قصيدة تواجه التصنيع النووي غير السلمي

 

 لم يستطع وكيل النيابة محمد بن سالم الكيومي، تمالك احساس الغيظ والاستغراب الذي سيطر عليه خلال مرافعته في أول قضية من نوعها تنظرها محاكم دبي، والمتعلقة بحيازة مادة «الزوركونيوم» الخطيرة، خصوصاً أن أحد المتهمين فيها كان من مواطني الإمارات، فانفجرت أحاسيسه بمرافعة «شفهية» اختتمها بأبيات شعر من تأليفه، وجه خلالها لوما شديدا للمتهم «المواطن».

 

 وكانت محكمة دبي نظرت قضية السلع المزدوجة «الزوركونيوم»، والمتهم فيها ثلاثة أشخاص أحدهم مواطن، ويعتبر «الزوركونيوم» من المواد الخطيرة المزدوجة الاستعمال، ويمكن استخدامه لأغراض غير سلمية، في عمليات التصنيع النووي، وتكمن خطورة المادة في «امكانية استخدامها في المفاعلات الذرية» وفق المختبر الجنائي لشرطة دبي.

 

ولأنها القضية الأولى من نوعها، جاءت المرافعة أيضاً بشكل غير معتاد، وتحدث للمرة الأولى أيضا في تفاصيلها، حيث قال الكيومي خلال المرافعة، أستميحألا المحكمة عذراً بأن أوجه كلامي إلى المتهم الثاني،ألا «يا ابن وطني، لقد نبت من خير هذه الدولة، فأتيتها من مكمن أمنها، ولم تحفظ لها جميلاً، ولم تبادل الإحسان بالإحسان، وإنما جرت ونسيت الفضل، وتنكرت لخير تمتعت به، وترعرعت فيه، منذ ميلادك مواطنا على أرضها الكريمة» مضيفا أن «ما فعلته من شأنه أن يكون ذريعة لتطاول ألسنة الحاقدين على وطننا، من أنها محطة لبيع تلك المواد التي تستخدم في أسلحة الدمار الشامل، كما انه ألاوأبعد من ذلك فقد تسهم بفعلك في تمكين بعض الدول، من إعداد مشروعاتها النووية غير السلمية، التي قد تقضي على الإنسان وتهتك حريته في أن يعيش حراً كريماً آمناً».

 

 وانفجرت أحاسيس الكيومي شعراً من تأليفه عن الواقعة فقال:

 

عجباً لأمرِ مواطنٍ يتمتع بمكارمِ الخير السخي ويخضع

ُلمطامعٍ فيها البلاء محققٌأ متناسياً عقوبة ستوقعُ

يا من تريد من المُحَّرمِ رفعةً بئس التجارة أنها لا ترفعُ

أرضيت نشر المحظور بغية أُجرةٍ في حياتك مرتعُ

علمت أن الزوركونيومألا مادةَ ذريةً منها الصواعق تصنعُ

هذا زميلك قد اقر بجرمكم فلما التهرب والحقيُقة مرجع

 

وتم ختم المرافعة بمطالبة النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبات على المتهمين.

وحول تفاصيل القضية ذكر بيان واقعات القضية الذي أصدرته النيابة العامة في دبي أن «المتهم الثاني (المواطن) قام بتعريفألا المتهم الأول على المتهم الثالث في العام 2000، بعد علمه بدخول مادة الزوركونيومألا إلى الإمارات ، لتبدأ اللقاءات المتكررة بينهم في مكتب المتهم الثاني الكائن بشارع الرقة،ألا للحديث عن مادة «الزوركونيوم» وأنهما حصلا عليها عن طريق شخص آخر من احدى الجنسيات الآسيوية، إضافة إلى انه قام باستلام عينه من تلك المادة وسلمها للمتهم الأول، وذكر الأخير بأنه سيكرمه بعد إتمامألا الصفقة».

 

  وأضاف البيان أن «المتهم الثاني كان على علم بغلاء سعر تلك المادة حيث إن تكلفة الكيلوألاغرام منها يتراوح ما بين 70 إلى 80 ألف درهم إماراتي، كما انه على علم أيضا بحظر تصدير «الزوركونيوم» من مكان تواجدها في إقليم الشيشان إلى دولة المشتري، وعدم إمكانية إخراجها إلا بتهريبها جمركياًألا إلى دولة الإمارات بداعي أنها مواد أخرى (ألمنيوم خام)».

 

وثبت بأقوال أحد الشهود بتحقيقات النيابة العامة بأن «مصدره أبلغه بأن المتهم الأول أفاده بأنه مدعوم من قبل أناس في الدولة، وأن بإمكانهم انجاز الصفقة والتحويلات المالية، وذكر له اسم المتهم الثاني، وكرر ذلك في مقابلات عدة لاحقة، وما كان ذلك إلا بعد اتصال المصدر بالشاهد في شهر نوفمبر العام الماضي وما كان استلامه العينة إلا بطلب صريح من الشاهد للمصدر ومن ثم تم الضبط».

 

وقال وكيل النيابة محمد بن سالم الكيومي لـ«الإمارات اليوم» إن «النيابة العامة عندما تشرف على تمثيل المجتمعألا في إقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها، إنما يكون دافعها مصلحة المجتمع وأمنه كما هو الحال في المحافظة على حياة الأشخاص وأمنهم»، مشيراً الى أنه «سبق وأن بينت النيابة العامة في الجلسات السابقة ما تمثله حيازة مادة الزوركونيوم من خطر وضرر على مصالح وأمن الدولة، إذا ما استخدمت بعيداً عن أعين المراقبين لما لها من استخدامات غير سلمية». ولفت الى أن «الامارات لم تشذ يوما عن المجتمع الدولي، بل تسعى معه إلى الغاية الأسمى وهي حفظ الأمن والسلم الدوليين، وجاء ذلك بمصادقتها على عدد من الاتفاقات ومن أهمها اتفاقية حصر التسلح النووي، وانحدارا من هذه الاتفاقات شرعت قانوناً خاصاً يتعلق بالرقابة علىألا تداول السلع ذات الاستخدام المزدوجألا والتي تدخل في الاستخدامات غير السلمية، وذلك حتى تكون تحركات تلك السلع في إقليمها مراقبا ومرفوضا إذا كان لغرض غير سلمي.

تويتر