صناعة الاكتفاء
في الأسبوع الماضي عرضت الحكومة السعودية العمل مع شركات زراعية محلية للاستثمار في قطاع الزراعة ببلدان مثل البرازيل وتايلاند والهند في إطار برنامج لتعزيز الأمن الغذائي.
لا يخفى على كثيرين أن الوضع «التغذوي» الذي تعيشه دول العالم كافة قد تغير منذ الخريف الماضي. لم يعد هناك طعام رخيص، وباتت «فاتورة» المواد الأساسية تستهلك نسباً متعاظمة من الدخل لجميع الأسر، وفي جميع البلدان.
«رادارات» المنظمات الدولية المعنية بغذاء الشعوب، التقطت إشارات واضحة لما بات يعرف بـ «تسونامي الغذاء». وطفقت دول العالم كافة تبحث عن «بدائل» ومصادر جديدة لإطعام ملايين الأفواه الفاغرة. وفي ذلك تتساوى الدول الغنية والفقيرة، فليس أسوأ حال من أن تكون عندك النقود ولا تجد من يبيعك الطعام، وهذا السيناريو ليس ببعيد إذا ما استمرت وتيرة هذا «التسونامي» بالتصاعد.
وفي بلد مثل الإمارات لا يقوم على موارد زراعية كافية، ولديه تطلعات «تنموية» هائلة، يكون لزاماً وضع «الأمن الغذائي» على قمة هرم الأولويات، في المنظورين القريب والبعيد، سيما أن عدد سكان الدولة من الممكن أن يرتفع لأكثر من مثليه في غضون العقود الثلاث المقبلة.
لقد حققت «طفرة العقار» أكثر من الأهداف المرجوة منها، فباتت بحق معجزة قائمة بذاتها، وبعد عقد من انطلاقها ما أحوجنا اليوم لبحث مخرجات هذه الطفرة ، وكيف أنها صرفت نظرنا عن الاستثمار في القطاعات الزراعية في الداخل والخارج.
توجد اليوم صناديق استثمار ذات أصول «خيالية»، وأخبار استثماراتها في قطاعات الخدمات والصناعة في مختلف دول العالم، تملأ الصحف. لكن من حقنا أن نتساءل أين استثماراتها في قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية؟.
علينا أن نأخذ العبر في هذا المسار من تجربة المملكة العربية السعودية في تشجيع الاستثمار الزراعي المحلي. وكيف اُكتشف بعد 30 عاماً من انطلاقه أنه لم يعد مجدياً من الناحية الاقتصادية، كونه استنزف الموارد المائية في المملكة «الشحيحة اصلا». لننطلق في البحث عن بدائل في دول مثل السودان والبرازيل والهند وتايلاند، من خلال الاستثمار في شراكات زراعية هناك تكون بمثابة سلال لغذاء المستقبل. كما علينا أن نستشف مستقبل الغذاء في العالم من خلال الكثير من المعطيات القادمة الينا: فهذه الفلبين، احد اكبر منتجي الأرز في العالم، تطالب بتشكيل «أوبك الأرز» ليكون بمثابة «كارتل» عالمي يدعم مصالح منتجي هذه الحبة السحرية. ولا أستغرب أن يأتي يوم لنسمع فيه عن كارتلات من قبيل «أوبك اللحوم» أو«أوبك البطاطا» أو «أوبك القمح» أو غيرها الكثير. حقيقة الأمر إذا ما استمر الوضع الراهن على ما هو عليه الآن دون إيجاد البدائل، سيأتي لا محالة اليوم الذي ندفع فيه مقابل الطعام ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما ندفعه الآن، لكن اليوم الذي لن نجد فيه من يبيعنا الطعام سيكون قد اقترب كثيراً.!
safaa1971@yahoo.com |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news