نظام الحوافز
تحدثت بالأمس عن موظف نشيط في هيئة الطرق والمواصلات، وأنهيت المقال بالإشادة بفكرة نظام الحوافز والمكافآت المعروف بـ«البونص»، الذي بدأت دوائر دبي الحكومية تطبيقه، وبلاشك فإن تطبيق النظام في حد ذاته أمر إيجابي للغاية، ويصب في خانة تحفيز الموظفين، ورفع درجات الإنتاج وحب العمل.
صحيح أن هناك ملاحظات عديدة حول آلية التطبيق، لكن قبل أن نتطرق إليها يجب أن يعرف الجميع أن وجود النظام بهذه الطريقة الجديدة أفضل في كل الأحوال من عدم وجوده، خصوصاً أن الجميع يعرف أن النظام السابق لم يكن يتضمن مكافآت مالية وحوافز وزيادات مرتبطة بالإنتاج والعمل، يعني باختصار كان من يعمل يتساوى مع من لا يعمل، وحامل الامتياز لا يختلف كثيراً عن الموظف الضعيف، إذن وجود نظام مكافآت للمتميزين، رغم جميع الملاحظات التي يراها بعض معارضيه، أفضل بكثير من الوضع السابق.
ومع ذلك فإن أبرز ما يمكن ملاحظته على نظام الحوافز والمكافآت، ولعلها الملاحظة السلبية الوحيدة، هي إقرار نظام «الكوتة» في التقييم، بمعنى أن النظام حدد، وبشكل إجباري، نسبة معينة من أعداد الموظفين في كل درجة تقييمية، فقد تم تحديد 5% للحصول على تقييم الامتياز أو «الموظف الذي يتجاوز التوقعات بشكل ملموس»، ونسبة 15% جيد جداً أو «الموظف الذي يتجاوز التوقعات»، و60% جيد أو «يفي بالتوقعات»، و15% ضعيف أو «دون التوقعات»، و5% ضعيف جدا «دون التوقعات بشكل ملموس».. وبلاشك فإن الهدف من تحديد نسب معينة لكل فئة تقييمية، على ما يبدو، لمنع التلاعبات والتجاوزات والمجاملات، فلو تم ترك الحبل على الغارب فإن الأمزجة الشخصية للمسؤولين ستدخل بقوة في الموضوع، ولعلنا نجد أن جميع موظفي قسم واحد يقعون في أعلى السلم التقييمي، خصوصاً أن الحافز والمكافآة مجزية حيث تبلغ أربعة رواتب أساسية وزيادة 10% على الراتب الأساسي، ومن هنا فقد تم تقييد هذه الدرجة لتأخذ نسبة قليلة محددة بـ5% فقط.. ومع ذلك فإن في عملية التحديد أيضاً نوعاً من عدم العدالة، خصوصاً أن النسبة موزعة على دائرة بأكملها، ما يعني أن أعداداً كبيرة من الموظفين المتميزين سيسقطون من الفئة، ليس لأنهم لم يتجاوزوا التوقعات بشكل ملموس، بل لأنهم تعرضوا لعدم عدالة أثناء المقارنات مع جميع موظفي الدائرة التي يعملون بها!! ولمزيد من التوضيح فإنه من الممكن جداً أن نجد موظفاً متميزاً للغاية في هيئة الصحة، لكنه أثناء التقييم سيجد نفسه قد حصل على تقدير جيد، مع العلم أنه يستحق الامتياز، لكن نظام «الكوتة» جعله في منافسة غير عادلة مع بقية موظفي الهيئة من استشاريين وأخصائيين وأطباء في تخصصات نادرة، معنى ذلك أن نظام الحوافز سيكون حافزاً مميزاً لـ5% لكنه محبط لأكثر من 70% من الموظفين المميزين!! والعكس صحيح تماماً بل ربما أسوأ قليلاً، في التقييمات الدنيا، فلابد من وجود ضعيف وضعيف جداً،فلربما الموظف يستحق درجة جيد، ولكن لأن المسؤول مضطر لوضع 20% من موظفيه في هاتين الخانتين سيجد «الجيد جدا» موقعه في خانة «الضعيف» و«الجيد» في خانة «الضعيف جدا»، والتقييم هنا غير مرتبط بالكفاءة، بقدر ما يمشي على قاعدة «الكوتة عايزة كدة»!!
reyami@emaratalyoum.com |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news