8 دقائق رقص.. من أجل الأطفال


بغية إبراز مواهب الأطفال وقدراتهم، وحثهم على المشاركة الفعّالة في المجتمع الذي يعيشون فيه؛ قررت المنتجة الأسترالية اسيل دونمان تنظيم مسابقة (روك تشالنج) لطلاب المدارس في الإمارات، بحيث يقدم الطلاب المتبارون لوحات راقصة، ذات موضوعات إنسانية هادفة، مدتها نحو ثماني دقائق.

 

وعلى الرغم من كونها مسابقة عالمية، تواجه دونمان صعوبات جمّة في الحصول على تبرعات، أو تأمين التمويل الضروري، مشيرةً إلى أنها طرقت أبواب الشركات الكبرى في دبي، غير أنها لم تلقَ الصدى الإيجابي، في حين لاقت القبول الكبير من الطلاب والمدارس، لاسيما أن عدد المدارس المشتركة لهذا العام بلغ ثماني مدارس، فضلاً عن أن عدد الطلاب يزيد على الـ.1000

 

 إبراز مواهب
«روك تشالنج» هي أكبر مسابقة أطفال للرقص والدراما في الإمارات، بهذه الجملة استهلت المنتجة الأسترالية أسيل دونمان، حديثها عن مسابقة الرقص التي بدأت تنظيمها منذ ثلاثة أعوام، بغية إبراز مواهب الأطفال، وإعطائهم فسحة للتعبير عن حاجاتهم وأفكارهم من خلال الفن، على غرار ما يحصل في عدد من دول العالم، مثل استراليا وألمانيا واليابان وجنوب إفريقيا وبريطانيا.

 

 وتقول دونمان إنها أعجبت بالفكرة عندما كانت تشاهد برنامجاً للأطفال على تلفزيون أجنبي، فشجعها أصدقاؤها، خصوصاً أن الرقص يدخل في أسس التقويم المدرسي، في أستراليا والدول الأجنبية عامةً، فضلاً عن أن عدداً كبيراً من نجمات أستراليا خضن غمار مسابقات مشابهة مثل الممثلة نيكول كيدمان، والمغنية كايلي مينوغ، موضحة أن السبب الرئيس الذي دفعها للقيام بهذه الخطوة هو غياب النشاطات المتعلقة بالأطفال في الإمارات، وما زادها إصراراً كان حضورها مسرحية للأطفال على مسرح مدينة جميرا، وقالت «كان التنظيم سيئاً جداً»، ما جعلها مصممة على تنفيذ فكرتها، مهما كانت الصعاب، «لاسيما أن الأطفال يستحقون الكثير من الاهتمام والرعاية».

 

 وتؤكد دونمان أن الأطفال يحبون الشهرة وتسليط الأضواء عليهم، ما أن يبلغوا سن الخامسة من عمرهم، مشددة على  أن الطلاب لم يشعروا بالخجل أو الانزعاج، إذ إنهم يرقصون في مجموعات كبيرة، والانخراط في الجماعة يؤمن نوعاً من الترابط بين الطلاب، ما يساعدهم على حياتهم المستقبلية، وتضيف أنها قسمت الطلاب المشتركين إلى فئتين: الأولى للصغار ما بين ستة و12 عاماً والثانية للمراهقين بين 13 و18 عاماً.

 

وكذلك، تطمح المنتجة لجعل (روك تشالنج) «نقطة التقاء بين الطلاب والأهل والجهاز التعليمي» في المدارس، تحث على استثمار المواهب والقدرات بشكل إيجابي، فضلاً عن بناء جسر تواصل بين الجميع.


رقص ورسالة 
وتشرح دونمان أن المشاركة المدرسية في المسابقة تنص على أن تختار كل مدرسة موضوعاً محدداً، بحيث يقوم الطلاب بتقديم لوحة راقصة كاملة ومتكاملة، مدتها نحو ثماني دقائق، مفسرةً أن طلاب المدارس المشاركة «ينظّمون الديكور والزينة والأكسسوارات الضرورية والملابس والمكياج ويجمعون بعض التبرعات»، بمساعدة معلم الرقص الخاص بهم وإدارة مدرستهم، في حين تؤمن إدارة المسابقة المكان والمعدات الضرورية للإضاءة والصوت وغيرها.


وبعد أن اتفقت مع لجنة (روك تشالنج) المؤسسة غير الربحية التي انطلقت من استراليا لتجذب أكثر من مليون طالب في العالم، بدأت دونمان «مشوار الألف ميل» في البحث عن ممولين ورعاة لمشروعها، غير أنها اصطدمت بالواقع المر والصعب، وقد شرحت أنها دقت أبواب الكثير من الشركات الكبرى العالمية والمحلية في دبي، لكنها لم تلقَ آذانا صاغية، في المقابل، شعرت بالترحاب الكبير من قِبل المدارس والطلاب للمشاركة في نشاط يحفز على عروض فنية جميلة ومميزة، عاكسةً بذلك جمالية دبي، التي تضم جنسيات مختلفة وتستقطب أنظار العالم كله، وتشير دونمان، التي أسست شركة خاصة بالمسابقة، إلى أنها زارت عدداً من المدارس، فيما اتصل بها آخرون، لرغبتهم في المشاركة، مشيرة إلى ان «ثماني مدارس تشارك في المسابقة هذا العام، مقابل خمس في العام الماضي»، مؤكدةً أن عدم وجود ممولين للمشروع يجبرها على الاكتفاء بهذا العدد القليل من المدارس.

 

 وتضم كل فرقة مدرسية نحو 120 طالباً، وتقول المنتجة الأسترالية «يُخرج هؤلاء الأطفال لوحات شبه محترفة، وكأنهم في (برودواي)»، مشيرةً إلى أنهم سافروا في العام الأول إلى سيدني، حيث تباروا مع طلاب آخرين وأمسوا مشهورين عالمياً وشبه محترفين، فيما يتهيأون للسفر إلى اليابان هذا العام، في حال سمحت أوضاعهم المادية، لأن تكاليف السفر والإقامة هناك تكلف نحو 10 آلاف درهم للطالب، مؤكدةً أن شركات الطيران المحلية لم تقدم عروضاً مشجعة للطلاب. من ناحية أخرى، تشرح دونمان أن المسابقة تحمل عنوانا إنسانياً رئيساً لحملة ما، مشيرةً إلى أن طلاب استراليا اختاروا حملة ضد إدمان الكحول والمخدرات، والتوعية ضد مرض (الإيدز)، وقالت إن شعار مسابقة (روك تشالنج) في الإمارات والشرق الأوسط هو القيادة السالمة، مكافحة آفة التدخين وعيش حياة صحية وسليمة.

 

وتشعر رئيسة المسابقة بالضيق والأسى لعدم قدرتها على إعطاء الطلاب الفائزين جوائز مادية، مكتفية بلوحة كبيرة تعلق في باحة مدرستهم، وتتمنى «تأمين أكبر قدر ممكن من الرعاة والشركات لمكافأة الطلاب مادياً»، وتضيف أن الطلاب في الدول الأخرى يحصلون على هدايا كثيرة، بفضل التمويل، كما أن الدولة تسهم بجزء من المساعدة.   


 اهتمام.. ولكن
وتستغرب دونمان من عدم اهتمام الشركات الكبرى بتمويل هذا المشروع، وتقول «تسهم الشركات الكبرى في استراليا في تمويل المسابقة، خصوصاً أن الأطفال يشكلون سوقاً استهلاكية كبرى للمأكولات والمشروبات الغازية والألبسة الرياضية وغيرها»، أما بالنسبة إلى الاستعانة بمساعدة (روك تشالنج) من الخارج، فتؤكد دونمان أنها ليست شركة مساهمة، بل لكل بلد مسابقته وأفراده وتمويله الخاص، لذلك لا يمكن طلب الدعم المادي من أي كان، لذلك تحاول الحصول على تمويل مادي كبير، وتشير إلى أن إيجار المسرح في اليوم الواحد يكلفها أكثر من 40 ألف درهم  إماراتي، ناهيك عن المتطلبات الأخرى.

 

وعلى الرغم من أن الطلاب يقدمون لوحات راقصة، توضح دونمان أن الرسائل التي يوجهونها ذات طابع إنساني وثقافي وفني، وعلى سبيل المثال، قدم الفائزون في العام الأول لوحة تجسد الـ«تسونامي» الذي اجتاح جنوب شرقي آسيا، مظهرين كيف قام العالم بمساعدة المحتاجين، وقدموا المساعدة للمشردين، في إطار شائق ومميز، مجسدين الرعد والمطر والبرق والأمواج العاتية، ورجال الإنقاذ والبناء وغيرهم، في فرق ومجموعات، في حين قدم آخرون لوحات عن المشكلات التي تحدث بين الطلاب في المدرسة، والحفاظ على البيئة، أو الرقص على موسيقى الأعوام الغابرة.

 

وتترأس دونمان إدارة (روك تشالنج) وتهتم بها من «الألف إلى الياء» تنظيمياً، لكنها لا تتدخل في أي تفصيل، وتقول «أعتبر نفسي مشاهدة ومتفرجة»، غير أنها تطلب من المدارس وطلابها التحلي بالذوق الجميل والمقبول، وتشيد بوعي الأطفال ومعرفتهم بالممنوع والمسموح، خصوصاً من ناحية الملابس، والحركات الراقصة، لكنها تتطلع على موضوعات اللوحات قبل أسبوعين من العرض، فضلاً عن أنها تشاهدها خلال التدريبات والتحضيرات للعرض، كما تشير إلى أنها تجلب فريقاً من (روك تشالنج) في بريطانيا لمساعدتها على التنظيم، لكنها تمنت لو تجد فريقاً أو أشخاصاً محترفين في الإمارات».  


وفي نهاية الحديث، طالبت دونمان شركات القطاع الخاص بمساعدتها من خلال تقديم التبرعات، وتمويل المسابقة، لمصلحة الأطفال، مشددةً على أنها تسعى لإدخال الفرحة على قلوب الصغار والكبار، إذ أنها لم تستطع إلغاء المسابقة هذا العام، وتقول «لم أشأ أن أخيّب ظن الأطفال»، على الرغم من أنها لم تجمع المبلغ المطلوب.

 

 في المقابل، أطلعت دونمان «الإمارات اليوم» على أنها تساعد لتحضير (روك تشالنج) في أبوظبي، برعاية وزارة الثقافة، في حين ستكون البحرين محطتها الثانية. وفي السياق نفسه، تنوي المنتجة الطموحة السفر إلى الهند، وتقول «تشكل (بوليوود) منطلقاً أساسياً للفن في المنطقة والعالم».  
 
رؤية «روك تشالنج»
 يهدف مؤسسو (روك تشالنج) العالمية إلى حث الأطفال وصغار السن على بناء عالم صحي وسليم، خالٍ من العنف والشوائب الاجتماعية مثل إدمان المخدرات والكحول والجريمة، من خلال الفن والأعمال الإبداعية التي تتطلب ابتكاراً وإلهاماً، لتنعكس إيجابياً عليهم، وعلى محيطهم. وتكمن مهمة المؤسسين في توجيه الأطفال، ووضعهم على الطريق الصحيح، ليعيشوا في بيئة سليمة وصحية، ويتابعوا دراستهم، ويبذلوا جهدهم كي يكونوا أفضل. 
تويتر