثر من مرة في اطفاء حرائق، لكنه كان لا يلقي بالاً لهذه الاصابات، لشعوره بأنه اصيب بها في سبيل انقاذ بشر من الموت». وقالت شقيقاته «استشهاد هيثم هو وسام على صدورنا جميعاً، وعلى صدر والدنا الذي زرع فينا حب الوطن».
 
في حين قال اقارب الشرطي اليمني انه «كان يحرص دوماً على المشاركة في اطفاء اية حرائق كبرى تشهدها دبي، وشارك ايضاً في اطفاء حرائق في الشارقة وعجمان والفجيرة»، لافتين الى انه «اصيب في اكثر من حريق سابق، لكن هذا لم يمنعه من يوماً من اداء واجبه».

وأشاروا الى انه «ترك وراءه، خمسة ابناء في مراحل تعليمية مختلفة، وهم مقتنعون بأنهم سوف يجدون من يساعدهم على اكمال طريق التعليم بعد وفاة والدهم، كونهم يعيشون في بلد الخير». وقال صالح سالمين، الذي ينتمي لنفس العائلة، وفي الوقت نفسه يعمل في الدفاع المدني في دبي ان «زملاء كمال كانوا يرون فيه شخصاً نبيلاً وشجاعاً، اذ كان يتقدمهم لمواجهة أي حريق».

واضاف «لم يقتصر دوره البطولي على مواجهة الحرائق التي كانت تندلع في منطقة الكرامة، وهي منطقة اختصاصه، بل كان يلبي أي نداء، وبالفعل شارك في اطفاء حرائق الفجيرة والشارقة وعجمان». 
ولفت الى ان «قيادات الدفاع المدني قدمت العزاء وتعهدت بتقديم أي مساعدة تحتاجها اسرته». 
 
 
أسرة الشهيد كمال حسين في بيت العزاء في عجمان.
 
شجاعتهما أدت إلى اختناقهما
بشاير المطيري - دبي

 


الإطفائي كمال حسين في موقع حريق «نخلة جميرا» قبل دقائق من استشهاده.(خاص ــ الإمارات اليوم )

افاد مدير إدارة العلميات في الإدارة العامة للدفاع المدني في دبي، النقيب علي حسن المطوع، بأن «شجاعة الاطفائيين الفقيدين وحماستهما وتفانيهما في العمل دفعتهما إلى تغيير الموقع الذي أوكل إليهما العمل فيه داخل المبنى المحترق»، موضحاً أنهما شهيدا الواجب.  وأشار إلى أن الشرطيين توفيا يوم الجمعة الماضي أثناء محاولتهما السيطرة على حريق اندلع في مبنى قيد الإنشاء في مشروع نخلة جميرا، عندما اقتحما الطابق الأرضي من المبنى وحاصرتهما النيران ولم يتمكنا من الخروج حتى نفد الاوكسجين من الأجهزة وتوفيا. 
 
وأضاف المطوع أن «ظروف الحادث لم تخدمهما». وعن التفاصيل قال المطوع إنه «فور وصول الفرق إلى موقع الحادث تم تقسيم العمل وفق عملية مكافحة محددة بتوزيع رجال الاطفاء إلى مواقع مختلفة، وأوكل القائد مهمة موقع معين للإطفائيين الشهيدين محددة بالوقت؛ نظراً لأن أجهزة الحماية وجهاز التنفس مدته 45 دقيقة، ولكن يحدد للإطفائيين مدة 30 دقيقة فقط لاستخدامه، و15 دقيقة ليخـرج من مكان الحادث.
 
وأشار إلى أن «المهمـة أوكلت إليهما قرابة السـاعة الثالثـة والنصـف مساء». وتابع المطوع أن المسؤول عن وقت خروج الشرطيين لاحظ ان الفقيدين لم يخرجا، فناداهما في جهاز الاتصال ولم يتلق منهما أي استجابة.

وأوضح أن «الاستراتيجية» الموضوعة لعملية المكافحة تغيرت بعد فقدان الشرطيين، إذ تم تقسيم رجال الأطفاء والانقاذ إلى فرقتين، فرقة للمكافحة بنسبة 30% ونسبة للبحث عن المفقودين 70%، مؤكداً أن «سلامة رجال الأطفاء وحماية أرواحهم من أهم الأولويات التي تحرص عليها الإدارة قبل حماية الممتلكات».

وأشار المطوع إلى أنه «تم العثور على جثتي الفقيدين قرابة الساعة الثانية عشرة و30 دقيقة بعد منتصف الليل، في حالة اختناق وليس تفحم». 
 
تويتر